- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
مصطفى السعيد يكتب : داعش والنصرة
مصطفى السعيد يكتب : داعش والنصرة
- 2 مايو 2021, 10:44:39 م
- 1100
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
داعش والنصرة والقاعدة والإخوان وإسرائيل ظواهر حداثية وليست سلفية
أعتقد أن توصيف الجماعات الدينية "الوظيفية" بأنها ظواهر سلفية خطأ كبير، فهذه الجماعات الوظيفية أنشأتها ودعمتها وقادتها أجهزة مخابرات أكثر الدول تطورا، وبمساعدة علماء وخبراء ومتخصصين في مختلف العلوم الحديثة، ولأهداف ووظائف سياسية محددة، ولهذا لا ينبغي تجاهل تلك الحقيقة المؤكدة باعتراف ممولي ومنتجي تلك الجماعات، لأن تجاهل هذه الحقيقة سيقودنا إلى طريق خاطئ في التوصيف والمواجهة، لأن استدعاء جزء من التراث "الأكثر همجية" وإعادة تدويره وتحريفه ليخدم أهدافا إستعمارية يجب أن يقودنا لمجابهة المنتج والمستفيد، وإحباط دور أدواته، وليس فقط البحث في التراث والإنجرار إليه بمعزل عن مواجهة الهدف الوظيفي لتلك الأدوات، فابن تيمية مثلا لم يكن شهيرا في بدايات القرن الماضي وحتى أواخر السبعينيات، لكن تم انتشال رفاة أفكاره من أزمنة غابرة، وإعادة تدويرها لتكون أحد المراجع المهمة في إنتاج أفكار محددة الهدف، يتم نشرها عبر دعاة تم تجهيزهم وإدارتهم من جانب أجهزة دول متقدمة، وكذلك كانت جماعة الإخوان مجرد جماعة دعوية في البداية، ووجدت فيها بريطانيا ثم أمريكا بعد ذلك أداة مناسبة لمواجهة الفكر القومي التحرري في المنطقة، حتى تحول دورها مؤخرا إلى شركة دولية للمرتزقة مثل بلاك ووتر وغيرها من الشركات الدولية للمرتزقة، يجري تشغيلها وتحريكها في المناطق والمهام المطلوبة، مع تطوير أدواتها لتناسب الأدوار المطلوبة، وقد يقع أبرياء كثر في كمين تلك الجماعات الوظيفية عندما يصدقون خطابها الدعوي الأخلاقي، وقد يكتشف بعضهم الخديعة بعد فوات الأوان أو قبله، لكن الأهم هو معرفة الدور والهدف وإحباطه، وليس الغرق في التفسيرات التراثية للظاهرة، فالتراث مليء بكل شيء، فيه المتلاشي تلقائيا لأنه لم يعد ملائما، وفيه الجيد الإنساني وفيه الرديء الهمجي، وإذا أطلقنا إسم السلفية على تلك الجماعات، فلا يمكن تجاهل أن إسرائيل بالتالي مشروع سلفي، بدءا من الإسم إلى المراجع التوراتية ونظم التعليم التي توظف التاريخ اليهودي، وتعيد إنتاجه بالشكل الملائم للدور الوظيفي لهذا الكيان، وتدعم الجهات المنتجة لتلك السلفية اليهودية المنتقاة، فالدول التي أنشأت هذا الكيان ورعته هي نفسها أكثر البلدان الإستعمارية تقدما، بل إن قادة الكيان الصهيوني كانوا من العلمانيين، الذين لا يؤمنون بهذا التراث السلفي الذي يبعثوه، ولا يقتصر الأمر على إسرائيل والجماعات الوظيفية، بل سنجد إعادة إنتاج للمسيحية اليمينية العنصرية في الولايات المتحدة ودول أوروبية أخرى، تعيد تدوير التراث لإنتاج يمين عنصري متطرف، ومتعارض في جوهره مع مبادئ المسيح، لكن الدور الوظيفي يدفع إلى حرف الأفكار لتصبح أكثر توحشا وهمجية، لتؤدي الدور الوظيفي، وبدون هذه الرؤية لن يمكننا كشف ومواجهة وإسقاط كل تلك المنتجات المشوهة