- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
محمد عايش يكتب: فشل إسرائيلي جديد في غزة
محمد عايش يكتب: فشل إسرائيلي جديد في غزة
- 16 مايو 2023, 3:39:26 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
كلما شنَّ الاحتلال الإسرائيلي حرباً على قطاع غزة واجه مقاومة أقوى مما واجه في الحرب السابقة، وواجه استراتيجيات وهجمات لم تكن تحدث في السابق، وهذا يعني ببساطة أن كل حرب يشنها الإسرائيليون على غزة تؤكد أن الحرب السابقة كانت فاشلة، لأنها لم تُضعف قوة الفصائل ولا الأدوات التي تمتلكها.
خلال المواجهة الأخيرة التي استمرت خمسة أيام فوجئ الإسرائيليون بارتفاع كبير في أعداد الصواريخ الفلسطينية، التي أفلتت من منظومة «القبة الحديدية»، وخلال يوم واحد من هذه الأيام الخمسة قال الجيش الإسرائيلي إنه تم إطلاق 802 صاروخ من قطاع غزة، سقط منها داخل المواقع الاسرائيلية 625 صاورخاً، وهذا يعني أن أكثر من 75% من الصواريخ أفلتت من «القبة الحديدية»، أي أن فعالية هذه المنظومة تتراوح بين 20% إلى 25%، وهذا هو أسوأ أداء لها على الإطلاق، منذ أن ابتكرها الإسرائيليون قبل أكثر من عشر سنوات.
فشل سياسة الاغتيالات يدل على أن الفصائل الفلسطينية أصبحت تنظيمات مؤسسية أكثر من السابق ولا تتأثر بغياب الأفراد، وبغيابهم تظهر قيادات شابة جديدة
طوال السنوات العشر الماضية كان الإسرائيليون يقولون بأن فعالية «القبة الحديدية» تصل إلى 90%، أي أن 10% فقط من الصواريخ يُمكن أن تفلت منها، لكن ما حدث في المواجهة الأخيرة، أن أكثر من ثلاثة أرباع الصواريخ أفلتت منها، وهذا يعني بالضرورة أن الحروب السابقة لم تفشل فقط في إضعاف الفصائل الفلسطينية، بل تمكن الفلسطينيون من أن يتعلموا من تجاربهم السابقة، وأصبحوا ينتجون صواريخ أكثر قدرة على اختراق منظومة «القبة الحديدية».
ثمة ملاحظة أخرى ربما تكون أكثر أهمية في هذه الحرب الأخيرة، وهي أن عدد الصواريخ التي سقطت على تجمعات ومدن إسرائيلية كان أكثر من المرات الماضية، وخلال مدة زمنية أقصر، وهذا يعني أيضاً أن الصواريخ التي تنتجها الفصائل محلياً، أصبحت أكثر دقة من السابق، فخلال خمسة أيام قصفت الفصائل ثلاث مدن إسرائيلية وسقطت الصواريخ داخل هذه المدن، وليس في مساحات فارغة، ولا في البحر. هذه المؤشرات وغيرها تدل على أن الحروب الإسرائيلية السابقة فشلت في إضعاف الفصائل، كما أن سياسة الاغتيالات التي يتبناها الإسرائيليون منذ عقود أثبتت هي الأخرى فشلها، وهو ما يدفع إلى الاعتقاد بأن اغتيال القادة الثلاثة من حركة «الجهاد» في الحرب الأخيرة لن يُشكل ضربة للحركة ولا لجهازها العسكري. وفشل سياسة الاغتيالات يدل على أن الفصائل الفلسطينية أصبحت تنظيمات مؤسسية أكثر من السابق ولا تتأثر بغياب الأفراد. ولو كانت الاغتيالات ستؤدي الى إضعاف الفصائل الفلسطينية لانتهت حركة حماس وتبخرت عندما تم اغتيال أغلب قادتها تقريباً في عام 2003 بمن فيهم مؤسسها الشيخ أحمد ياسين، لكنَّ ما حدث أن الحركة توسعت وكبرت، وأصبحت بعدها بسنوات قليلة تحكم قطاع غزة. الحاصل هو أن سياسة الاغتيالات الإسرائيلية فشلت في إضعاف الفصائل الفلسطينية، بل ربما استفادت هذه الفصائل من هذه السياسة عن غير قصد، حيث يحدث التغيير القسري داخل هذه الفصائل، وفي غياب القيادات التقليدية تظهر قيادات شابة جديدة ومختلفة. كما أن الحروب الإسرائيلية المتكررة على غزة فشلت هي الأخرى في إضعاف القطاع، وضرب الفصائل، بل يبدو أن الفلسطينيين أصبحوا أكثر قدرة على التعلم من تجاربهم السابقة، وباتت جولات القتال أشبه بدورات التدريب التي يستفيدون منها، وهذا هو التفسير الوحيد على تطور الصواريخ وقدرتها على اختراق منظومة «القبة الحديدية».
والخلاصة هو أن الحرب الإسرائيلية الأخيرة على غزة، رغم أنها نجحت في اصطياد عدد من قيادات حركة الجهاد الإسلامي، إلا أن المؤكد أنها لم تحقق أي مكسب استراتيجي للإسرائيليين، بل إنها تشكل فشلاً جديداً يُضاف إلى مسلسل الفشل السابق للاحتلال في غزة.