لعبة التاريخ أم لعبة القدر

profile
مجدي الحداد كاتب ومحلل سياسي
  • clock 4 مايو 2021, 1:18:45 م
  • eye 957
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

نحن أمام والدتين لحاكمين شكلا كل منهما ، أو بالأحرى كان شاهدتين على منعطفا خطيرا ونقطة فارقة ، و إلى الأبد في مصير البلد الذي كان يحكمه كل من نجليهما . 

ونجليهما يتشابهان ، وإلى حد كبير ، في وضع خاتمة غير سارة للبد الذي كان يحكمه كل منهما . 

ولكن أم الحاكم الأول قد خلدها التاريخ ، لأن التاريخ أخذ منها مباشرة ما تلفظت به وخاطبت به أبنها ، وليس العكس .

 لذا فقد احترمها وقدرها كما خلدها وحفظ أقوالها التاريخ بينما أخرج وخصص مذبلته!لابنها ..

أما الحاكم الثاني فقد ذكر أقوال أو نصائح نصحتها به أمه . لكننا نجهل في الحقيقة ، أو بالأحرى لم نتثبت من حقيقة وصحة تلك الأقوال ، 

كما لم نر يوما أو نسمع أي حديث مسجل وموثق عن أمه ، كما لن نر أو نسمع يوما شيئا عن أمه أصلا ؛ سواء قبل أن يكون حاكما ، أو بعد أن صار حاكما ، اللهم إلا ما ذكره هو عن أمه وليس العكس ..! نفسه

الحاكم الأول يمكن أن يقال فيه كل شيء ، وقد اختصرت ولخصت كما اختزلت أمه حقيقته في بضع كلمات - قد خلدها ، وكما أسلفنا التاريخ ..!

لكنه مع ذلك ، وعلى الرغم من تخاذله وخيانته ، وتحالفه مع أعداءه من أجل أن يحكم ، إلا إنه لم يعرف عنه ولم يذكر التاريخ إنه كذب يوما على أحد ، سواء كان من حاشيته أو خاصته ، أو حتى من العامة ممن كان يحكمهم . 

إذن فعلى الرغم من ضعفه وهوانه وتخاذله فإنه لم يكن كذوبا أو كاذبا حتى بعد سقوط الأندلس قطعة قطعة ولم يبق سوى غرناطة ، 

والتى كان أخر ملوكها ؛ والتي كانت أخر قطعة أرض باقية كان يحكمها أخر الطوائف من الأندلس ..! ملوك

بينما الحاكم الثاني سنكتفى فقط بأنه قال عن نفسه : " صادق قوي إن شاء الله ..." ، 

وربما صدق وطابق ذلك ما وعد به بشأن قناة السويس الجديدة بأنها سوف تدر علينا عشرات المليارات من الدولارات ، وإذ به يخرج علينا بعدها ،

 وقبل مرور عام واحد من إنشائها ، أو شقها ، ليعلن لنا ، و بنفسه فشلها ..! - وبقية القصة معروفة ؛ والتي كانت على سبيل المثال لا الحصر طبعا ..! 

إذن فكانت عائشة الحرة هي أم أخر ملوك غرناطة ، والمكنى بأبى عبد الله الصغير ، 

والذي صار يبكي ملكه بعد أن سلمها للملك فرناندو والملكة إيزابيلا ؛ فقالت له أمه عندئذ : " أبك كالنساء على ملك لم تحافظ عليه كالرجال " ..! 

أما الحاكم الثاني فقد بدأ مسلسل التفريط في التنازل عن جزيرتي تيران وصنافير ، 

ثم إعادة ترسيم الحدود البحرية لتضيع علينا ثروات تقدر بالمليارات من حقول غاز - صار يصدر إلينا الآن وبشروط مجحفة ..! - لصالح كل من إسرائيل وقبرص واليونان - وحيث اكتسبت الأخيرة جزيرة مصرية مع أعادة الترسيم معها . 

ولعل ثالثة الأثافي - كما يقولون - توقيعه على اتفاقية المبادىء مع أثيوبيا ، والتي سمحت لها بالاقتراض الخارجي واستكمال بناء سد النهضة ،

 وحرمت مصر في ذات الوقت من حقوقها التاريخية الثابثة عبر ألاف السنين من مياه النيل المتدفق إليها كهبة ربانية من الله الخالق سبحانه و تعال . 

أما الثاني فسمعنا منه هو - لا من أمه مباشرة - وذلك في معرض تبريره عن تفريطه في تيران وصنافير ، وحيث حكمت الإدارية والإدارية العليا ، 

في حكمين منفصلين بمصريتهما ، واعترضت الحكومة على الحكم واستأنفته أمام دائرة أخرى - وقيل انها غير مختصه - فسمعنا منه إذن أن والدته قالت له : " اوعى تبص للى في أيدي الناس ولا تاخده ..." ، راح مدي تيران وصنافير للسعودية ..! 

إذن فبعد التفريط في النيل فأخشى أن تكون مصر مقبلة على أندلس جديدة ، ولكن في ظل غياب عائشة الحرة هذه المرة ..! 

التعليقات (0)