محمد عياش يكتب: رسالة لليائسين والمحبطين: «نفق الحرية» حقق أهدافه

profile
  • clock 21 سبتمبر 2021, 9:44:15 ص
  • eye 577
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

رسالة لليائسين والمحبطين: «نفق الحرية» حقق أهدافه

الأسرى جزء من شعب فلسطين وهذا النضال عمل تراكمي مستمر يُحقق أهدافه بمرور الزمن وليس بشكل فوري.

عملية نفق الحرية وإعادة اعتقال الأسرى كشفت كيف يُحاول الاحتلال التسويق لشائعاته واستخدام هذه الأحداث في خدمة أهدافه.

أعيد اعتقال الأسرى الستة وهذا كان متوقعاً لكن العملية حققت أهدافها وأوصلوا رسالتهم إلى العالم، وهي جزء من العمل النضالي للأسرى.

هذا المقال ليس سوى رسالة مباشرة للمحبطين واليائسين، الذين تناثروا على شبكات التواصل الاجتماعي فور إعادة اعتقال الأسرى الستة، الذين تمكنوا من تحرير أنفسهم من سجن جلبوع الإسرائيلي، وكان آخرهم أيهم كممجي ومناضل نفيعات اللذين تم اعتقالهما من مدينة جنين في قلب الضفة الغربية.


والحقيقة التي يجب أن يفهمها الجميع هي أن عملية «نفق الحرية» لم يكن من الممكن أن تنتهي إلا بإعادة الاعتقال أو الموت، وهذه حقيقة يُدركها الأسرى أنفسهم أكثر من غيرهم، لأن هذا ما حدث بالفعل مع كل عمليات الهروب السابقة من سجون الاحتلال، إذ أن هذه العملية هي السادسة من نوعها منذ عام 1948، حيث انتهت التجارب السابقة كافة، إلى إعادة الاعتقال أو الاستشهاد.

هذه النتيجة الطبيعية لعملية «نفق الحرية» سببها أن الشعب الفلسطيني بأكمله تحت الاحتلال، وهذا يعني أن هؤلاء الأسرى الستة هربوا من سجنهم الصغير إلى السجن الأكبر، والسجان هو ذاته في الحالتين، خاصة أن من الواضح أنهم لم يحاولوا مغادرة فلسطين، حيث أعيد اعتقالهم جميعاً من داخل المدن الفلسطينية، وليس بالقرب من أي منطقة حدودية، كما كان يُروج الاحتلال سابقاً.

وبطبيعة الحال فإن إعادة الاعتقال أو الاستشهاد، لا يعني مطلقاً أن ما فعله الأسرى كان بلا جدوى، أو أنه كان عملية فاشلة، بل حققت هذه العملية أهدافها وزيادة، وتمكن هؤلاء الأسرى من تحقيق إنجاز لم يكن يحلم به أحد، كما أن هذه العملية هي جزء من النضال اليومي المستمر للحركة الأسيرة في سجون الاحتلال، وهو النضال الذي لا يختلف عن نضالات باقي فئات الشعب الفلسطيني.

وبفضل عملية «نفق الحرية» تمكن الأسرى من إعادة قضيتهم إلى الواجهة على المستوى الداخلي والعالمي، فمحلياً عاد الحديث عن ضرورة أن تعمل الفصائل على تحريرهم، وعادوا إلى صدارة الاهتمام الفلسطيني، أما عالمياً فقد نجحوا في التذكير بأنه يوجد في سجون الاحتلال 4850 أسيراً، بينهم 41 سيدة و225 طفلاً، وأن هؤلاء يشكلون قضية مهمة يجب العمل على إنهائها.

وعلى هامش إعادة اعتقال الأسرى الستة فمن المهم الإشارة إلى ما يلي:

أولاً: من كان يعتقد أن الاحتلال سيواجه مقاومة عند دخوله مدينة جنين فهو واهم، إذ أن عملية التغيير، بل التدمير، التي قام بها الاحتلال على مدار العشرين عاماً الماضية جعلت واقع الضفة الغربية مأساوياً، كما أن السلطة الفلسطينية وأجهزتها الأمنية تحولت إلى كيانات معطلة، لأي اشتباك مباشر مع الاحتلال، وعليه فعلى الفلسطينيين وفصائلهم التفكير في كيفية تغيير الواقع في الضفة، وليس توجيه الانتقادات والشتائم عبر شبكات التواصل الاجتماعي على أساس مناطقي وجغرافي.

ثانياً: كان واضحاً أنَّ الاحتلال يحاول استثمار عملية اعتقال هؤلاء الأسرى الستة، فعندما تم اعتقال أول اثنين في مدينة الناصرة، تم التحريض على هذه المدينة الواقعة داخل الخط الأخضر، والادعاء بأن سكانها تعاونوا مع القوات الإسرائيلية، وعندما تم الاعتقال في جنين تكرر الأمر، وهذا يؤكد أن الاحتلال يريد استثمار الحادثة من أجل إعادة تفتيت الشارع الفلسطيني، في أعقاب أحداث «هبة رمضان» ومعركة «سيف القدس» في أيار/ مايو الماضي عندما تمكنت مدينة القدس من توحيد الفلسطينيين لأول مرة في أماكن تواجدهم كافة.

ثالثاً: ثمة دعاية إسرائيلية وجهاز «إعلام حربي» يعمل على مدار الساعة، وباستخدام أحدث أنواع التكنولوجيا وعبر الوسائل والمنصات المتاحة كافة، وتنتهي هذه الدعاية إلى نشر حالة إحباط ويأس في أوساط الفلسطينيين، وإشعارهم بأن مواجهة إسرائيل أمر غير ممكن، وإلحاقُ الهزيمة بها من ضروب المستحيل. وحقيقة الأمر أن هذه دعاية مقصودة لا تنطلي إلا على بعض الساذجين في العالم العربي، وهي جزء لا يتجزأ من المواجهة.

والخلاصة هنا أنه أعيد اعتقال الأسرى الستة بالفعل وهذا كان متوقعاً، لكن العملية حققت أهدافها وأوصلوا رسالتهم إلى العالم، وهي جزء من العمل النضالي للأسرى الذين هم جزء من الشعب الفلسطيني، وهذا النضال هو عمل تراكمي مستمر يُحقق أهدافه مع مرور الزمن، وليس بشكل فوري. كما أن هذه العملية كشفت كيف يُحاول الاحتلال التسويق لشائعاته واستخدام هذه الأحداث في خدمة أهدافه.


* محمد عايش كاتب صحفي فلسطيني

المصدر | القدس العربي

التعليقات (0)