- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
نظام عالمي جديد.. 5 دوافع تقود تركيا نحو الانضمام إلى بريكس
نظام عالمي جديد.. 5 دوافع تقود تركيا نحو الانضمام إلى بريكس
- 27 يوليو 2023, 2:06:27 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلط الباحث في مركز الدراسات التركية بجامعة شنغهاي، نيكاتي ديميركان، الضوء على السيناريو المحتمل لانضمام تركيا إلى مجموعة "بريكس"، وهي تجمع للدول صاحبة أسرع نمو اقتصادي بالعالم، وهي: البرازيل وروسيا والهند والصين وجنوب أفريقيا، مشيرا إلى أن اجتماع وزراء خارجية المجموعة، في الأول من يونيو/حزيران الماضي، جذب الكثير من الاهتمام بسبب توسع المجموعة والتوجه نحو إنشاء عملة مشتركة.
وذكر ديميركان، في تحليل نشره بموقع "مودرن دبلوماسي" وترجمه "الخليج الجديد"، أن كل الأنظار حول العالم مركزة على قمة قادة بريكس المقررة بجوهانسبرج بجنوب إفريقيا في 22-24 أغسطس/آب، مشيرا إلى أن حصة بريكس في الاقتصاد العالمي تتزايد تدريجياً.
وأضاف أن بيانات صندوق النقد الدولي لعام 2020 تثبت أن حصة بريكس في الناتج المحلي الإجمالي العالمي بلغت 34%، بينما تبلغ حصة دول مجموعة السبع الكبرى في الناتج المحلي الإجمالي العالمي 29%.
وتتوقع العديد من المنظمات العالمية أن يستمر هذا الاتجاه بنفس الزخم في المستقبل، حتى تصل حصة دول بريكس في الناتج المحلي الإجمالي العالمي إلى 35% عام 2028، مقابل انخفاض حصة مجموعة السبع إلى 27.8%.
وتمثل دول بريكس 40% من سكان العالم (3.2 مليار شخص)، في حين تمثل مجموعة السبع السبع ربع هذا العدد (777 مليون شخص)، ما يعني أن مجموعة بريكس تمثل اقتصادًا أكبر وجمهورًا أوسع في العالم من مجموعة السبع.
وفي اجتماع لوزراء خارجية بريكس في يونيو/حزيران الماضي بكيب تاون في جنوب أفريقيا، شددوا على الحاجة إلى إعادة التوازن إلى العالم من خلال إنشاء نظام متعدد الأقطاب بعيدًا عن الغرب.
ويتوقع ديميركان أن يكون إلغاء دولرة التجارة عبر التجارة بالعملات المحلية وبناء عالم متعدد الأقطاب موضوعات رئيسية لقمة جوهانسبرج المقبلة.
وتنعقد قمة بريكس المقبلة في وقت يتزايد فيه منطق الحرب الباردة، وفي وقت تحاول فيه الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي زيادة العقوبات ضد روسيا والصين وتصعيد التوترات في منطقة المحيطين الهندي والهادئ، ما يعزز التوقعات بأن تتخذ القمة قرارات غير عادية.
نظام عالمي جديد
ومع اندلاع الأزمة المالية لعام 2008، أصبحت استدامة هيمنة الدولار على رأس جدول أعمال البلدان حول العالم، حيث تمكنت الولايات المتحدة من حل جميع الأزمات التي واجهتها باستخدام سلطتها على طباعة النقود مجانًا.
ومنذ عام 2010، تبحث دول بريكس عن طرق للتخلص من هيمنة الدولار الأمريكي، وأدى ارتفاع أسعار الفائدة في الغرب وأزمة حدود الديون الأخيرة بالولايات المتحدة إلى إثارة مخاوف بين الدول الأخرى بشأن ديونها المقومة بالدولار.
ويشير ديميركان إلى تسريع هذا التحول من خلال العقوبات المفروضة على روسيا، لافتا إلى أن القادة، في قمة منظمة شنغهاي للتعاون (SCO)، عبروا عن رغبتهم في إلغاء هيمنة الدولار.
ويضيف أن قيمة بريكس المقبلة يمكن أن تمثل نهاية عهد الدولار الأمريكي الذي دام 80 عامًا، منوها إلى أن التجارة بالعملات المحلية جارية بالفعل داخل بريكس بشكل جيد.
فعلى سبيل المثال، يتم إجراء 80% من التجارة بين الصين وروسيا بالروبل واليوان، وفي تجارة روسيا مع الهند، يتم استخدام الروبية والروبل لشراء الطاقة.
وهنا يلفت ديميركان أن دول بريكس، تستعد، في قمة جوهانسبرج، لإدخال عملة جديدة مدعومة بالذهب، على عكس الدولار الأمريكي المدعوم بالائتمان، مشيرا إلى أن كل قوة صاعدة في العالم تبني نظامًا عالميًا بمؤسساتها وعملتها الخاصة، وأن صعود دول بريكس سيؤدي إلى ظهور مؤسسات جديدة في صدارة النظام العالمي الجديد.
ويؤكد الباحث التركي أن الهيكل اللازم لذلك موجود بالفعل في دول بريكس، إذ تم إطلاق آلية التعاون بين بنوك المجموعة عام 2010 لتسهيل المدفوعات عبر الحدود بالعملات المحلية، وتعمل دول المجموعة على تطوير نظام الدفع "بريكس" للمعاملات فيما بينها دون الحاجة إلى تحويل عملتها المحلية إلى دولارات.
وينوه ديميركان إلى وجود حديث عن عملة مشفرة في مجموعة بريكس وسط اقتراحات لمواءمة تطوير تلك العملات لتعزيز قابلية التشغيل البيني والتكامل الاقتصادي، خاصة أن العديد من البلدان حريصة على الانضمام إلى بريكس، ومنها السعودية ومصر.
انضمام تركيا المحتمل
وفي السياق، تعتبر تركيا دولة مهمة في التنمية العالمية، وتلعب دورًا مهمًا في السعي إلى تطوير العلاقات مع الدول النامية في البلقان وأفريقيا وآسيا الوسطى والعديد من أنحاء العالم الأخرى، ما انعكس تأثيره حتى في حفل تنصيب الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.
فقد حضر الحفل قادة دول من فنزويلا إلى الدول الأفريقية ومن دول البلقان إلى الدول التركية في آسيا الوسطى، ما يدل على أن تركيا دولة رائدة بين الدول الإسلامية والتركية في العالم. ويرى ديميركان أن تركيا تستحق أن تكون رائدة قوية في النظام العالمي متعدد الأقطاب، مشيرا إلى أن انضمامها إلى بريكس سيمنحها ميزة كبيرة.
ومنذ عام 2015، ظلت علاقات تركيا مع الولايات المتحدة وحلف شمال الأطلسي في طريق مسدود بشأن قضايا، بينها سوريا والنزاع على السيادة البحرية شرقي البحر الأبيض المتوسط وإبرام صفقة صواريخ مع روسيا، ومع تنامي نفوذ دول بريكس ودورها في النظام العالمي، سيكون انضمام تركيا بمثابة اكتساب لمكانة قوية في النظام الدولي الجديد.
ليس من قبيل المصادفة أن الرئيس الفرنسي، إيمانويل ماكرون، يريد حضور قمة بريكس. إنه انعكاس لرغبة فرنسا في البحث عن مكان لها في نظام عالمي جديد ناشئ.
ويعزز ذلك انحياز تركيا إلى زيادة التجارة بالعملات المحلية، إذ تعتبر حتى واحدة من الدول الرائدة في هذا الصدد.
ووفقًا لتقرير صندوق النقد الدولي لعام 2022، فإن 33% من الاحتياطيات الوطنية التركية هي احتياطيات غير تقليدية، إذ تتزايد حصة البلاد من اليوان والروبل في تجارتها مع روسيا والصين.
5 دوافع للانضمام
وبحسب ديميركان، فإن 5 دوافع تقف وراء إمكانية انضمام تركيا إلى بريكس، أولها أن المجموعة تمثل اتحادا للدول النامية، ما يعني احتياج تركيا لها من أجل تطوير صناعتها واقتصادها.
ويتمثل الدافع الثاني في تأييد دول بريكس لنظام عالمي متعدد الأقطاب، وهو ما شدد الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، على الحاجة إلى إقامته بقوله: "العالم أكبر من 5"، في إشارة إلى الدول الخمس دائمة العضوية بمجلس الأمن الدولي.
اتحاد الدول المنتجة هو الدافع الثالث لتركيا نحو بريكس، حسبما يرى ديميركان، مشيرا إلى أن الأزمة الاقتصادية الحالية في تركيا ترجع إلى نقص الإنتاج، ولذا تحتاج تركيا إلى التحرك نحو توسيع قادتها الإنتاجية عبر الانضمام للمجموعة.
ويتمثل الدافع الرابعة لتركيا نحو الانضمام لبريكس في أن جميع دول المجموعة لها تاريخ مع الاستعمار، وبالتالي فهي تعد اتحادا للدول المضطهدة، بحسب ديميركان، مشيرا إلى أن "تركيا لم تكن أبدًا دولة إمبريالية منذ الإمبراطورية العثمانية، لكنها دولة مضطهدة تعرضت للقمع والاستغلال" حسب تعبيره.
أما الدافع الخامس، فيتمثل في اقتصادات دول بريكس، التي تتميز بالديناميكية وتميل إلى النمو، فضلا عن تمتع تركيا يديموغرافية شابة.
ويخلص ديميركان إلى أن تركيا تشترك في "القيم" مع دول بريكس وتستحق أن تكون الدولة السادسة الرائدة في صلب المجموعة، بسبب طابعها المتناغم بين الغرب والشرق ومكانتها التاريخية كقائدة في العالم الإسلامي.