- ℃ 11 تركيا
- 14 نوفمبر 2024
ماذا وراء العملية العسكرية التركية المرتقبة شمالي سوريا؟
ماذا وراء العملية العسكرية التركية المرتقبة شمالي سوريا؟
- 28 مايو 2022, 4:18:41 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قبل يومين، قال مجلس الأمن القومي التركي في بيان له إن العمليات العسكرية الحالية والمستقبلية على طول الحدود الجنوبية للبلاد ضرورية لأمن تركيا مشددا على أنها لا تستهدف سيادة جيرانها.
وترك البيان المصاغ بغموض الباب مفتوحا أمام احتمال أن ينفذ الرئيس التركي "رجب طيب أردوغان" التهديدات التي وجهها قبل أيام بشن هجوم جديد يستهدف القوات الكردية المدعومة من الولايات المتحدة شمالي سوريا. وقال مسؤولون أكراد وأمريكيون لـ"المونيتور" إن التهديدات التركية بالتدخل لإنشاء منطقة آمنة بعمق 30 كيلومترًا يجري التعامل معها باعتبارها جادة و"خطيرة".
وفي حديثه، قال "أردوغان": "الهدف الرئيسي لهذه العمليات هو إنشاء مناطق آمنة وتحييد المناطق التي تعد مراكز انطلاق للهجمات ضد بلادنا"، دون أن يقدم تفاصيل. وقد بدأت وسائل الإعلام الموالية للحكومة في تركيا بقرع طبول الحرب بالفعل. وعرضت قناة "إيه خبر" لقطات لمقاتلين من الجيش الوطني السوري (مسلحين ومدربين من قبل الجيش التركي) وهم ينفذون ما قالت القناة إنها تدريبات تمهيدا للعملية الجديدة.
وتأتي تهديدات تركيا وسط خلاف مع حلفائها في الناتو بشأن طلب فنلندا والسويد الانضمام إلى الحلف الغربي بعد الغزو الروسي لأوكرانيا. ويقول "أردوغان" إن تركيا لن توافق على عضويتهما حتى تتعامل هذه الدول بجدية مع مخاوف أنقرة الأمنية بشأن الجماعات الكردية المسلحة.
وبالفعل، غادرت الوفود السويدية والفنلندية أنقرة قبل أيام خالية الوفاض. ولعل الجديد هنا أن الصراع في أوكرانيا قد خلق مساحة جديدة لتركيا للانخراط في تكتيكات المساومة مع شركائها الغربيين للحصول على قائمة مطالب تشمل تخفيف العقوبات العسكرية الأمريكية بسبب شراء تركيا منظومة "إس 400" الروسية، وتقديم ترقيات لأسطول تركيا المتقادم من طائرات "إف16" المقاتلة.
وتطالب أنقرة السويد برفع الحظر العسكري الذي فرضته على أنقرة بعد الغزو التركي لشمال شرق سوريا عام 2019 وإنهاء جميع التعاملات الجماعات الكردية المسلحة. ومع ذلك، فإن التنازلات من الغرب ليست سوى عنصر واحد من حسابات "أردوغان" التي تتعلق أساسًا بالديناميكيات السياسية الداخلية.
ويمر الاقتصاد التركي بأزمة منذ فترة طويلة في الوقت الذي تواصل فيه الليرة دوامة الهبوط مع الارتفاع المتواصل في الأسعار. في غضون ذلك، فإن الخسائر في صفوف الجنود الأتراك في كردستان العراق - حيث يشن الجيش التركي آخر عملياته ضد حزب العمال الكردستاني - يزيد من حدة المشاعر القومية حيث تبث القنوات الموالية للحكومة المزيد من اللقطات المؤثرة للجنود في الآونة الأخيرة، جنبًا إلى جنب مع التعليقات التي تتنبأ بالنصر الوشيك في المعركة ضد حزب العمال الكردستاني.
وسيعطي انتزاع المزيد من الأراضي من الأكراد المجال لعودة ملايين اللاجئين السوريين غير المرغوب فيهم في تركيا، وقد يفسر هذا سبب صمت حزب الشعب الجمهوري عن خطط "أردوغان" بهذا الخصوص، حيث إن لديه أيضا حزب قومي حليف له هو "الحزب الجيد".
وستجبر العملية العسكرية الجديدة المعارضة على الالتفاف حول العلم والعودة إلى نوع الخطاب الذي ينفر الناخبين الأكراد وهو ما قد يصب في صالح "أردوغان" وسط تكهنات متزايدة بإجراء انتخابات مبكرة في نوفمبر/تشرين الثاني.
ويعد الأكراد كتلة تصويتية متأرجحة ومهمة وهو ما كشفته في انتخابات الإعادة في بلدية إسطنبول عام 2019. وإذا رفضت هذه الكتلة التوجه إلى صندوق الاقتراع تعبيرا عن استيائهم فإن هذا سيعطي "أردوغان" ميزة كبيرة.
ويرى البعض أن "أردوغان" يحاول استغلال حرب أوكرانيا لانتزاع تنازلات من جميع الأطراف فبينما تسعى تركيا إلى إرضاء روسيا من خلال جعل قضية حزب العمال الكردستاني عقبة أمام عضوية فنلندا والسويد في الناتو، يمارس "أردوغان" ضغوطا على الأوروبيين بشأن قضية اللاجئين للحصول على الموافقة على المنطقة الآمنة في شمال شرق سوريا.
وقبل أيام، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية "نيد برايس" إن الولايات المتحدة "قلقة للغاية بشأن التقارير والمناقشات حول زيادة النشاط العسكري المحتمل في الشمال السوري وتأثير ذلك على قوات العمليات الخاصة الأمريكية المنتشرة في شمال شرق سوريا". وأضاف "برايس" أن واشنطن تتوقع أن تلتزم تركيا باتفاق 2019 لوقف عملياتها العسكرية في المنطقة التي يسيطر عليها الأكراد، معتبرا أن الإبقاء على خطوط وقف إطلاق النار "أمر حاسم لاستقرار سوريا".
وقال مسؤول في إدارة بايدن لـ "المونيتور" شريطة عدم الكشف عن هويته، إنه لا توجد مؤشرات واضحة حول المكان الذي قد تركز فيه تركيا هجومها، سواء حول تل رفعت أو عين عيسى أو كوباني أو أي مكان آخر. لكن المسؤول قال إن البيت الأبيض يتعامل مع تهديد "أردوغان" على أنه خطير.
وكرر السكرتير الصحفي للبنتاجون "جون كيربي" يوم الخميس قلق وزارة الخارجية بشأن نوايا أنقرة، لكنه قال إنه ليس على علم بأي حوار عسكري رفيع المستوى مع القوات المسلحة التركية بشأن هذه القضية. وقال "كيربي" إن المسؤولين العسكريين الأمريكيين على اتصال يومي بالقوات الكردية في سوريا. ومع ذلك، قال مسؤولون أكراد إن الأمريكيين والروس لم يقدموا ضمانات أمنية ردًا على تهديدات تركيا.
ويبقى أن نرى ما إذا كانت القوات الأمريكية ستدافع عن مناطق عملياتها ضد القوات التركية أو وكلائها. ورفض متحدث باسم التحالف العسكري بقيادة الولايات المتحدة التعليق على الأمر. وأشار "جيمس جيفري"، السفير الأمريكي السابق في تركيا والمبعوث الأكبر لإدارة "ترامب" إلى سوريا، إلى أن تركيا تسيطر بالفعل على مساحات شاسعة من الأراضي السورية على طول حدودها.
وسيتطلب ربط هذه الأراضي لإنشاء منطقة آمنة موسعة ضم مناطق تسيطر عليها روسيا مثل كوباني ومنبج. وفي اتفاق سوتشي في أكتوبر/تشرين الأول 2019، وافقت روسيا على خروج القوات الكردية من تلك المناطق. ومع ذلك قال "جيفري": "لا يوجد دليل على أنهم فعلوا ذلك أو حتى أن روسيا حاولت حثهم على ذلك لذا فإن سؤالي هو ما إذا كانت تركيا تتعامل مع روسيا في هذا الشأن حيث إن اقتحام المناطق التي تتواجد فيها القوات الروسية لا يبدو ذكياً".
المصدر | أمبرين زمان و جاريد سزوبا/ المونيتور