- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
..مصير الجيش الليبي بعد اتفاق الوحدة ..عقبة حفتر الكبرى
..مصير الجيش الليبي بعد اتفاق الوحدة ..عقبة حفتر الكبرى
- 29 مارس 2021, 9:53:34 م
- 704
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
جاء تشكيل مجلس رئاسي ليبي جديد وحكومة وحدة وطنية، كبادرة طيبة وخطوة مهمة نحو توحيد البلاد ومؤسساتها، ولكن برز سؤال ربما يحدد مصير هذه الوحدة ، وهو ماذا عن مصير الجيش الليبي ، الذي بالضرورة يجب أن يكون جيشاً واحداً وموحداً ويتبع قيادة حكومة الوحدة الوطنية والرئاسات الثلاث .
والمجلس الرئاسي بأعضائه الثلاثة " محمد المنفي رئيس المجلس الرئاسي الجديد "شرق"، وعضوية كل من موسى الكوني "جنوب"، وعبدالله اللافي "غرب"، يمثلون مجتمعين "القائد الأعلى للقوات المسلحة الليبية"، لكن قرارات هذا المجلس لا تتخذ إلا بالإجماع، طبقا لما نص عليه الاتفاق السياسي الذي أشرفت عليه بعثة الأمم المتحدة .
وهذا رغم التعقيدات يعد ذلك مكسباً كبيراً لأنها المرة الأولى- منذ ظهور اللواء المتقاعد خليفة حفتر في 2014- التي تتفق فيها الأقاليم الثلاثة للبلاد (طرابلس وبرقة وفزان) على قائد أعلى للجيش.
ولذلك برز صراع حول حقيبة الدفاع وقيادة الأركان، ولا يزال قائماً حول من يتولى منصب "وزير الدفاع".. لأن كل الأطراف في الشرق والغرب، والجنوب تريد أن يكون وزئر الدفاع والقائد العام للجيش من نصيبها . . مادفع برئيس حكومة الوحدة الوطنية عبد الحميد الدبيبة، إلى الاحتفاظ بوزارة الدفاع لنفسه مؤقتا، لحل هذا الخلاف أو إخماده إلى حين اختيار شخصية مناسبة لهذا المنصب، بالتشاور مع المجلس الرئاسي، كما ينص الاتفاق السياسي.
كما تعهد الدبيبة بدعم لجنة (5+5) العسكرية المشتركة، التي تضم 5 ضباط من الغرب ومثلهم من الشرق، بغرض وقف إطلاق النار، لتظل المهمة الأساسية التي سيتولونها قريباً هي توحيد الجيش الليبي الذي سيسطر على كل الأراضي الليبية .. ولذلك تعمل اللجنة العسكرية المشتركة حاليا، على فتح الطريق الساحلي بين الشرق والغرب، وذلك بعد إزالة الألغام الموجودة بالمنطقة الوسطى، وإنهاء تواجد مرتزقة فاجنر والجنجويد، وتبادل الأسرى والمعتقلين بين الاطراف المتحاربة .
وبالعودة للوراء نجد أنه منذ تشكيل حكومة الوفاق الوطنيعام 2016، تولى وزيران منصب وزارة الدفاع، هما: المهدي البرغثي عامي 2016-2017 ، وصلاح الدين النمروش 2020- 2021 ، بالإضافة إلى أربعة قادة للأركان هم بالترتيب : عبد السلام جاب الله العبيدي (2014-2016)، وعبد الرحمن الطويل (2017-2019)، ومحمد الشريف (2019-2020)، والأخير محمد الحداد (منذ 2020 إلى اليوم)..ومن عين هؤلاء القادة سلطة مدنية، ممثلة في رئيس المجلس الرئاسي (السابق) فائز السراج، وبعضهم تم تنحيته دون وقوع أزمة.
لكن الوضع في الشرق الليبي مختلف تماماً، فمنذ قيام خليفة حفتر بانقلابه عام 2014 لم يتزحزح اللواءؤ المتقاعد من منصب "القائد العام للجيش"، ولا قائد أركان مليشياته عبد الرزاق الناظوري، ولا وزير الدفاع الذي هو نفسه رئيس الحكومة المؤقتة (غير المعترف بها دوليا)، وظلوا في هذه المناصب منذ نحو 8 سنوات.
ولذلك توجد صعوبة في دمج المليشيات الموالية لخليفة حفتر في الجيش الليبي الموحد المزمع تشكيله طبقاً لاتفاق حكومة الوحدة الوطنية ، ولك على خلاف وضع الجيش الليبي في الغرب الذي ينردج تحت قيادة حكومة مدنية ..
كمان أن الفظائع والجرائم التي ارتكبتها مليشيات حفتر خلال عدوانها على طرابلس (2019 -2020)،وحالات التعذيب، والاغتيالات والاختطافات في بنغازي، بالإضافة إلى التصفيات الجسدية المصورة بالكاميرات تؤكد حالة الانفلات الأمني، وعدم خضوع هذه المليشيات الإجرامية للمحاسبة القانونية والقضائية.. فضلاً عن طاعة أي حكومة مدنية .
ولذلك تعد أكبر عقدة في المشهد الليبي الحالي هي جيش الغرب بقيادة قائد الأركان، الفريق أول ركن محمد الحداد، المليشات الشرقية المسماة بـ" زوراً وبهتاناً بالجيش الوطني الليبي وهي في الحقيقة مليشيات ومرتزقة يقودهم اللواء المتقاعد خليفة حفتر.
وأيضاً الفريق الحداد، الذي ينتمي إلى الغرب وتحديداً مدينة مصراتة، تعهد عند تنصيبه قائداً للأركان في سبتمبر 2020، قد تعهد بالعمل على بناء جيش نظامي موحد، وعلى النقيض منه اللواء المتقاعد خليفة حفتر الذي سعى للسيطرة على كامل التراب الليبي بالقوة المسلحة منذ 2014، وفشل في ذلك المسعى رغم شنه عشرات الهجمات وارتكابه المجازر الوحشية والفظائع المخالفة لكل المواثيق والأعراف الدولية والإنسانية والشرائع السماوية .
لكن النقطة المضيئة من قبل حفتر تتمثل في اعتراف أحمد المسماري، المتحدث باسم مليشيات اللواء المتقاعد، بأن المجلس الرئاسي هو القائد الأعلى للجيش، بعدما رفض حفتر طوال سنوات الخضوع لسلطة مدنية سواءفي الغرب أو في الشرق .
وما دفع حفتر للتراجع أو بالأصح أجبره على هذه الخطوة هو التهديد الدولي والأممي بالعقوبات على المعرقلين للاتفاق السياسي، واقتناعه باستحالة سيطرته على السلطة بالقوة عقب "هزيمة طرابلس"، وملاحقته قضائيا في محكمة فرجينيا الأمريكية وغيرها من الدعاوى . لكن هذه الخطوة أشبه بمن ينحني حتى تمر العاصفة، لأن هناك مؤشرات تشكك في نواياه، وتنبىء بما قد يقوم به في المستصبل ، مثل طريقة استقباله لرئيس المجلس الرئاسي الجديد" الدبيبة" في زيارته الأولى إلى بنغازي (شرق) والتي توحي أبن حفتر ما زال يعتبر نفسه فوق السلطة المدنية، وليس تابعا لها أو يأتمر بأمرها " وهنا تكمن المشكلة ".
وتكرر الأمر عندما استقبل حفتر بمقره في منطقة الرجمة ببنغازي، نائب رئيس حكومة الوحدة حسين القطراني، عقب أداء اليمين الدستورية، بالطريقة ذاتها التي كان يستقبل بها رئيس الحكومة الموازية (سابق) عبد الله الثني، كأنه تابع له وليس مسئولا عليه... وكأن وزير الدفاع أعلى من رئيس الدولة ورئيس الوزراء .
كما سبق لحفتر أن صرح، في حوار صحفي، بأن مجلس النواب (المجتمع في طبرق) هو الذي "لجأ إليه" وليس العكس، للإشارة إلى أنه لا يحتاج لدعم البرلمان، و يفسر ذلك أسلوبه الاستعلائي، وعدم حضوره أي جلسة برلمانية للمساءلة، أو أخذ موافقة البرلمان عن أي عملية عسكرية يقوم بها.
كما كان ملفتاً في اجتماع قبائل برقة منتصف مارس الجاري،في بلدة الأبيار (شرق)، مطالبة السلطة التنفيذية الجديدة بتعيين الناظوري، قائدا لأركان الجيش الموحد. " الناظوري يتولى حاليا منصب قائد أركان مليشيات حفتر، ويحظى بدعم وتأييد عقيلة صالح، رئيس مجلس النواب المنعقد في طبرق الومختلف حالياً مع خليفة حفتر .. ويسعى الناظوري، المدعوم من بعض قبائل الشرق - من خلال التحالف مع عقيلة- إلى ضمان دعم باقي قبائل برقة والشرق الليبي كله .
وهكذا يحاول هذا التحالف العسكري- السياسي "في الشرق"، إلى تشكيل كتلة موازية لحفتر، والسعي لإخراجه من المشهد بالكلية ، ولذلك يفرض الناظوري وعقيلة، نفوذهما على معظم مدن وبلدات المنطقة الممتدة شرق بنغازي حتى الحدود المصرية وخاصة أن سكان هذه المنطقة ينظرون إلى حفتر على أنه دخيل على المنطقة .
وحال نجاح هذا المسعى وتعيين النظوري رئيساً للأركان فساعتها ستعود وزارة الدفاع إلى الغرب الليبي، ويرجح أن تتولى تلك الحقيبة المهمة قائد عسكري من مصراتة، لامتلاكها قوة عسكرية في المنطقة الغربية بأسرها ، وحينها لن يكون لحفتر أي صفة رسمية في المرحلة الانتقالية..وعلى هذا الأساس يرى مراقبون أن غياب حفتر عن المشهد، سيمثل أكبر لتوحيد الجيش الليبي، وعلى النقيض من ذلك إصراره على البقاء على رأس المؤسسة العسكرية الموحدة فهذا سيضرب اتفاق الوحدة في مقتل وقد يهدد بعدم تنفيذه واستمرار الحرب، وتنفيذ التهديدات الأممية .. وستسفر الأيام المقبلة عن أي السيناريوهين سيتم تنفيذه على الأراضي الليبية .