- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
هاشم عبدالعزيز يكتب : الاختيار .. ليوسف شاهين
هاشم عبدالعزيز يكتب : الاختيار .. ليوسف شاهين
- 2 يونيو 2021, 5:37:03 م
- 1056
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
ليوسف شاهين تجربة فريدة وخاصة في مسألة إنتاج المبدعين عقب الهزات النفسية العامة ؛ فالرجل المتهم دوما بالجنون والسايكو والغرابة كان أكثر المبدعين اتزانا عقب الهزة النفسية التي تعرض لها الإنسان المصري عقب نكسة يونيه ١٩٦٧ ؛ لقد انقلبت الآية وأخذ من كان يظن نفسه متزنا يعبر عن اضطرابه وانهياره النفسي في تلك المرحلة عبر أفلام لا معنى ولا قيمة لها وجهد يوسف شاهين يشرح فئات المجتمع ويعريها أمام نفسها بداية من فيلم الأرض مرورا بالاختيار حتى فيلم العصفور الذي يعد الأول تأسيسا للثاني والاثثنان يعملان على توضيح معنى الأخير رغم اختلاف الرمز و الثيمة و النوع .
يبدأ فهم يوسف شاهين لطبيعة ما حدث قبل وقوعه بسنوات أثناء تصوير فيلم الناس والنيل وذلك الصدام الذي وقع بينه وبين ما أسماهم "اللصوص الشرعيين" في فيلم العصفور اللذين أمسكوا المقص وأخذوا يقصقصون الجزء الروائي اللذي صوره يوسف شاهين كما سطوا على مجهوده الوثائقي اللذي صوره في أسوان عن السد العالي ليبتعد يوسف شاهين عن الساحة ويتركها لأولئك اللذين يصفقون للحاشية المسيطرة حد تورم الأيدي ثم يعود ويقدم تلك الأفلام الرائعة المذكورة أعلاه والذي كان الاختيار واحد منهم .
يصنف بعض النقاد فيلم الاختيار باعتباره فيلم من افلام الجريمة ويسكنه جزء آخر في خانة الافلام النفسية كما أن هناك صنفا ثالثا يمكننا أن نضيفه لنعتبر الاختيار فيلم مضمونه فلسفي بغض النظر عن الجلد الخارجي الذي يغطي جسم الفيلم .
اخذ النقاد على يوسف شاهين تقديم الاديب سيد عبد ربه الشهير بسيد مراد في صورة الشر والخبث كله وتوأمه محمود عبد ربه في صورة الخير والعبث كله ؛ فماذا لو قلنا إن يوسف شاهين اعتبر الاثنان شخصا واحدا لا شخصان منفصمان كما اوهمنا في بداية الفيلم على لسان معاون المباحث ؛ يحدث احيانا أن يعيش الانسان بصورتين وثلاثة وأربعة ثم يقتل الإنسان صورة تلو صورة حتى يقابل الإنسان الصورة التي يملأ عينها الا التراب والذي يعترف الإنسان في الاخير عبر انتهاء كل شيء أنها اقبح من الشيطان .
تلك الحيرة التي يقع فيها الإنسان وذلك التأرجح بين شهوة تسلق السلم عن طريق سماع الكلام وبين احترام الانسان لاعماق نفسه عن طريق العوم في بحر الحياة و الغوص في جدوى الكلام نفسه ..
أن جريمة الانسان لا تكمن في قتله لصورته الأخرى بقدر ما تكمن في ركونه إلى صورة واحدة فقيرة ومملة بمعنى أن لو حدث العكس وقتلت صورة محمود عبد ربه واستئصلت سيد عبد ربه لكانت جريمة أيضا ذلك أن في سيد خير بعيدا عن عاهاته التي تظهر في غيرته وتسلقه وتملقه وطمعه في شريفة وبهية والسلطة وحب الناس ؛ فالوطن يحتاج إلى الخير الذي ينام داخل كل الصور ويعوزه الفهم ايضا الذي يتجسد في معاون المباحث لا الغطرسة التي لدى المفتش فرج اللذي يتنحى في نهاية الفيلم ويعترف أن المعاون كان على حق أن سيد هو القاتل رغم المكانة الاجتماعية والمؤلفات الضخمة ولا يجب أن نظلم محمود دون دليل ثابت رغم ضبطه مخمورا أكثر من مرة والعبث اللذي يعيش فيه .
قولنا يا محمود ايه هي الحقيقة يا محمود
-الاخلاص مع النفس اولا .
والبحر يا محمود ؟
- البحر اخر ملاذ من حمورية الناس
والحرية يا محمود ؟
- انك تكون عبد للحقيقة بس
والحب يا محمود ؟
انا الذي احبك فانا المدين لك بكل شيء
يتبع .....