مأمون الشناوي يكتب : لماذا نكتب ، ولمن ؟ !!

profile
مأمون الشناوي كاتب وشاعر
  • clock 19 يونيو 2021, 3:18:51 ص
  • eye 925
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

قالت مُحدثتي : { لِمَن تكتب يارجل ، الناس لاتقرأ ، وإذا قرأوا لايتغيّرون ، وإذا تغيّروا فللأسوأ ، ومَن يقرأ لك كوكبة من العواجيز أشباهك ، يتسلون ويُضيّعون وقتهم ويجترون أحلامهم الآفلة مثل سنوات عمرهم التي ضاعت سُدى } !! . 

هزتني كلماتها ، أعترف ، لملمت أوراقي وطَويّت صحائفي وسرت في شوارع { المنصورة  } مدينتي الجميلة على غير هُدى ، في أخر الشارع الذي اسكن فيه لمحت { أم كلثوم } مُنتصبة القامة في تمثال شامخ ، نادتني ، هرعت إليها ، نعم ياست ، مالت علىّ وربتت على كتفي وقالت : { أنا لا أحب القانطين ، مَالك ، أراك مهموماً كأنك "سيزيف" يصعد قمة الجبل حاملاً صخرته ثم يهوى بها إلى القاع ليُعاود الصعود مراتٍ ومرات ، مَالك ، أنا لا أحب اليائسين ، ألا تعلم أنني غَنيّت في الخامسة والسبعين من عُمري ، انصرف عني أيها المُحبط الجهول !! } ، سارعت بالابتعاد عنها ، مُردداً في نفسي ، الزمان اختلف ياست ، أنّي لي بعالمٍ كالذي احتواكِ واحتضن موهبتك العبقرية  !! . 

على جانب الشارع مطعم فخيم يمتلكه أحد صعاليك الانفتاح ، رأيته بعينيّ منذ سنوات قريبة واقفاً على { عربية كِبدة } فاسدة يستجدي الزبائن ، وهاهو يستحوز على عِدة فروع من المطاعم التي لاتقل الوجبة فيها عن الألف جنيه ، تحسست جَيّبي ، مافيه لايكفي ثمن صُباع يتيم من الكُفتة ، على اليسار مطعم للفول والطعمية ، صاحبه هو الآخر كان جربوعاً ففتح الله عليّه من وسع ، نحن أبناء الفول والطعمية ، ولجت إلى المطعم الذي يعجُّ بأمثالي ، وبأسراب من الذُباب تشارك المرتادين طعامهم ، وضع النادل عدة سندوتشات أعرف أنني لن اطيق تذوّقها ، لكنها فانتازيا التائهين مثلي !! . 

على مقربة مني جلس شاب جامعي بجواره مَسطرة طويلة وعُلبة سجائر كليوباترا مهترئة ، وفتح لفافة السندوتشات وهمَّ بالتهامها ، وراق لي أن أراقبه عن كَثب ، أزاح السندوتشات جانباً ورأيته يفرد الورقة التي تُغلفها ، وأخذ يُطالع المكتوب فيها في شغف شديد ، ويبتسم ، ثم علت ابتسامته حتى صارت ضحكة تملأ وجهه ، ثم رفع حاجبيّه في دهشة ومصمص شفتيّه وطوي الورقة ودسها في جيّبه ، وأخذ في التهام وجبته الفقيرة كحالته ، دفعني الفضول أن أسأله عن تلك الورقة المُتسخة ببقع الزيّت والتي دسها في جيّبه ، أخرجها لي دون تردد ، يا إلهي  ، إنها إحدى مقالاتي الناقدة الساخرة التي تنتقد حكومتنا الغير رشيدة ، منشورة في صحيفة سيّارة  !! . 

هروّلت إلى { أم كلثوم } لأعتذر لها ، وإلى مُحدثتي التي أوشكت أن تُحبطني بكلماتها القاتمة القاسية ، وصرخت فيها  : { أكتب لهؤلاء ياسيّدتي ، نعم أكتب لهؤلاء وأمثالهم ، أكتب عنهم ومنهم ، أكتبهم ، ولن تجف أقلامي أبداً حتى يجف الدم في عروقي ، فانصرفي عني } !! . 

وشرعت في كتابة مقاليّ الجديد !! . 


التعليقات (0)