"معاريف": انزلاق العدو نحو الحرب الإقليمية.. مقامرة خطيرة

profile
  • clock 12 أغسطس 2024, 2:32:40 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

إذا كان علينا أن نحدد الأهداف البعيدة المدى للكيان، فإنه يمكننا أن نقول ببساطة إنها القضاء على التنظيمات "الإرهابية" المستعدة لمهاجمتنا فعلاً، وردع الأعداء الذين ليست لنا قدرة على القضاء عليهم، وإقامة علاقات مع دول صديقة وسط العالم الغربي، وأيضاً مع الصين ودول العالم العربي والإسلامي.

هكذا يجب أن تكون عموماً السياسة الخارجية لإسرائيل، إنها تبسيطية جداً لكن يمكن استيعابها، لأن الرؤية البعيدة المدى هي التي تبلور سياسة حكيمة.

لكن حرب 7 أكتوبر عقّدت وضعنا، وجعلت من الصعب تحقيق هذه الأهداف الواضحة.

لا شك في أن علينا القضاء على "حماس"، وأنا لا أقصد "حماس" كفكرة، إنما "حماس" كـ "قوة إرهابية" عسكرية.

لكن من أجل تحقيق هذا الهدف، تواجهنا عقبتان معروفتان: تحرير الأسرى، ومسألة المس بالسكان المدنيين، وخصوصاً الأطفال الذين يسكنون في قطاع غزة، ولا يغير شيئاً إذا كان هؤلاء السكان يؤيدون "حماس" أو أن الحركة تستخدمهم دروعا بشرية.

لا يمكن للمس بالسكان المدنيين أن يكون مقبولاً من العالم الواسع من كل الطبقات الاجتماعية طوال الوقت، وهذا يمكن أن يجعلنا نخسر تأييد العالم لنا كلما استمرت الحرب.

بالنسبة إلى تحرير الأسرى، فقد انتهجنا سياسة خاطئة، وقد شدّدت أكثر من مرة في مقالاتي على هذه النقطة.

لقد كان وهماً وضع تحرير الأسرى مع القضاء على "حماس" كهدف مشترك واحد، ومن الواضح أن "حماس" لن تطلق سراح الأسرى - أقوى سلاح في يدها - إلاّ إذا حققت أهدافاً مهمة من الصفقة، ولن تعيدهم وتتيح القضاء عليها، فالعالم كله، ونحن ضمنه، يتحدث عن صفقة كسبيل وحيد لحل مشكلة الأسرى.

وها نحن بعد مرور 10 شهور على الكارثة الوطنية، ولا يزال المخطوفون في أسر "حماس"، ولم نتمكن من القضاء عليها.

إن العدالة المتأخرة ليست عدالة، كما يقول الشاعر الوطني حاييم بياليك في قصيدته "على المذبحة"؛ وتحرير المخطوفين المحتجزين منذ 10 شهور في زنزانات "حماس" من دون معرفة متى، ليس تحريراً حقيقياً.

منذ البداية، كان يجب أن نضع هدفاً واحداً فقط؛ تحرير المخطوفين، ليس عن طريق صفقة، إنما بوساطة الكفاح المسلح، ولو وضعنا هذا كهدف وحيد وقلنا إننا لن نجري صفقة مع "حماس" ولن نتعامل معها كطرف شرعي، إنما سنخوض ضدها قتالاً لا هوادة فيه حتى إطلاق آخر مخطوف، لأصبح كفاحنا مفهوماً ومقبولاً أكثر في العالم، ولكان في إمكاننا أن نقول للرئيس التركي أردوغان وللآخرين ما يجب قوله: "إذا كنتم تحرصون على السكان الفلسطينيين أثبتوا صدق نياتكم واحرصوا على إطلاق الأسرى، وبذلك نكون قد كسرنا النموذج الذي شكّلناه بأيدينا؛ وهو أنه من المفيد والمجدي أن تخطف التنظيمات "الإرهابية" مدنيين أو عسكريين وتجري مفاوضات أمام العالم كله كطرفين متساويين.

في مواجهة هذه السياسة الخاطئة في الصراع مع "حماس" لم نتوقف لإعادة التفكير، وها نحن نواصل الركض قدماً في بلورة سياسة خاطئة أُخرى إزاء إيران على مهاجمتنا، وهي تفعل ذلك بوساطة وكلائها، لكن من الأفضل أن نخوض صراعاً فقط ضد وكلائها، وليس ضد إيران نفسها.

إن الصراع المباشر مع إيران يحمل طابعاً مختلفاً تماماً عن الصراع مع وكلائها، إذ لديها اليوم علاقات خاصة مع روسيا التي هي في حاجة إليها في حربها ضد أوكرانيا.

ومع إيران تتعاطف دول أُخرى في "محور الشر"، وليس لدى الكيان مصلحة ولا قدرة على توسيع الصراع مع الحوثيين ومع حزب الله والحرس الثوري إلى حرب مباشرة مع إيران.

إن هذه مقامرة كبيرة وخطِرة جداً، ويتعين علينا مع مرور الوقت تهدئة المواجهات المباشرة مع إيران والسعي لبناء علاقات ودية مع تركيا. إن الإيمان بعدالة طريقنا يمكن أن يعطينا قوة داخلية، لكن هذا يجب ألاّ يحول دون انتهاج سياسية خارجية حكيمة، وهذا لا يعني التخلي عن مبدأ أن من يقتل إسرائيليين لن نسامحه قط وسنلاحقه حتى يدفع حياته ثمناً، لكن هذا سيكون خاضعاً لاعتبارات المكان والزمان.

إن فهم مصالح وبنية القوى الفاعلة اليوم في الساحة الدولية هو أكثر تأثيراً من كل مبادئ العدالة والتحركات التي نقرر القيام بها اليوم.

أوريئيل لين - معاريف

ترجمة: شبكة الهدهد

المصادر

معاريف

التعليقات (0)