- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
ميخائيل ميلشتاين يكتب: إسرائيل تقف أمام عملية تسخين جبهة إضافية
ميخائيل ميلشتاين يكتب: إسرائيل تقف أمام عملية تسخين جبهة إضافية
- 27 أغسطس 2024, 4:03:36 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
حملة ضد "بؤر الإرهاب" في طوباس؛ اغتيال 4 "مخربين" من "حماس" في جنين، اثنان منهم مسؤولان عن قتل يونتان دويتش قبل نحو أسبوعين؛ اغتيال قائد تنظيم "حماس" في بلاطة؛ مقتل جدعون بيري في المنطقة الصناعية "براون" على يد عامل فلسطيني؛ إخلال بالنظام من المستوطنين اليهود في قرية جيت، قُتل خلاله فلسطيني؛ وانفجار عبوة ناسفة كبيرة في تل أبيب، حملها "مخرب" من منطقة نابلس - هذه أحداث الأسبوعَين الماضيَين في الضفة الغربية، ولم يتم التركيز عليها بسبب التركيز على غزة ولبنان وإيران. لكن، على طريقة قصة الضفدع في الطنجرة، هناك كلام عن تسخين تدريجي يمكن أن يصل إلى انفجار في نهاية المطاف.
١. إشعال الميدان
هناك 3 عوامل متشابكة تدفع في اتجاه تصعيد العمليات في الضفة الغربية، والتي بدأت قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر، وتسارعت نتيجة ذلك. الأول، الجهود المتنامية التي تبذلها حركة "حماس" لإشعال المنطقة وتعزيز مكانتها في الضفة. مَن يقود هذه الجهود زاهر جبارين، قائد "حماس"في الضفة، الذي عُيّن في هذا المنصب بعد اغتيال صالح العاروري في كانون الثاني/يناير الماضي.
وكما هي حال السنوار والعاروري، فإن جبارين أيضاً كان أسيراً فترة طويلة في السجن (تم الحكم عليه بالسجن المؤبد سنة 1993، وتحرر في صفقة شاليط)، يتحدث باللغة العبرية، وعلى دراية بأسرار المجتمع الإسرائيلي. يعمل اليوم من تركيا، ويُعتبر المموّل الأول للحركة، ويسيطر على شبكة من الشركات العقارية وجمع الأموال.
جبارين يريد أن يثبت أنه ليس أقل شأناً من سلفه، ويريد أن تساهم الضفة الغربية في النضال القومي، رداً على الانتقادات الداخلية بسبب عدم اشتعال انتفاضة ثالثة تخفف عن غزة المنهكة. لقد قال قبل شهر إن "الضفة هي الخاصرة الرخوة لإسرائيل"، وأن "المقاومة هناك يمكن أن تفرز أنواعاً جديدة من الجهاد. جميع استطلاعات الرأي تشير إلى أن الفلسطينيين في الضفة الغربية يفضلون الكفاح المسلح، وهو ما كان واضحاً في الانتفاضتَين الأولى والثانية".
بحسب الضابط يوفال بيتون، رئيس قسم الاستخبارات السابق في مصلحة السجون، فإن "طموحه إلى الخروج من الشخصية الضبابية، والإثبات أنه قائد لديه قدرات، يلخصان قصة حياة جبارين". ويضيف أن "جبارين لم يكن يوماً قائداً بارزاً في أوساط الأسرى. يتم التعامل معه كقائد تكتيكي جاء من المناطق المهمشة (بلدة سلفيت)، ومن الممكن أن يكون قد تم اختياره نائباً للعاروري لأنه لم يعتبره تهديداً. وهو يستمد قوته من أنه كان في طليعة الذين انضموا إلى الذراع العسكرية للحركة في الضفة، ومن أنه الرجل الذي جنّد يحيى عياش. والآن، بعد أن وجد نفسه في المقدمة في أعقاب اغتيال العاروري، يريد أن يثبت أنه قائد قدير".
٢. إيران تحاول تسخين الساحة
العامل الثاني الذي يساهم في تسخين الضفة الغربية هو إيران، التي تعمل قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر على إشعال المنطقة، عبر تمويل وتشجيع البنية التحتية المحلية وإغراق الضفة بالسلاح. إن "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري يدفع بجهود جدية من أجل تهريب السلاح من سورية إلى الضفة الغربية، عبر الأردن، وضمنها عبوات ناسفة قوية وألغام، وأيضاً قاذفات RPG. بعض هذه الأسلحة يصل إلى "المنظمات الإجرامية العربية"، في إسرائيل، وهي أيضاً جهة تحاول إيران تحريضها.
قبل 7 تشرين الأول/أكتوبر بثلاثة أشهر، أعلن أمين عام حركة الجهاد الإسلامي الفلسطيني زياد النخالة أنه: "يتم اتخاذ إجراءات وبلورة خطط لتسليح الضفة من أجل التوصل إلى تحوّل استراتيجي، عبر تهريب السلاح وشرائه من جهات في إسرائيل. إن الهدف هو التحول من الهدوء إلى المقاومة". وفي أعقاب التهديد المتصاعد، على الجيش أن يقرر في الأيام القريبة، ما إذا كان سيخصص كتيبة جديدة تنتشر على الحدود الأردنية.
إن جهود "حماس" وإيران تغيّر الواقع في الضفة الغربية. قوات الجيش التي تعمل في بلدات شمال الضفة تواجه تنظيمات قادرة على إدارة قتال في مناطق آهلة، وتفعّل عبوات ناسفة، قوتها غير مسبوقة في المنطقة. ومع تصاعُد التهديد، الجيش أيضاً يصعّد. وهو ما جرى مع توسيع عمل المسيّرات التي امتنعت إسرائيل من استعمالها في الضفة طوال 17 عاماً، وبدأت باستعمالها منذ صيف 2023. ومنذ 7 تشرين الأول/أكتوبر حتى اليوم، تم اغتيال 570 "مخرباً" في الضفة، 70% منهم من شمالها، ونحو 100 منهم اغتيلوا عبر القصف الجوي، أغلبيتهم المطلقة في شمال الضفة.
إن بنى "الإرهاب"، وبصورة خاصة تلك التابعة لـ"حماس"، تتميز بالجرأة والتنظيم والذكاء، أكثر كثيراً مما كان سابقاً. وتدفع أيضاً بعمليات ضد أهداف عسكرية ومدنية في الضفة، وضد بلدات خط التماس، وفي الوقت نفسه، يتم استنساخ نماذج غزية، كتصنيع القذائف، وأيضاً التخطيط لاختراق البلدات الإسرائيلية.
العملية في تل أبيب التي يمكن أن تكون موجهة من "حماس" في الخارج، من المحتمل أن تشير إلى عودة تصدير "الإرهاب" إلى قلب البلد. تمرّ الضفة بحالة تحوّل إلى نموذج جنين، وينتشر هذا من "عاصمة الإرهاب" نحو الجنوب - نابلس، وطولكرم وأريحا.
٣. ضعف السلطة
العامل الثالث الذي يدفع إلى التدهور هو ضعف السلطة [الفلسطينية] الذي ينبع من عاملين: الصورة الداخلية كمؤسسة ضعيفة لا تؤثر في سير الأمور في السياق الفلسطيني الذي تقوده "حماس"؛ والقيود التي تفرضها إسرائيل (تقليص أموال المقاصة وعدم دخول العمال) التي تجعل عمل السلطة اليومي أصعب، وتساهم في خلق أزمة اقتصادية. ولذلك، تصبح الثقة بالنفس والدافع المتدني أصلاً إلى فرض القانون أقل، وهو ما يؤدي إلى فقدان تدريجي للسلطة في الميدان، في الأساس في شمال الضفة. وكمثال لذلك، المحاولة الفاشلة التي قامت بها السلطة، قبل 3 أسابيع، لاعتقال أبو شجاع (محمد جبر)، قائد كتيبة طولكرم في الجهاد الإسلامي الذي كان يتلقى العلاج في مستشفى في المدينة، بعد أن أصيب جرّاء محاولة اغتيال إسرائيلية. القوات الفلسطينية دخلت إلى المبنى، وكان هناك عدد كبير من الناس الغاضبين الذين هرّبوا المطلوب، وحملوه على الأكتاف في مسيرة.
حركة "فتح" أيضاً، الحزب الحاكم في السلطة، تمرّ بحالة تفكك مسرعة الآن. وهذا المسار ينعكس على نموّ ظاهرة الميليشيات المحلية التي لها علاقة بالحركة، كما يبدو، لكنها تتصرف كجماعات مع طابع إسلامي متطرف. التعبير الأفضل عن هذا هو الفيديو الذي نُشر قبل أسبوعين عن تنظيم "الرد السريع" من مخيم اللاجئين في طولكرم، ويعلن فيه أحد قادته التالي: "سنسير في درب الشهداء حتى تحرير فلسطين، هذا هو الجهاد الذي يهدف إلى النصر، أو الشهادة". كما أن "ميليشيات فتح" تتعاون مع جهات في "حماس" والجهاد الإسلامي في عدة مناطق، وخاصة في جنين وطولكرم.
لقد نجحت إسرائيل مدة 10 أشهر في حفظ الاستقرار النسبي في الضفة، إلّا إن الأمور تتصاعد الآن، وهناك احتمال أن تتحول إلى جبهة إضافية. التحذيرات التي تم عرضها قبل الحرب أيضاً، تبيّن أنها غير دقيقة، وهو ما أدى إلى رواية تشبه رواية "الذئب والراعي". إن الشكوك الضرورية بعد 7 تشرين الأول/أكتوبر تتطلب النظر بحذر ثاقب إلى الضفة. يبدو أن المعادلة الأساسية - الاستقرار الاقتصادي وعمل السلطة وارتداع المجتمع وجهود الجيش - التي منعت حتى اليوم سيناريو الرعب بشأن انتفاضة ثالثة، تتزعزع بوتيرة متصاعدة، وهو ما سيولد تحدياً استراتيجياً حاداً قريباً. وهذا، في الوقت الذي يتوجب على إسرائيل إنهاء معركة الاستنزاف في الشمال والجنوب، والتركيز على التهديد الإيراني.
يديعوت أحرونوت