- ℃ 11 تركيا
- 14 نوفمبر 2024
نهله الدراجي تكتب: التقوقع الفكري
اليوم، أصبحنا نعيش في ما يُعرف بـ"فقاعات المعلومات" بيئات رقمية مغلقة تتكون من محتوى ومعلومات تتماشى مع آرائنا ومعتقداتنا المُسبقة. هذه الفقاعات تنشأ نتيجة للتفاعل بين تقنيات التكنولوجيا الحديثة والطبيعة البشرية للبحث عن التأكيد والمصادقة على وجهات نظرنا. لكن الانغماس في هذا التقوقع الفكري قد يحمل أخطارًا اجتماعية وفكرية كبيرة.
تميل فقاعات المعلومات إلى تعزيز التحيزات المعرفية لدينا، بما في ذلك التحيز التأكيدي الذي يدفعنا إلى البحث عن المعلومات التي تؤكد وجهات نظرنا الحالية... وهذا يؤدي إلى انغلاقنا على أنفسنا ورفض المعلومات التي تتحدى معتقداتنا، مما يحد من قدرتنا على التفكير النقدي والتعلم.
وتشكل فقاعات المعلومات حواجز اجتماعية تحول دون التفاعل البناء مع الآخرين. فبدلاً من التعرض لوجهات نظر متنوعة، نميل إلى الانخراط في محادثات مع أشخاص يشاركوننا نفس المعتقدات والآراء. هذا يقوض قدرتنا على التفاهم المتبادل والتسامح والتعايش السلمي.
وخير دليل أن ما نشهده اليوم من فقاعات المعلومات السياسية تؤدي بنا إلى تشديد المواقف السياسية والانقسام المجتمعي.
فالتعرض المتكرر للمحتوى السياسي المتطرف يُغذّي الآراء المتطرفة ويبعد الناس عن وجهات نظر معتدلة ومتوازنة. هذا قد يؤدي إلى تصاعد التوترات السياسية والاجتماعية في المجتمع.
إن الوعي بخطر فقاعات المعلومات هو الخطوة الأولى نحو التصدي لها.
من الضروري بمكان البحث عن مصادر موثوقة متنوعة للمعلومات، والتفاعل مع أشخاص ذوي آراء مختلفة، والممارسة المستمرة للتفكير النقدي.
فقط من خلال هذا النهج يمكننا تجنب الانغماس في فقاعات المعلومات والحفاظ على مجتمع أكثر انفتاحًا وتسامحًا.
ففي عالم اليوم المفعم بالمعلومات، علينا أن ندرك خطر الانغماس في فقاعات المعلومات وآثارها السلبية على تفكيرنا وتواصلنا الاجتماعي والمواقف السياسية التي نتبناها.. فمن خلال توسيع آفاقنا والتفاعل مع وجهات نظر مختلفة، سنتمكن من تجنب هذه المخاطر ونساهم في بناء مجتمع أكثر وعيًا وتسامحًا.