كلثوم الجوراني تكتب: ارواح مستنسخة

profile
  • clock 8 أغسطس 2024, 8:51:40 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يبدو انني ساخسر في السباق يا الهي ماذا يجري الرياح تأخذني إلى جهة مجهولة في الفضاء ، الغيوم تحيط بي من كل جانب ، اختفى المظليون ولم اعد اسمع أصواتهم ربما هبطوا إلى الأرض بسلام وانا التائه الوحيد .


قلبي يخفق بشدة من الخوف فأنا معلق في الفضاء ولا اعلم ما المشكلة ، مظلتي تعمل بشكل جيد ولكنني لا استطيع الهبوط ، تعبث بي الرياح يمينا ويسارا ويكاد الخوف يقضي عليّ.


في تلك اللحظة سمعت أصوات تأتي من بين الغيوم نسيت مظلتي ونسيت الهبوط وصرت اعوم بين الغيوم لارى ما تلك الأصوات ، وانا كذلك واذا بأُناس يستقبل بعضهم بعضا نساء وأطفال ورجال ، رأيت عجوزا متكئة على عكازها وتنظر إلى مكان بعيد كأنها تنتظر احد ، شدني القلق الذي في عينيها وصرت  اراقبها ، ما هي إلا لحظات واذا بفتاة جميلة اقبلت فنهضت تلك العجوز لتستقبلها ثم سألتها عن شخص يدعى ابراهيم فأجابت الفتاة أنه بالآثر .


دعاني فضولي لاسأل المرأة العجوز من تكون ومن هذه الفتاة ولماذا هما ها هنا ؟


تنهدت وهي تنظر إلى الاعلى وكأنها تشكو لربها أمر ما، ثم قالت يا هذا انا في قوانين أهل الأرض ميتة وهنا تسكن روحي وأرواح الكثيرين ،منذ زمن بعيد ماتت ابنتي وتركت ورائها طفلين هما ابراهيم ومريم تزوج والدهما بمرأة قاسية كانت تضربهما وطردهما من البيت في ليالي الشتاء الباردة فتوسلت لوالدهما أن يبقيهما معي اعتني بهما وبعد مماطلة وافق فكبروا في كتفي وكنت حنونة عليهما عوضت ما فقدوه من حنان أمهما حتى جاء اجلي ، قبل أيام علمت أنهما تعرضا لحادث سير وهما بين الموت والحياة وها هي مريم بين أحضاني وانتظر ابراهيم بفارغ الصبر ، قالت هذا ثم أدارت وجهها وأخذت تبتعدت حتى غابت بين الغيوم .


كان هناك العديد من الأشخاص بعضهم يرفرف كالطير بسعادة وبعضهم يجلس كأنه سجين في زنزانته ، اجمل الحضور في ذلك المكان هم الصبية فقد كانوا يحلقون وكأنهم نجمات تسبح بين الغيوم ، انساني المكان والحاضرين أمر الهبوط وتعطل مظلتي والريح التي ساقتني إلى ذلك المكان الغريب ولكنني انتبهت أن علي العودة إلى الأرض ، فتحت عيني ويبدو أنني كنت مغمض العينين فنظرت إلى مظلتي وهي على ما يرام ولا أثر لعطل أو شيء آخر والأمور تجري على مايرام وها أنا أهبط إلى الأرض ملتحقاً بفريق المظليين ولكن قلبي بقي متعلقا بما رأيته في الاعلى وهل كان خيال ام حقيقة .


عدت من السباق امارس حياتي اليومية ولكنني لم أنفك افكر في اولئك الاشخاص وهل امي المتوفاة في مكان ما في الاعلى وهل سأذهب يوما ما إلى ذلك المكان اتمنى أن أخبر عائلتي واصدقائي بما شاهدته ولكن أخشى أن يسخروا مني أو يكذبونني.


بقلبي حنين لذلك المكان وكأنني انتمي إليه ، يكاد الشوق يقتلني لرؤية اولئك الصبية المحلقين بين الغيوم كأنهم درر منثورة اتمنى ان اعرف هل التحق ابراهيم بجدته واخته ام ما زال على قيد الحياة ؟

كلمات دليلية
التعليقات (0)