هدى زوين تكتب: الأرجوحة التي لا تتوقف…

profile
هدى زوين إعلامية وصحفية من العراق
  • clock 18 مارس 2025, 1:08:10 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في قرية نائية يلفها الضباب، كانت هناك حديقة منسية لا يقترب منها أحد بعد حلول الظلام. في وسطها، بين الأشجار الميتة والمقاعد المهجورة، وقفت أرجوحة قديمة تتأرجح ببطء، كأن يدًا خفية تدفعها.

لم تكن الأرجوحة مهجورة دائمًا… ذات يوم، كانت مكانًا للضحك واللعب، حتى اختفت ليلى. الطفلة ذات الضفائر السوداء والعينين البريئتين كانت تأتي كل يوم لتلعب وحدها، تغني بصوتها العذب، وتؤرجح نفسها حتى تغيب الشمس. لكن في إحدى الليالي، لم تعد إلى المنزل. بحثت والدتها عنها في كل مكان، وحين وصلت إلى الحديقة، وجدت الأرجوحة تتحرك وحدها، وعلى الأرض، كان هناك دمٌ طازج…

مرت السنوات، وتحوّلت الحكاية إلى مجرد قصة يرويها كبار القرية لتحذير أطفالهم. لكن الحقيقة كانت أكثر ظلامًا مما قيل. لم تكن ليلى مجرد طفلة مفقودة… كانت شاهدة على شيء لا يجب أن تراه.

قبل اختفائها بأيام، كانت ليلى تخبر والدتها عن رجل غريب، يراقبها من خلف الأشجار. كانت تصفه بأنه رجل بلا وجه، بعينين فارغتين. لم يصدقها أحد، حتى جاءت تلك الليلة.

أقسم بعض كبار السن في القرية أنهم سمعوا صرخة مدوية قادمة من الحديقة تلك الليلة، لكنهم لم يجرؤوا على الاقتراب. وحين اختفت ليلى، قرر الجميع الصمت، وكأنهم يعلمون أن هناك شيئًا آخر يتربص في الظلام.

في إحدى الليالي، قرر أحمد وأصدقاؤه أن يثبتوا أن اللعنة مجرد خرافة. تحدَّى أحمد نفسه وجلس على الأرجوحة، بينما وقف أصدقاؤه بعيدًا، يراقبون ويصورون بهواتفهم.

مرّت لحظات دون أن يحدث شيء… ثم، فجأة، برد الهواء بشكل غريب. شعر أحمد بيد باردة تلامس ظهره. التفت بسرعة، لكن لم يكن هناك أحد.

ضحك أصدقاؤه، لكن أحمد لم يكن يمزح. في انعكاس شاشة هاتفه، رأى وجه فتاة صغيرة شاحبة، تقف خلفه، تميل رأسها، تحدق مباشرة في الكاميرا بابتسامة واسعة غير طبيعية.

"هل ستلعب معي؟"

ثم، في لحظة، اختفى كل شيء.

ركض أصدقاؤه إلى المكان، لكن لم يكن هناك سوى آثار أقدام صغيرة مبللة بالدماء، تقود إلى العدم. حاولوا البحث عنه، لكن دون جدوى.

في صباح اليوم التالي، وُجدت الأرجوحة تتحرك وحدها، والهاتف لا يزال يسجل. لكن حين شاهدت الشرطة الفيديو، توقفوا عن التحقيق فورًا. كان هناك شيء في اللقطات… شيء لا يجب لأحد أن يراه.

لكن من شاهد الفيديو، بدأ يسمع ضحكات خافتة في الليل.

ومنذ ذلك اليوم، لم يجرؤ أحد على لمس الأرجوحة مجددًا. لكنها لا تزال هناك، تتأرجح وحدها، كأنها تنتظر… من سيكون التالي؟

كلمات دليلية
التعليقات (0)