- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
موجة لقاءات وزيارات.. لعبة الشطرنج الشرق أوسطية بين بايدن وبوتين
موجة لقاءات وزيارات.. لعبة الشطرنج الشرق أوسطية بين بايدن وبوتين
- 21 يوليو 2022, 3:52:55 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
في الأيام الماضية، شهد العالم لعبة شطرنج مثيرة للغاية في الشرق الأوسط بين رئيسي الولايات المتحدة وروسيا "جو بايدن" و"فلاديمير بوتين"، حيث قام كل منهما برحلة مهمة إلى المنطقة.
ووفقًا للبيت الأبيض، فإن زيارة الشرق الأوسط كانت إشارة مهمة على أن "الولايات المتحدة لن تسلم المنطقة لروسيا والصين". أما بالنسبة لروسيا، فقد حاولت التمسك بالنفوذ الذي بنته في المنطقة خلال السنوات الماضية.
مناهضة واضحة لروسيا
في الفترة من 13 إلى 16 يوليو/تموز الجاري، زار "بايدن" إسرائيل والضفة الغربية والسعودية، والتقي رؤساء 9 دول عربية على ساحل البحر الأحمر، كجزء من أول جولة له في الشرق الأوسط خلال رئاسته.
وفي إفادة للبيت الأبيض، قال "سوليفان" مساعد الأمن القومي لـ"بايدن" إن زيارة الرئيس الأمريكي إلى الشرق الأوسط تتمحور حول أمن الطاقة في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا. لكن الرئيس الأمريكي نفسه أكثر شمولا عندما أشار إلى أهداف زيارته في 10 يوليو/تموز الجاري، والتي تتلخص جميعها في مواجهة روسيا والصين من أجل جعل الولايات المتحدة "في وضع أفضل".
وأشار "بايدن" إلى أنه لن يطلب من السعودية وحدها زيادة إنتاج النفط لكنه سيدعو جميع دول الخليج العربي للقيام بذلك.
ومن أجل نجاح الخطط الأمريكية لمواجهة روسيا والصين، تحتاج الولايات المتحدة إلى مساعدة شركاء الشرق الأوسط في مختلف المجالات بما في ذلك الطاقة والأسلحة. ومن أجل ذلك، فضل "بايدن" أن يغير موقفه من ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان".
ويبدو أن موضوعات حقوق الإنسان أصبحت غير مهمة الآن في واشنطن، حيث وضع البيت الأبيض لنفسه مهمة أكثر إلحاحًا، وهي المواجهة العالمية مع روسيا.
لكن تحديد "بايدن" أهداف معادية لروسيا ستكون "إحراجًا كبيرًا" بالنسبة له لأن السعودية سيتعين عليها الحصول على موافقة تكتل "أوبك+" (الذي يشمل روسيا) لزيادة إنتاج النفط.
وفيما يتعلق بإقناع الشركاء العرب بزيادة إنتاج النفط، فضلاً عن الانضمام إلى العقوبات المناهضة لروسيا، يجب ألا ننسى أنه منذ بداية حرب أوكرانيا، حاولت الولايات المتحدة مرارًا الضغط على قادة المنطقة لكنهم لم ينفذوا الطلب الأول ولا الطلب الثاني.
وغادر "بايدن" السعودية دون الحصول على التزام ثابت منها بزيادة إنتاج النفط، وفق ما ذكرته وكالة "بلومبرج"، وأصر الوزراء السعوديون في بياناتهم على أن أي قرارات في السياسات سوف تتخذ بناء على منطق السوق، داخل تحالف "أوبك+".
ويأتي هذا على الرغم من أن "بايدن" ذكر أن المسؤولين السعوديون توافقوا معه على "الحاجة الملحة" لزيادة إمدادات النفط، وأنه يتوقع "المزيد من الخطوات في الأسابيع المقبلة".
روسيا تكتسب نفوذًا أكبر
بعد أيام من زيارة "بايدن"، زار الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" طهران في 19 يوليو/تموز الجاري، حيث شارك في قمة ثلاثية مع الرئيس الإيراني "إبراهيم رئيسي" والرئيس التركي "رجب طيب أردوغان"، في إطار عملية أستانة. وأجرى "بوتين" اجتماعات ثنائية مع كل من "رئيسي" و"أردوغان".
يجتمع رؤساء روسيا وتركيا وإيران سنويًا وفقًا لتقليد تطور منذ عام 2017 لمناقشة الوضع في سوريا، وتنتقل منصة التفاوض باستمرار من عاصمة إلى أخرى، وكان من المفترض أن يعقد الاجتماع في طهران في مارس/آذار 2020، لكن تم إجراؤه عبر "الفيديو كونفرنس" بسبب جائحة فيروس "كورونا".
وفي عام 2021، لم يتم عقد هذا الاجتماع على الإطلاق. من المحتمل أن يكون هذا بسبب انشغال الإيرانيين بانتخابات الرئاسة في يونيو/حزيران من هذا العام، وما أعقبها من تغيير في الحكومة والإدارة.
لكن نظرًا للعملية العسكرية الجديدة التي تخطط لها أنقرة في شمال سوريا، والتي يمكن أن تغير ميزان القوى في البلاد، كان من المستحيل تأجيل الاجتماع الثلاثي هذا العام.
وكان هناك سبب آخر لضرورة عقد اجتماع طهران الآن، ويتمثل في تزايد حدة الهجمات الإسرائيلية على الأراضي السورية وسط تقارير عن تصعيد في الوجود الإيراني في سوريا. في الوقت نفسه، بدأ الإسرائيليون في اتهام الجيش الروسي علنًا بمنح الإيرانيين الكثير من حرية العمل، بالرغم أن دمشق وطهران تعتقدان أن روسيا كان بإمكانها التصدي للضربات الإسرائيلية بشكل أقسى. ويشار إلى أن هذه التصرفات الإسرائيلية تتم على خلفية تزايد النشاط الأمريكي في سوريا.
ورأى العديد من الخبراء أن اجتماع طهران كان فرصة لـ"بوتين" لتعزيز علاقات روسيا مع تركيا وإيران من أجل مواجهة العقوبات الغربية.
مع الأخذ في الاعتبار الرغبة القوية التي أبدتها عدة دول مؤخرا للانضمام إلى "بريكس" و"منظمة شنجهاي للتعاون" (سيتم قبول إيران في منظمة شنجهاي للتعاون هذا العام)، فإن اجتماع طهران يحاول إلقاء الضوء على إمكانية تشكيل محور جديد في العلاقات الدولية.
وكما قال وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف" في وقت سابق عقب محادثات مع نظيره الإيراني "حسين أمير عبداللهيان"، فستكون طهران قادرة على لعب دور مهم في أنشطة "منظمة شنجهاي للتعاون" كأحد المرتكزات الرئيسية لتشكيل نظام عالمي جديد.
وبالنظر لنموذج دول "بريكس" و"منظمة شنجهاي للتعاون" في السعي لإنشاء الأساس لنظام عالمي جديد، أصبح من الواضح اليوم لعدد متزايد من البلدان أن الولايات المتحدة والغرب لا يحاولان مساعدة البلدان النامية بل تقييدها، ويمكن أن يؤدي ذلك إلى صدام بين أمريكا و 6 مليارات شخص بالإضافة إلى نصف الاقتصاد العالمي.
باختصار، بينما حاولت زيارة "بايدن" التأكيد على هيمنة الغرب والحد أكثر من تصرفات موسكو وبكين، فإن رحلة "بوتين" حاولت التأكيد على أنه يصعب تجاوزها وعلى إمكانية تعزيز الاقتصاد والتعاون السياسي داخل "بريكس" و"منظمة شنجهاي للتعاون"، وكذلك بين ما يمكن تسميته محور روسيا وتركيا وإيران.
المصدر | فلاديمير أودينتسوف | نيو إيسترن أوتلوك