مفاوضات فيينا واتفاق 2015.. سياقات متباينة وتفاعل خليجي مختلف

profile
  • clock 5 يناير 2022, 5:53:20 م
  • eye 570
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

تستمر بالعاصمة النمساوية فيينا محادثات الجولة الثامنة من مفاوضات إحياء الاتفاق النووي الإيراني وسط زخم كبير في تحركات الوفود المفاوضة. ومع ذلك، من غير المرجح أن يتم التوصل إلى اتفاق يعالج مخاوف الطرفين في هذه المرحلة.

وتسعى طهران إلى إقناع الولايات المتحدة بضرورة رفع العقوبات باعتبار أن ذلك أمر حيوي بالنسبة للنظام. ومع ذلك، ما لم تشعر واشنطن أن طهران لن تظهر تعاونا حقيقيا وتقدم تنازلات من أجل إحياء اتفاق عام 2015، فلن تستجيب الولايات المتحدة للمطالب الإيرانية.

ولم تجلب حملة "أقصى ضغط" التي شنها الرئيس "دونالد ترامب" أي تغيير جوهري في سلوك طهران. وبدلاً من ذلك، دفعت عقوبات "ترامب" طهران إلى المضي قدماً في برنامجها النووي. ومع ذلك، لا يمكن للرئيس "بايدن" رفع العقوبات ببساطة حيث سينظر منتقدوه إلى مثل هذه الخطوة على أنها ضعف في مواجهة القدرات النووية الإيرانية المتزايدة.

بعبارة أخرى، سيكون سلوك طهران المستقبلي هو العامل الرئيسي في تحديد إلى أي مدى ستتمكن إدارة "بايدن" من المضي قدمًا في تخفيف العقوبات.

وبالنسبة لـ"بايدن"، فإن العودة إلى الاتفاق هي الطريقة الأكثر فاعلية لمنع إيران من امتلاك أسلحة نووية. ومع ذلك، لا تريد واشنطن أن تبدو إيران كأنها تقود المفاوضات. وفي هذه المرحلة، يحاول كل طرف تحقيق أقصى استفادة من المحادثات. وفي الواقع، كرر بعض مسؤولي إدارة "بايدن" التهديد الضمني أن الولايات المتحدة ستسعى إلى "خيارات أخرى" إذا فشلت الدبلوماسية.

وقال "دانيال سرور"، مدير برنامج إدارة الصراع في كلية "جونز هوبكنز" للدراسات الدولية المتقدمة: "يحاول الأمريكيون الإشارة إلى أنهم مستعدون للابتعاد عن المفاوضات من أجل استحضار مزيد من النفوذ في التفاوض". وأضاف: "ليس من الواضح إذا كان هذا يعني المزيد من العقوبات أو العمل العسكري (وهو ما تعتقد طهران أنه غير وارد) ولن يكون الخيار الأخير مفيدا لدول الخليج خاصة (قطر وعمان والإمارات) التي تقوم بالكثير من الأعمال التجارية مع إيران كما تقع في نطاق الصواريخ والطائرات بدون طيار الإيرانية.

وتابع "سرور": "في المقابل، تسعى طهران لمواصلة عمليات التطوير في برنامجها النووي باعتباره ورقة الضغط الرئيسية لديها، وهذا ليس جيدًا للخليج أيضًا".

سياسات خفض التصعيد لدول مجلس التعاون الخليجي والاتفاق

يختلف تفاعل دول الخليج مع استئناف محادثات فيينا عن رد فعلها على توقيع الاتفاق النووي في عام 2015.

وعندما سهلت عمان محادثات سرية بين الولايات المتحدة وإيران قبل الكشف عن الاتفاق، لم تكن دول مجلس التعاون الخليجي الأخرى مثل السعودية على علم بالمحادثات التي مثلت صدمة بالنسبة لهم. ويعتقد السعوديون، الذين عارضوا الاتفاق، أن الصفقة كانت تفيد إيران اقتصاديًا ولا تمنعها من امتلاك سلاح أو برنامج نووي. ومع ذلك، فإن دول الخليج توقعت هذه المرة أن تجري هذه المحادثات غير المباشرة بين واشنطن وطهران، بالنظر إلى موقف "بايدن" الواضح من الاتفاقية.

وقال رئيس قسم الشؤون الدولية في جامعة تكساس "جريجوري جوز": "لم تتفاجأ دول الخليج بالمفاوضات، كما كان الحال في إدارة أوباما.. هذا فرق حقيقي". وتجري المفاوضات أيضًا في وقت تبتعد فيه كل من الإمارات والسعودية عن موقف المواجهة العلنية تجاه إيران، ويمكن رؤية أحد الأمثلة على هذا التغيير في السياسة في استعداد السعوديين لبدء محادثات مع الإيرانيين في بغداد في أبريل/نيسان. كما يجب النظر إلى التقارب الإماراتي الأخير مع تركيا في نفس الإطار.

ويجب وضع هذا التموضع الإقليمي في سياق الخوف الخليجي المهيمن من أن الولايات المتحدة تبدو مستعدة لتقليص وجودها في المنطقة. وفي حين قدم "ترامب" ما بدا أنه دعم غير مشروط لبعض الدول الإقليمية مثل السعودية، فإن رده على هجوم سبتمبر/أيلول 2019 على منشآت النفط السعودية ربما أذهل بعض شركائه الإقليميين، بما فيهم الرياض نفسها.

وفي ذلك الوقت، قال "ترامب" إنه لم يقدم تعهدات للسعوديين بأن الولايات المتحدة ستحمي السعودية. وقال: "علينا أن نجلس مع السعوديين ونجد حلا ما. كان ذلك هجومًا على السعودية وليس علينا. لكننا سنساعدهم بالتأكيد". ومن الواضح أن التخوفات الأمنية لدى دول الخليج قد تعززت بعد قرار "بايدن" سحب القوات الأمريكية من أفغانستان.

يشار إلى أن دول مجلس التعاون الخليجي انضمت إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة وفرنسا وألمانيا ومصر والأردن في نوفمبر/تشرين الثاني للتعبير عن دعمها للعودة إلى الاتفاق.

نتائج المحادثات والعلاقات الخليجية الإيرانية

يبدو أن دول الخليج خاصة السعودية والإمارات أعربت عن دعمها للعودة إلى الاتفاق نتيجة عاملين على الأقل. أولاً، تعكس هذه الدعوة للعودة إلى الوضع السابق الرغبة في عدم الظهور كعقبة أمام الجهود الدبلوماسية الهادفة إلى إحياء الصفقة. بعبارة أخرى، لا تريد هذه الدول أن يوجه إليها اللوم على عرقلة هذه الصفقة لذلك فهم يؤيدونها علنًا.

ثانيًا، لا تريد دول مجلس التعاون الخليجي رؤية صراع إقليمي يضع الولايات المتحدة وإسرائيل في مواجهة إيران في حالة انهيار محادثات الاتفاق النووي. حيث من المرجح أن تكون دول الخليج الضحية الأولى في حالة الصراع بين الولايات المتحدة وإيران.

ودائما ما يشعر الشركاء الأضعف في التحالف بالقلق بشأن موثوقية وإجراءات شريكهم الأقوى. وعندما يتفاوض الشريك الأقوى مع العدو المشترك، فإن الشركاء الأضعف يقلقون بشأن بيعهم بالكامل. وعندما يتخذ الشريك الأقوى موقفًا متشددًا تجاه العدو المشترك، يقلق الشركاء الأضعف من أنهم سيدفعون ثمن أي صراع.

لقد كان هذا صحيحًا بالنسبة للولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين في الناتو خلال الحرب الباردة كما ينطبق على دول الخليج والولايات المتحدة فيما يتعلق بإيران. سيكون هذا صحيحًا بالنسبة لحلفاء شرق آسيا إذا دخلت الولايات المتحدة حربًا باردة كاملة مع الصين. ولا يمكن حل هذه المشكلة لأنها مشكلة هيكلية.

باختصار، من السابق لأوانه استنتاج ما إذا كانت المحادثات ستنجح أم لا. وستظل دول الخليج تتابع هذه المفاوضات عن كثب. وبينما يبدو أن دولًا مثل السعودية والإمارات قد تبنت موقفًا لخفض التصعيد بدافع القلق على أمنها، فإن هذه المحاولة لتدفئة العلاقات الإقليمية لا تفعل شيئًا يذكر لتخفيف الشكوك والخلافات الأخرى مع إيران.

المصدر | عبدالعزيز كيلاني / منتدى الخليج الدولي - ترجمة وتحرير الخليج الجديد

التعليقات (0)