- ℃ 11 تركيا
- 12 نوفمبر 2024
كيف أحدثت الحرب الأوكرانية ثورة في العمل الاستخباراتي؟
كيف أحدثت الحرب الأوكرانية ثورة في العمل الاستخباراتي؟
- 30 ديسمبر 2022, 11:23:12 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
شكَّلت الحرب الأوكرانية لحظة فاصلة في عالم الاستخبارات، لا سيما مع تصاعد توظيف المصادر المفتوحة المصدر قبل بدء الحرب وخلال المعارك فيها، وهو ما كان له تأثير بالغ على التطورات العسكرية والميدانية. وفي ضوء هذا، نشر موقع “فورين أفيرز” مقالاً للكاتبة “إيمي زيجارت” الزميلة الأولى في معهد فريمان سبوجلي للدراسات الدولية بجامعة ستانفورد، بعنوان “أوكرانيا وثورة المخابرات القادمة”، بتاريخ يناير/فبراير 2023، تشير فيه إلى أن الحرب الأوكرانية أدت إلى تطور هائل في أدوات وآليات الاستخبارات الأمريكية والدولية، على نحو أبرز عدداً واسعاً من الإيجابيات، وفرض عدداً آخر من التحديات.
توظيف المعلومات
كشفت الحرب الأوكرانية عن اتجاه جديد في التعامل مع المعلومات الاستخباراتية المفتوحة المصدر؛ وذلك على النحو التالي:
1- تبني استراتيجية الكشف عن المعلومات: يرى المقال أن استراتيجية الكشف هذه كانت جديدة؛ إذ إن وكالات التجسس معتادة إخفاء المعلومات الاستخباراتية، وليس الكشف عنها. لكنها – من وجهة نظر المقال – كانت فعالة جداً من خلال الكشف عن الحقيقة قبل أن تترسخ الادعاءات الروسية، فكانت الولايات المتحدة قادرة على حشد الحلفاء والتنسيق السريع للعقوبات الشديدة، كما أدت عمليات الكشف عن المعلومات الاستخباراتية إلى تراجع الرئيس الروسي “فلاديمير بوتين” متسائلاً حول مَن – أو ماذا – تم اختراقه بعمق في حكومته من قبل الوكالات الأمريكية، كما يزعم المقال أن هذه المعلومات ساهمت في حماية دول أخرى من مزاعم بوتين والوقوف إلى جانب روسيا.
2- التبادل النشط للمعلومات الاستخباراتية: تؤكد الكاتبة أن عمليات الكشف عن التحركات الروسية كانت مجرد البداية؛ فقد بشرت الحرب بعصر جديد من تبادل المعلومات الاستخباراتية بين أوكرانيا والولايات المتحدة وحلفاء وشركاء آخرين؛ ما ساعد في مواجهة الروايات الروسية الزائفة، والدفاع عن الأنظمة الرقمية من الهجمات الإلكترونية، وساعد القوات الأوكرانية في ضرب أهداف روسية في ساحة المعركة.
3- تصاعد الاستخبارات غير الحكومية: يرى المقال أن عمليات الكشف سلطت الضوء أيضاً على واقع جديد عميق؛ إذ لم تعد الاستخبارات حكراً على وكالات التجسس الحكومية فقط؛ فعلى مدار العام الماضي، كان المواطنون والجماعات الخاصة يتتبعون ما تخطط له روسيا وتفعله في الحرب الحديثة، وكذلك الأسلحة المستخدمة، كما أبلغ الصحفيون عن تطورات ساحة المعركة باستخدام الصور المأخوذة من الأقمار الصناعية الفضائية التجارية. كما كان المسؤولون الحكوميون والعسكريون السابقون يراقبون الأحداث اليومية على الأرض، ويقدمون تحليلات حول وجهة الحرب على تويتر. وبحسب المقال، قام فريق متطوع من الطلاب في جامعة ستانفورد، بقيادة العسكري الأمريكي السابق ومحلل الصور أليسون بوتشيوني، بتقديم تقارير إلى الأمم المتحدة حول الفظائع الروسية لحقوق الإنسان في أوكرانيا. وقد تم الكشف عن الأحداث والتحقق منها باستخدام الأقمار الصناعية والتصوير البصري ومقاطع فيديو “تيك توك” وأدوات تحديد الموقع الجغرافي. وفي معهد دراسة الحرب – وهو مصدر انتقائي للخبراء والمحللين العسكريين – أنشأ الباحثون خريطة تفاعلية للصراع تستند بالكامل إلى معلومات استخباراتية غير سرية أو مفتوحة المصدر.
تأثيرات تكنولوجية
على الرغم من أن التقنيات الجديدة قد ساعدت في تسليط الضوء على النشاط العسكري الروسي، فإن آثارها بعيدة كل البعد عن كونها إيجابية فقط؛ فمن آثارها السلبية في العمل الاستخباراتي، ما يلي:
1- تهديد متسارع لعمل وكالات الاستخبارات الدولية: يشير المقال إلى أنه بالنسبة للوكالات الـ18 التي تشكل مجتمع الاستخبارات الأمريكية، فإن التقنيات الجديدة تخلق المزيد من التهديدات بمعدل أسرع بكثير؛ إذ إنهم يزيدون بشكل كبير من كمية البيانات التي يجب على المحللين معالجتها. إذ تعمل التقنيات الناشئة على تغيير الكوكب بطريقة ووتيرة غير مسبوقة، كما تعمل الاختراعات على جعل العالم أكثر ترابطاً مع تغيير المحددات الجيوسياسية بطرق أساسية. وعلى نحو متزايد، تعد التقنيات والبيانات الناشئة مصادر رئيسية للقوة الوطنية، وهي غير ملموسة، ويصعب رؤيتها وفهمها، وغالباً ما يتم إنشاؤها والتحكم فيها من قبل الشركات، وليس الحكومات. وبالنسبة إلى وكالة المخابرات المركزية ووكالات الاستخبارات الأخرى، فمن المرجح – حسب المقال – أن يكون فهم المخاطر والديناميكيات الجيوسياسية للقرن الحادي والعشرين أصعب بكثير مما كان عليه في القرن العشرين.
2-منح قدرات استخباراتية للفاعلين من غير الدول: يشير المقال إلى أن التكنولوجيا منحت الشركات والأفراد دوراً أكبر في مجال الاستخبارات؛ حتى تتمكن هذه الكيانات الخاصة من المساعدة في حماية مصالح البلاد. ويشير المقال إلى أن الاختراقات التكنولوجية تجعل من السهل على أي شخص – بما في ذلك الدول الضعيفة والجماعات الإرهابية – اكتشاف الأحداث التي تتكشف على الأرض من الفضاء؛ فلقد زادت قدرات الأقمار الصناعية التجارية بشكل كبير، كما أن عمليات إطلاق الأقمار الصناعية زادت أكثر من الضعف بين عامي 2016 و2018، وأضحى الآن هناك أكثر من 5000 قمر صناعي حول الأرض، بعضها لا يزيد حجمه عن رغيف خبز. ويشير المقال إلى أن المنتمين للقطاع الخاص يمكن الوصول إليهم على نطاق أوسع، وليس من السهل تقييدهم. كما أن الذكاء الاصطناعي، على سبيل المثال، أصبح منتشراً حتى بين طلاب المدارس الثانوية الذين يمكنهم صنع مقاطع فيديو تم التلاعب بها بواسطة الذكاء الاصطناعي وتُظهر أشخاصاً يقولون ويفعلون أشياء غير حقيقية مطلقاً.
3- تراجع مؤسسات الاستخبارات أمام المصادر المفتوحة: من الجدير بالذكر أنه قد استغرق صنع هذه التحولات سنوات، ويعمل قادة الاستخبارات بجد للتكيف معها، لكن توقع المستقبل في عصر التكنولوجيا الجديدة يتطلب المزيد؛ إذ يجب أن تتبنى واشنطن التغييرات الشاملة من أجل فهم التقنيات الناشئة وتسخيرها، كما يجب – على وجه الخصوص – أن تكون جادة بشأن إنشاء وكالة جديدة مكرسة لاستخبارات المصادر المفتوحة. وبخلاف ذلك، سوف يتخلف مجتمع الاستخبارات الأمريكية؛ ما يجعل الأمريكيين أكثر عرضة لمفاجآت كارثية.
4- قدرة الخصوم على اختراق المعلومات الشديدة السرية: يشير المقال إلى أن التطورات التكنولوجية الأخرى ذات الآثار الأمنية الوطنية تشمل الحوسبة الكمية، التي يمكن أن تطلق في النهاية التشفير الذي يحمي جميع بيانات العالم تقريباً؛ ما يجعل المعلومات الشديدة السرية متاحة للخصوم. ومن ناحية أخرى، تُمكن البيولوجيا التركيبية العلماء من هندسة كائنات حية؛ ما يمهد الطريق لتحسينات ثورية في إنتاج الغذاء والدواء وتخزين البيانات وأسلحة الحرب.
5- تصاعد الابتكارات التكنولوجية المزدوجة الاستخدام: بحسب المقال، فإن فهم فرص ومخاطر هذه التقنيات الناشئة الأخرى هي مهمة استخباراتية أساسية؛ إذ تحتاج حكومة الولايات المتحدة إلى معرفة من هو المستعد للفوز في السباقات التكنولوجية الرئيسية، وما الآثار المحتملة، كما يجب أن تقيم كيف سيتم خوض الحروب المستقبلية وكسبها؛ إذ يجب معرفة كيف يمكن للتقنيات الجديدة أن تتصدى للتحديات العالمية مثل تغير المناخ. كما تحتاج إلى تحديد كيفية استخدام الخصوم البيانات والأدوات التقنية لإكراه الآخرين، وارتكاب “الفظائع”، والتهرب من العقوبات، وتطوير أسلحة خطيرة، وتأمين مزايا أخرى. لكن الإجابة على هذه الأسئلة المهمة – بحسب المقال – تزداد صعوبة؛ لأن مشهد الابتكار قد تغير وتوسع؛ ما يجعل تتبع الاختراعات وفهمها أكثر صعوبة.
ففي الماضي، اخترعت الوكالات الحكومية الأمريكية الاختراقات التكنولوجية، مثل الإنترنت ونظام تحديد المواقع العالمي، وتم تسويقها لاحقاً من قبل القطاع الخاص؛ إذ لم يكن لمعظم الابتكارات التي أثرت على الأمن القومي تطبيقات تجارية واسعة النطاق؛ لذلك يمكن تصنيفها وإذا لزم الأمر تقييدها إلى الأبد. ولكن اختلف الوضع تماماً اليوم، فمن المرجح أن تكون الابتكارات التكنولوجية “مزدوجة الاستخدام”؛ أي أن تكون لها تطبيقات تجارية وعسكرية، ومن المرجح أيضاً أن يتم اختراعها في القطاع الخاص؛ حيث يتم تمويلها من قبل المستثمرين الأجانب، وتطويرها من قبل قوة عاملة متعددة الجنسيات، وبيعها للعملاء العالميين في القطاعين الخاص والعام على حد سواء.
تحديات متصاعدة
إن الهدف الأساسي من العمل الاستخباراتي هو تقديم رؤى لصانعي السياسات وتوقع المستقبل بشكل أسرع وأفضل من الخصوم. ومن التحديات التي تواجه العمل الاستخباراتي ما يلي:
1- تعقُّد مشهد التهديدات العالمية: يشير المقال إلى أن المعلومات المكتسبة سراً من مصادر مثل المكالمات الهاتفية التي تم اعتراضها أو تقارير التجسس المباشرة مهمة، لكن الأسرار ليست سوى جزء من الصورة؛ إذ إن معظم المعلومات الواردة في تقرير استخباراتي نموذجي غير سرية أو متاحة للجمهور. ونادراً ما تكون المعلومات الخام – سواء كانت سرية أو غير سرية – ذات قيمة من تلقاء نفسها؛ لأنها غالباً ما تكون غير مكتملة أو غامضة أو متناقضة أو سيئة المصدر أو مضللة أو خادعة عمداً أو مجرد خطأ واضح؛ فالتحليل هو ما يحول النتائج غير المؤكدة إلى نظرة ثاقبة من خلال تجميع أجزاء متباينة من المعلومات وتقييم سياقها ومصداقيتها ومعناها.
ويشير المقال إلى أن الرؤى الاستخباراتية ليست صحيحة دائماً، ولكن عندما تكون كذلك، فهي لا تقدر بثمن؛ فعندما حذرت وكالات الاستخبارات الأمريكية من أن روسيا على وشك التدخل في أوكرانيا، أعطت واشنطن وقتاً حاسماً للمساعدة في تسليح كييف وتوحيد الغرب حول الرد. ولكن قد يصبح من الصعب قريباً على وكالات التجسس تكرار هذا النجاح؛ لأن مشهد التهديد العالمي لم يكن أبداً مزدحماً أو معقداً كما هو عليه اليوم؛ وذلك مع وجود تهديدات تتحرك أسرع من أي وقت مضى.
2- تصاعد المخاطر العابرة للحدود الوطنية: في الوقت الحالي فإن الوضع أضحى أكثر صعوبة على ضباط المخابرات للقيام بعملهم، فيتعين عليهم اليوم مواجهة العديد من المخاطر المتنوعة؛ إذ يجب أن يتعاملوا مع التهديدات العابرة للحدود الوطنية مثل الأوبئة وتغير المناخ، ومنافسة القوى العظمى مع الصين وروسيا، والإرهاب والتهديدات الأخرى من الدول الضعيفة والفاشلة، والهجمات الإلكترونية التي تسرق وتتجسس وتعطل وتدمر وتخدع بسرعة ونطاق مذهلين؛ ولذلك أضحت وكالات الاستخبارات مرهقة للغاية.
3- انكشاف البنية التحتية للقوى الكبرى: تجعل التكنولوجيا قائمةَ التهديدات اليوم ليست أطول فحسب، بل تجعلها أكثر قوة؛ إذ إنه ولقرون، دافعت الدول عن نفسها من خلال بناء جيوش قوية والاستفادة من الجغرافيا الجيدة. ولكن في الفضاء السيبراني، يمكن لأي شخص الهجوم من أي مكان، دون الضغط على الدفاعات الجوية والبرية والبحرية. وفي الواقع، غالباً ما تكون أقوى الدول الآن هي الأكثر ضعفاً؛ لأن قوتها تعتمد على الأنظمة الرقمية للأعمال والتعليم والرعاية الصحية والعمليات العسكرية وغير ذلك.
كما يمكن أن تتعرض هذه الدول لهجمات كبيرة تعطل بنيتها التحتية الحيوية، أو أن تتعرض لهجمات صغيرة متكررة تضاف إلى الأضرار المدمرة أمام مسؤولي الأمن. ويستشهد المقال بالصين؛ فقد سلكت طريقها إلى ميزات تقنية في مجموعة متنوعة من الصناعات، من الطائرات المقاتلة إلى المستحضرات الصيدلانية، عن طريق السرقة من الشركات الأمريكية واحدة تلو الأخرى، فيما وصفه مدير مكتب التحقيقات الفيدرالي “كريستوفر راي” بأنها من أعظم عمليات النقل.
4- استهداف الشعوب عبر حروب المعلومات: بحسب المقال، أضحى اليوم بإمكان الصين أن تقلب الأمريكيين بعضهم ضد بعض دون استخدام منصات التكنولوجيا الأمريكية؛ إذ تمتلك شركة “بايت دانس” الصينية موقع “تيك توك” الشهير، الذي يضم أكثر من مليار مستخدم، بما في ذلك ما يقدر بنحو 135 مليون أمريكي، أو 40% من سكان الولايات المتحدة؛ ولذلك يشعر كل من الديمقراطيين والجمهوريين بالقلق الآن من أن “تيك توك” يمكن أن يمكن الحكومة الصينية من تفريغ جميع أنواع البيانات حول الأمريكيين وإطلاق حملات تأثير ضخمة تخدم مصالح بكين تحت ستار إعطاء المستهلكين الأمريكيين ما يريدون؛ ففي عالم حرب المعلومات اليوم، أضحت الأسلحة مختلفة عما مضى.
5- تقلص زمن الرد أمام صانعي القرار: يشير المقال إلى أنه نظراً لأن الهجمات الإلكترونية يمكن أن تحدث بسرعة كبيرة، ولأن صانعي السياسات يمكنهم تتبع الأحداث العاجلة والحصول على لقطات ساخنة بلمسة زر واحدة، تحتاج وكالات الاستخبارات الأمريكية أيضاً إلى العمل بسرعة جديدة. فقد كان التوقيت، بالطبع، مهماً دائماً للتجسس. وفي هذا السياق يستشهد المقال بأزمة الصواريخ الكوبية عام 1962؛ فقد كان أمام الرئيس الأمريكي جون كينيدي 13 يوماً للنظر في المعلومات الاستخباراتية والنظر في خيارات سياسته بعد أن كشفت صور المراقبة من طائرة تجسس من طراز U-2 عن وجود نووي سوفييتي في كوبا.
وفي 11 سبتمبر 2001، كان أمام الرئيس الأمريكي جورج دبليو بوش أقل من 13 ساعة بعد هجمات مركز التجارة العالمي لمراجعة المعلومات الاستخباراتية وإعلان الرد. أما اليوم، فقد يكون الوقت المتاح للرؤساء للنظر في المعلومات الاستخباراتية قبل اتخاذ قرارات سياسية رئيسية أقرب إلى 13 دقيقة أو حتى 13 ثانية. وبحسب المقال، فإن التحرك السريع ينطوي أيضاً على مخاطر؛ فقد يستغرق فحص مصداقية المصدر وقتاً، والاستفادة من معرفة الخبراء، والنظر في البدائل بدون تحليل استخباراتي دقيق، وقد يتخذ القادة قرارات مبكرة أو حتى خطيرة؛ إذ أصبحت العواقب المحتملة للعمل المتسرع واضحة.
6- إرضاء مجموعة واسعة من العملاء: يشير المقال إلى أنه يجب أن تتعامل وكالات الاستخبارات مع بيئة بيانات شاسعة وليست سريعة فقط؛ فقد أصبح حجم المعلومات المتاحة على الإنترنت هائلاً بشكل لا يمكن تصوره تقريباً. وتقوم وكالات الاستخبارات الأمريكية بالفعل بجمع معلومات أكثر بكثير مما يستطيع البشر تحليله بشكل فعال، وهو ما يفرض – وفقاً للمقال – تحديات مختلفة لهذا العالم الرقمي، ويخلق مجموعة متنوعة من العملاء. لعل أبرز هؤلاء العملاء صانعو القرار في أماكن بعيدة، والشركات الكبرى مثل شركات التكنولوجيا، بما في ذلك “مايكروسوفت وجوجل”؛ إذ تحتاج هذه الشركات إلى معلومات استخباراتية حول التهديدات الإلكترونية عبر أنظمتها ومن خلالها. كذلك تتحكم الشركات الخاصة، مثل شركات الطاقة، في معظم البنية التحتية الحيوية في الولايات المتحدة، وهم بحاجة أيضاً إلى معلومات حول المخاطر الإلكترونية التي يمكن أن تعطل أو تدمر أنظمتها.
7- اعتبار المصادر المفتوحة سلاحاً ذا حدين: إذ إن الاستخبارات المفتوحة المصدر متاحة للجميع، وفي كل مكان، بغض النظر عن دوافعها؛ إذ لا يتعين على المحققين المواطنين الرد على أي شخص أو التدريب في أي مكان، وهذا يدعو إلى جميع أنواع المخاطر. ويمكن أيضاً أن تتسبب الاكتشافات الدقيقة المفتوحة المصدر في حدوث مشكلات؛ فعلى سبيل المثال، قد تجبر صانعي السياسات على نشر المعلومات التي إذا أبقيت سرية كان من الممكن أن تترك مجالاً للتسوية والخروج السهل من الأزمات؛ فمن أجل نزع فتيل أزمة الصواريخ الكوبية، على سبيل المثال، وافق كينيدي على إزالة الأسلحة النووية الأمريكية سراً من تركيا إذا أخذ السوفييت صواريخهم من كوبا. ولو كانت صور الأقمار الصناعية متاحة للجمهور، فربما كان كينيدي قلقاً للغاية بشأن رد الفعل السياسي المحلي لعقد صفقة.
منافسون جُدد
انفجار المعلومات المفتوحة المصدر عبر الإنترنت، وقدرات الأقمار الصناعية التجارية، وظهور الذكاء الاصطناعي؛ كلها عوامل تمكن جميع أنواع الأفراد والمؤسسات الخاصة من جمع وتحليل ونشر المعلومات الاستخباراتية. ومنهم ما يلي:
1- وكالات الاستخبارات المدنية: في السنوات العديدة الماضية، على سبيل المثال، حقق الهواة في “بيلنجكات” Bellingcat – وهي منظمة تطوعية تصف نفسها بأنها “وكالة استخباراتية للناس” – جميع أنواع الاكتشافات؛ إذ حدد بيلنجكات فريق الضربات الروسي الذي حاول اغتيال ضابط التجسس الروسي السابق “سيرجي سكريبال” في المملكة المتحدة، وحدد موقع أنصار تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) في أوروبا، كما أثبتوا أن الروس كانوا وراء إسقاط رحلة الخطوط الجوية الماليزية رقم 17 فوق أوكرانيا.
2- منافسة الباحثين المستقلين: يشير المقال إلى أنه عندما زعمت الحكومة الإيرانية في عام 2020 أن حريقاً صغيراً اندلع في منطقة صناعية، أثبت باحثان أمريكيان يعملان بشكل مستقل ولا يستخدمان سوى أجهزة الكمبيوتر والإنترنت الخاصة بهما في غضون ساعات أن طهران كانت تكذب. وقد كان المبنى في الواقع منشأة تجميع للطرد المركزي النووي في موقع تخصيب اليورانيوم الرئيسي في إيران. وكان الضرر واسع النطاق لدرجة أن الحريق قد يكون ناتجاً عن انفجار؛ ما يزيد احتمالية حدوث تخريب.
3- دور المحققين النوويين: في عام 2021، استخدم المحققون النوويون في مركز “جيمس مارتن” لدراسات عدم الانتشار في كاليفورنيا صور الأقمار الصناعية التجارية لاكتشاف أكثر من 200 صومعة صواريخ باليستية جديدة عابرة للقارات في الصين، وهو اكتشاف قد يشير إلى زيادات تاريخية في ترسانة الصين النووية.
وختاماً، أوضح التقرير أن قادة الاستخبارات الأمريكية يعرفون أن نجاحهم في القرن الحادي والعشرين يتوقف على التكيف مع عالم مليء بالمزيد من التهديدات، وسرعة أكبر، ومزيد من البيانات والمزيد من العملاء، والمزيد من المنافسين؛ إذ تعمل وكالاتهم بجد لمواجهة هذه التحديات من خلال إطلاق إصلاحات تنظيمية وبرامج ابتكار تكنولوجي ومبادرات جديدة لتوظيف أفضل المواهب العلمية والهندسية.