- ℃ 11 تركيا
- 24 ديسمبر 2024
كمال يونس يكتب: عودة العلاقات التركية المصرية.. وماذا بعد؟! (2)
كمال يونس يكتب: عودة العلاقات التركية المصرية.. وماذا بعد؟! (2)
- 17 سبتمبر 2024, 3:53:49 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تحدثنا في المقال السابق عن العلاقات التركية المصرية.. وأشرنا إلى إنها علاقات وطيدة منذ القدم.
وبعد لقاء الرئيسين التركي والمصري بتركيا أخيرا.. كان لابد أن نذكر أن هناك عدة ملفات يجب أن تلتقي فيها وجهات النظر بين البلدين.. ومنها:
1) موقف تركيا من المعارضين المصريين الذين يتخذون من تركيا ملجأ وملاذا لهم والتي تعد من أبرز المحطات.. وخاصة عندما أعلن الرئيس التركي أردوغان في سبتمبر 2014 عن ترحيب بلاده باستقبال قيادات الإخوان المسلمين والمعارضين المصريين.. مما كان هذا الأمر سببا للتراشق الإعلامي من بعض الإعلاميين المصريين.. ونتج عن هذا.. إطلاق عدة قنوات إعلامية تعذر إطلاقها من مصر.
ففي فبراير 2104 تم إطلاق قناة مكملين الموالية لجماعة الإخوان المسلمين للبث من تركيا.. وبعد شهرين أطلقت قناة الشرق التي يملكها المعارض أيمن نور.. وبعدها بعامين أطلقت قناة وطن.
لكن المناخ الآن قد يكون مهيأ.. بعد إغلاق قناة مكملين موقعها في تركيا.. وذهاب العاملين بها إلى كندا.. وبعد ترك معتز مطر قناة الشرق.. والرحيل من تركيا... حتى الموجودون في تركيا يحاولون ضبط الخطاب الإعلامي حسب ما أعلنه المعارض المصري أيمن نور الذي يرأس ما يسمى بـ"اتحاد القوي الوطنية في تركيا" والذي نفي أي حديث عن ترحيل المعارضين المصريين أو تقييد لحرياتهم في حديثه لقناة BBC.
وقال إن ما طلب منه هو ضبط خطاب القناة الإعلامي بحيث يلتزم بمواثيق العمل الصحفي، وأن يتجنب النقد الشخصي للمسئولين المصريين.
ويرى بعض المراقبين أن بعد هذا التقارب بين البلدين قد يساهم في إذابة جبل الجليد بين المعارضين المصريين وبين النظام المصري.. خصوصا في هذه المرحلة التي تمر بها المنطقة العربية من صراعات.. وتربص دولة الكيان الصهيوني بكل من في المنطقة.
ولعل الإفراج عن 1500من المعتقلين السياسيين بعد عودة الرئيس المصري للقاهرة قادما من تركيا تكون مؤشرا حسنا لهذا الأمر.
2) ثاني هذه الملفات غاز شرق المتوسط، وهو من الملفات الأكثر خطورة بالنسبة لتركيا لأنه يتعلق بثروات هائلة من الغاز الطبيعي والهيدروكربوات وتتداخل فيه أطراف على خلاف تاريخي مع تركيا وهي اليونان وقبرص.
وكان للاتفاق الذي وقع بين مصر وقبرص في ديسمبر 2013 بشأن ترسيم الحدود بين البلدين، أثرا كبيرا على توتر العلاقة بين مصر وتركيا.
حيث أعلنت تركيا رفضها وعدم اعترافها بهذا الاتفاق لأنه يقلص الحدود البحرية التركية في مناطق حقول الغاز لصالح قبرص.. في حين ردت مصر بأنه واحد من حقوق مصر السيادية.
تبع ذلك إعلان وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو في فبراير 2018 عن عزم بلاده التنقيب عن الغاز في شرق المتوسط.
وبعد حوالي عام من هذه التصريحات دشنت مصر منتدى غاز شرق المتوسط الذي يضم مصر والكيان الصهيوني والأردن واليونان وقبرص وإيطاليا بهدف خلق سوق إقليمي للغاز ودعم التعاون الاقتصادي وترسيم الحدود بين الدول الأعضاء.
ورأت تركيا في إنشاء هذه المنظمة محاولة لعزلتها عن ثروات المنطقة وردت في مايو 2019 بإعلان تحرك سفنها لبدء التنقيب عن الغاز واستخراجه.. واعترضت مصر على هذه التحركات واعتبرتها أنها تهدد أمن المنطقة وسلامتها.
وفي أغسطس 2020، وقعت مصر اتفاقا جديدا ثنائيا لترسبم الحدود البحرية مع اليونان ويحدد الاتفاق المناطق الاقتصادية البحرية الخالصة بين البلدين مما يعني تقسيم ثروات الغاز الطبيعي الموجود فيها.. وكان رد فعل المعارضين المصريين أنفسهم بأن هذا الاتفاق يقلل من مساحة مصر وحدودها المائية.. و بدورها رفضت تركيا هذا الاتفاق واعتبرته لاغيا وباطلا ولن تسمح بأي أنشطة في المنطقة.
ومع بوادر التقارب المصري التركي تحدثت صحف يونانية وعبرت عن مخاوفها في أن تكون مراجعة الحدود البحرية أمرا مطروحا في المستقبل خاصة مع وجود اتفاق ليبي تركي يمنح مصر مساحة أكبر من الحدود البحرية وما بها من ثروات الغاز الطبيعي.
فهل يمكن تجاوز هذه الخلافات بين تركيا ومصر التي تتعلق بهذا الملف، بعد هذا التقارب؟
3) ثالث هذه الملفات هو الملف الليبي، وهو ملف يرتبط بشكل وثيق بأزمة غاز شرق المتوسط. ففي نوفمبر 2019 وقعت تركيا اتفاقا مع حكومة السراج في العاصمة الليبية طرابلس وشمل الاتفاق مذكرتين للتفاهم:
الأولى: تتعلق بترسيم الحدود البحرية بين البلدين.
الثانية: تنص على تقديم تركيا للدعم والاستشارات والتدريبات العسكرية للحكومة في حربها ضد قوات شرق ليبيا بقيادة خليقة حفتر.
في حين علق وزير الخارجة المصري السابق علي ذلك بأن هذا الاتفاق يزيد التعقيدات في الملف الليبي ثم أصدرت مصر واليونان مذكرة مشتركة تعترض فيه على هذا الاتفاق.
وفي يناير 2020، وافق البرلمان التركي على إرسال قوات إلى ليبيا لدعم حكومة طرابلس ضد قوات شرق ليبيا. واعتبرت مصر هذه الخطوة تهديدا لأمنها القومي.
وفي يونيو 2020، أعلنت مصر مبادرة "إعلان القاهرة" لدعم الحل السياسي للأزمة في ليبيا بحضور خليفة حفتر، ورئيس برلمان طبرق عقيلة صالح، في غياب ممثل حكومة طرابلس. ونص الإعلان على إلزام جميع المرتزقة الأجانب في ليبيا تسليم أسلحتهم للجيش الليبي (الموالي لحفتر).
وقد رأي المراقبون أن هذا الإعلان محاولة لإنقاذ حفتر بعد تراجعه عسكريا، وسرعان ما أعلنت حكومة طرابلس رفض هذا الإعلان. وقالت إن ليبيا ليست في حاجة إلى مبادرات جديدة.
إنه ملف شائك ومرير.. فهل ستنجح تركيا ومصر في إزالة آثار هذا الملف بينهما؟
وخاصة أن العرب والمسلمين يواجهون الآن عدوا صهيونيا يريد القضاء على كل شيء في بلاد العرب والمسلمين؟!
كما أن مصر تواجه أيضا تحديا من إثيوبيا بشأن سد النهضة.
الله المستعان