- ℃ 11 تركيا
- 29 يناير 2025
معن بشور يكتب: أيام بمعانٍ متعددة
معن بشور يكتب: أيام بمعانٍ متعددة
- 27 يناير 2025, 9:36:43 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
لم يحقق " اليوم التالي " لوقف حرب الإبادة على غزة المجاهدة ما كانت تل أبيب تلح إلى تحقيقه من هذه الهدنة ، لا سيّما لاثارة انقسامات داخل الصف الفلسطيني او للسماح لقوات غير فلسطينية بالدخول الى غزة باسم مراقبة وقف اطلاق النار...
كما لم يحقق "اليوم التالي" لسريان اتفاق وقف اطلاق النار في لبنان، أي اليوم الـ62 ، ما كان يطمح إليه نتنياهو بكسر إرادة المقاومة وتكريس صورة خسارتها في حرب الستين يوماً لم يستطع العدو ان يتقدم سوى بضع كيلومترات في الحافة الحدودية للبنان مع فلسطين المحتلة....
لقد كان "اليوم التالي" في غزة يوماً فلسطينياً فقط ، لا لأنه أظهر ان حركة حماس وفصائل المقاومة ما زالت بخير، وان الالاف من المقاتلين قد خرجوا الى الشوارع مؤكدين جهوزيتهم لمواجهة كل طارئ فقط ، بل أيضاً لأنه أظهر القيم الأخلاقية والإنسانية، العالية التي تحلى بها المقاومون الفلسطينيون من خلال معاملتهم للاسيرات الاسرائيليات اللواتي خرجن بمظهر معاكس للمظهر الذي خرجت به الاسيرات الفلسطينيات وفي مقدمهم المناضلة وعضو المجلس التشريعي خالدة جرار التي انهكها السجن لسنوات في ظل معاملة تفتقر الى الحد الأدني من الشروط الإنسانية...
لكن الأهم من هذا كله، انه "اليوم التالي" في غزة وفي لبنان قد كشف بوضوح حجم تهافت الأوهام التي حاول نتنياهو وحلفاؤه والمراهنون عليه للايحاء بأن حماس والمقاومة في غزة قد هزموا وخسروا 80% من قواهم وأن حزب الله قد أصيب بمقتل في هذه الحرب لا سيمّا وان خسائره القيادية والعسكرية والعمرانية لم تكن قليلة...
وكما كانت تل أبيب ومعها الداعمون والحلفاء والمراهنون عليهم في مطقتنا تبني أوهامها بالنصر احلاماً استفاقت على جملة حقائق أولها أن المقاومة لا نهزم، وان إرادة المقاومة في امتنا لا تنكسر ، وأن المثل الصيني المعروف متل صحيح حين يقول "الضربة التي لا تميتني تزيدني قوة"، بل ان الخسائر التي اصابتهم هي خسائر في التكتيك والعمليات وليس أخطاء في الرؤية والتقدير الاستراتيجي، ولعل ابرز الخطايا كان تعنت الصهاينة بالاصرار على تمديد مهلة الستين يوما ، متجاهلة ماذا يمكن ان يكون الرد اللبناني، عليها شعباً وجيشاً ومقاومة، بهذه القوة ، وبهذه السرعة ، بهذه الشجاعة التي يكفي ان يرى العالم كله صورة تلك المرأة الجنوبية تفتح ذراعيها أمام دبابات العدو وتقول لهم " اطلقوا النار" مرددة ما قاله كثيرون غيرها: " إن ارواحنا ليست أغلى من روح شهيد الامة سماحة السيد حسن نصر الله..."
لكن الخطيئة الأكبر التي تعبر عن انفصال كبير عن واقع شعبنا في فلسطين ولبنان وكل الأقطار العربية ، فهي اتصالات الرئيس ترامب في بداية ولايته بالحكام العرب، لا سيّما في الأردن ومصر مقترحاً عليهم استقبال أهل غزة الذي "يرغبون" بالهجرة منها ليجد رداً حاسماً وصارماً من المسؤولين في العواصم العربية ومن القيادات الفلسطينية، ومن أهل غزة أنفسهم الذين بدلاً من التوجه جنوباً نحو سيناء أصروا على التوجه شمالاً حيث خاض المقاومون أشرس وأعظم المعارك التي قلّما شهدها الصراع العربي – الصهيوني من قبل.
لم نقول للقيمين على الأمور في تل أبيب ، وواشنطن وغيرها من عواصم الغرب كفى حروباً، كفى قتلاً، كفى مجازر فقط، بل نقول لهم كفى أخطاء وخطايا وسوء فهم وتقدير لأمة لم يتوقف أبناؤها على مدى مئتي عام عن النضال والمقاومة ضد الغزاة والمستعمرين..