- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
ناشونال إنترست: استراتيجية الأسد لاستعادة نفوذه تمر عبر لبنان
ناشونال إنترست: استراتيجية الأسد لاستعادة نفوذه تمر عبر لبنان
- 6 مارس 2023, 9:42:19 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
"إذا ما تمكن بشار بشار الأسد من التمتع بيد قوية في لبنان، فسيمكنه هذا من استعادة نفوذه في المنطقة بشكل أقوى، كما أن عودة سوريا المحتملة للجامعة العربية، لن تقوي سلطة الأسد في سوريا فحسب، إذ إنها ستعيد تقوية موقفه في بيروت أيضا".
هكذا يؤكد تحليل نشرته مجلة "ناشونال إنترست"، وهو يقول: "يبدو أن استعادة السيطرة السورية على لبنان هي الخطوة القادمة المنتظرة من رئيس النظام السوري، بعد أن بدأ التطبيع العربي معه يتقدم بسبب تداعيات كارثة الزلزال".
ومنذ وقوع الزلزال تلقى الأسد سيلا من الاتصالات المتضامنة من قادة وملوك ورؤساء عرب، واستقبل موفدين أمميين، وهبطت في مطارات بلاده مئات الطائرات محملة بمساعدات للمناطق المتضررة.
واستغل الأسد كذلك، ورحب بزيارة دبلوماسيين من دول عربية زاروا مناطق متضررة، وبعد أن كانوا يرون في شخص الأسد مشكلة بقمعه الوحشي لشعبه، أصبحوا يرون فيه جزءا من الحل لأمن المنطقة.
ويرى التحليل الذي ترجمه "الخليج الجديد"، أن الأسد قد يجد في التضامن الواسع معه إثر الزلزال "فرصة" لتسريع تطبيع علاقاته مع محيطه الإقليمي، قبل أن يطرح سؤالا أساسيا: "كيف سيستخدم الأسد هذه الزيادة الجديدة في الشرعية لتقوية يده في لبنان المجاور؟".
ويجيب التحليل: "قد يبدو هذا اقتراحًا سخيفًا نظرًا للظروف المحيطة، فلا يزال الأسد يحاول التعافي تمامًا من أكثر من عقد من الحرب الأهلية التي دمرت البنية التحتية لبلاده وشردت ملايين السوريين، داخليًا وخارجيًا، ومع ذلك، فإن الفكرة لا تخلو من المنطق تمامًا، حيث إن لدى الأسد طرقًا للتلاعب بالأحداث في لبنان لصالحه، بطريقة قد تكون جزءًا من استراتيجية طويلة المدى لتصبح الشخصية المهيمنة في بلاد الشام".
ورغم ضعف النظام وجيشه، لكن أقوى أدوات سيطرة آل الأسد على لبنان مازالت قوية، بل ازدادت قوة.
فالأسد لديه حلفاء لبنانيون يتنافسون على المنصب الرئاسي الشاغر، بعد أن أتم حليفه ميشال عون ولايته، التي استمرت 6 سنوات، في أكتوبر/تشرين الأول عام 2022.
وأحد هؤلاء الحلفاء سليمان فرنجية، زعيم حركة المردة السياسي المسيحي الماروني الذي ينحدر من بلدة زغرتا، شمالي لبنان، والصديق المقرب للأسد، حيث تعود علاقة فرنجية مع عائلة الأسد إلى طفولته.
فخلال عام 1975، وجد لبنان نفسه عالقاً في حرب أهلية دامية، سببتها الانقسامات الطائفية والمسلحون الفلسطينيون في البلاد.
ومع احتدام القتال، ناشد الرئيس آنذاك سليمان فرنجية (جد سليمان الحالي)، حافظَ الأسد، التدخل إلى جانب الحكومة واليمين السياسي اللبناني ضد اليساريين اللبنانيين ومنظمة التحرير الفلسطينية.
واستجابت سوريا في إطار قوة حفظ سلام عربية كبيرة، الجزء الأكبر منها من السوريين، وظلت في البلاد كقوة محتلة حتى اغتيال رئيس الوزراء رفيق الحريري عام 2005.
ويشير التحليل إلى أن الحفيد فرنجية ليس خيار الأسد فقط، بل إنه أيضا المرشح الرئاسي المفضل "غير المعلن" لحزب الله.
وكان رئيس النظام السوري قد قال في مقابلة أجراها، في نوفمبر/تشرين الثاني الماضي، إن لبنان "هو الجناح الرئيسي لسوريا"، مشيرا إلى أن "حزب الله حليفه الاستراتيجي"، ولهذا فإن وجود حزب الله وفرنجية قد يمنح الأسد النفوذ الذي يحتاجه لتأمين نظامه لسنوات عديدة مقبلة، بحسب ما يراه التحليل.
يشار إلى أنه قبل اندلاع النزاع عام 2011، كانت سوريا من أبرز داعمي "حزب الله" المدعوم من طهران وشكلت ممرا لسلاحه وعتاده.
ومنذ أبريل/نيسان 2013، يقاتل الحزب بشكل علني إلى جانب قوات النظام، حيث شارك تدخُّله المباشر في ترجيح كفة القتال لصالح دمشق على جبهات عدة.
لكن الأسد لا يزال يحكم بلداً مُدمَّراً، يحتاج إلى المال لإعادة إعماره، وجيشه منهك بعد حرب كاد يهزم فيها أمام المعارضة المتشرذمة لولا دعم روسيا وإيران والميليشيات التي جمعتها من كل أنحاء العالم الشيعي.
كما أن النظام لا يزال يرزح تحت عقوبات قانون قيصر الأمريكي الذي لا يبدو أنه سيُرفع في أي وقت قريب، رغم أنه صدر قرار من واشنطن بتخفيف العقوبات لتوصيل المساعدات للمتضررين من الزلزال.
يقول جوشوا لانديس في مقابلة مع المجلة: "الكثير من جماعات الضغط تعمل مع البيت الأبيض والكونجرس، لتقييد رفع العقوبات المفروضة على سوريا بعد الزلزال، إذ يخشى جزء كبير من المعارضة السورية، والجماعات الموالية لإسرائيل في واشنطن، من إمكانية رفع العقوبات بشكل دائم".
لكن الحكومات العربية، حسب لانديس، ترى في ذلك "فرصةً لتستمر في انفتاحها على دمشق وحدها، والكثير سيتوقف على الطريقة التي سيستجيب بها الأسد لها، وما إن كان على استعداد للتفاهم معها".
فلو أن الأسد مستعد للتعاون مع دول الخليج، وتقديم تنازلات سياسية محدودة قد ترفع العقوبات تماماً، ومع احتمال أن يصبح صديق الأسد فرنجية الرئيس في بيروت، فقد يجد رئيس النظام السوري نفسه مرة أخرى صاحب نفوذ قوي في شؤون لبنان.
ووفق التحليل، يشير التاريخ الذي يعود لنحو 5 عقود مضت، إلى أن السيطرة السورية على لبنان أو بالأحرى سيطرة آل الأسد على لبنان، لم تعتمد يوماً على المال، وذلك عكس القوى الخارجية الأخرى التي كانت تنشر نفوذها في لبنان عبر المال والأدوات الثقافية والأيديولوجية بالأساس.
ولكن نظام آل الأسد كان له دوماً أساليب أخرى، غير المال، بل على العكس كان النظام يأخذ المال من اللبنانيين، ولكن ينشر نفوذ مستغلاً إحاطة سوريا جغرافياً بلبنان من كل الجهات ما عدا الجنوب (لبنان لا يستطيع تصدير منتجاته عبر البر إلا عن طريق سوريا).
كما كان يعتمد على التأثير الجغرافي والاجتماعي والأمني الكبير لدمشق على لبنان، خاصةً في البقاع والشمال (حيث تتشابه المكونات الاجتماعية بالبلدين).
ولكن الأهم هو أساليب الضغط والتخويف العسكرية والأمنية والاستخباراتية التي يجيدها النظام السوري بطريقة لا يُضاهي فيها أحد.
وإضافة إلى ذلك، فإن حلفاء نظام الأسد ينتشرون في أوساط الطوائف اللبنانية، بدرجات متفاوتة في الكثافة والعدد، ولكنها متشابهة في مقدار الولاء.