- ℃ 11 تركيا
- 4 نوفمبر 2024
محمد دوير يكتب : شعار فلسطين قضيتي
محمد دوير يكتب : شعار فلسطين قضيتي
- 15 مايو 2021, 12:39:17 ص
- 1128
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
فلسطين قضيتي
غير مرتاح لشعار " فلسطين قضيتي" المنتشر علي بروفايل صفحات الكثير من الأصدقاء.. فالشعار مشحون بالكثير من المعاني السلبية
ضمير المتحدث " أنا " يسحب الموضوع في اتجاه المواقف الشخصية، كالموضوعات المتعلقة بالكفر أو بالإيمان..
واعتبارها " قضيتي" يلغي عنها فكرة الواقعية، ويحولها لمسألة نسبية وموقف ذاتي ، والحقيقة أنها قضية موضوعية أي أمر واقع سواء كانت قضيتي أم لا.
فلسطين ليست "قضية".. ذات طابع جزئي كالقضايا الجزئية في المحاكم المحلية أو الدولية أو حتي ذات طابع عام،
لأن معني العمومية هنا يعني كثرة من الجزئيات.. وحقيقة الأمر فإن فلسطين مشروع نضال كامل..
لا يخص الشعب الفلسطيني فقط بل وكل شعوب الأرض المتضامنة..واعتبارها مجرد قضية، ينقص من قيمتها التاريخية كمرحلة تحول كبري.
فلسطين .. لفظ لا يعني حدود الدولة، ولا تعداد السكان الذين يحملون الجنسية الفلسطينية..
بل صارت بفعل عوامل كثيرة نقطة ارتكاز في السياسة الدولية للانتقال من المرحلة الاستعمارية الي ما بعدها،
بكل ما يحمل هذا التخطي من معاني كبيرة أكبر من فلسطين نفسها، وأكبر من الصراع الدائر الآن بنتائجه المحتملة.
أن تحرر فلسطين يعني الكثير جدا.. أبعد من كونها مجرد قضية شخصية لفرد ما ( فلسطين ..قضيتي).. إنها مسار متعلق بصورة ما بمستقبل البشرية..
وقد يعتقد البعض أن الأمر مجرد مسألة شكلية وغير مهمة ، ولكنني أعتبره موضوعا مهما جدا، فالشعارات والعبارات الأساسية مسألة حيوية في تشكيل الوعي وتوجيهه..
( لذلك اتحفظ الي حد ما علي هذا الشعار.. مع حق الجميع طبعا في اعتماده )
قيمة النضال الفلسطيني منذ 1948 وحتي الآن أنه يمثل طليعة الحراك الوطني العربي بوجه عام، فالصراع العربي/ الاسرائيلي يمتحور حول القضية الفلسطينية،
وثورات الربيع العربي استلهمت كثير من خبراتها من تجارب الشعب الفلسطيني،
ودائما ما كانت التجربة الفلسطينية مصدر إلهام لكثير من المنظمات الجماهيرية الأحزاب العربية والنقابات والحركة الطلابية.
كانت فلسطين: القضية والشعب والنضال اليومي..بصمة العرب الوحيدة والأكثر بروزا في تاريخنا الحديث..كانت معيار الصمود،
ونموذج عالمي فريد وباق وحي يواجه قوة عنصرية ، مدعومة بأيديولوجيا كاملة من الأكاذيب،
وبقوي عالمية توافقت علي تصدير أزماتها الداخلية خارج حدودها الاقليمية..
كانت فلسطين .. هي طلقة الضمير الانساني التي توجه صوب رأس العالم لتوقظ فيه انسانيته الضائعة ..
وانحيازه اللا معقول، وعبثيته التي تضع قيم الحضارة الغربية علي محك المصداقية..
الشعب الفلسطيني لا يواجه القوة العسكرية الصه – يو- نية الغاشمة فحسب،
بل ويواجه أيضا انتكاسات الحكام العرب واختياراتهم البائسة، يواجه لحظات الهزيمة التي تمكنت من شعوبنا في لحظات كثيرة من تاريخه.
إنه شعب لا يعرف اليأس أو الملل أو الانبطاح.. ولا يخشي القوي العظمي ..
ولا يعرف سوي " الأرض " تلك الأرض التي أخرجها – بدمائه وتضحياته – خارج حسابات التوازنات الدولية،
خارج حسابات المكان والزمان.. خارج حسابات القوي السياسية والفصائل المختلفة..
إنه شعب يقود تحرره بنفسه ، بشيوخه، أطفاله، نسائه، رجاله، حجارته واطاراته...الخ
الفارق المهم بين الشعب الفلسطيني والكثير من شعوب العالم، أنه هو الذي يعيد صياغة القواميس السياسية،
والتعريفات الفلسفية، ويكسب معاني الكلمات" كالنضال والصمود والثورة والمواجهة ...الخ " معانيها الحقيقية..
إن نضال الشعب الفلسطيني أكبر بكثير جدا من مجرد اختزاله في مواقف تلك الحركة أو هذا الفصيل السياسي..
انه القائد الحقيقي لثورته.. والقائد الحقيقي لمعركة تحرير أرضه من كل قوي الظلم في هذا العالم...