- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
قيثارة الابتهالات ..الشيخ نصر الدين طوبار
قيثارة الابتهالات ..الشيخ نصر الدين طوبار
- 23 أبريل 2021, 2:58:15 ص
- 1399
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
*حفظ القرآن في الصغر وذاع صيته بمحافظته الدقهلية
*نصحه رفاقه بالتقدم للإذاعة فظلمته لجان الاختبار ست مرات ونجح في السابعة
*أقتانه للمقامات وإدراكه للمفردات ساعده في تجسيد المعاني والإحساس بماينشد
الشيخ نصر الدين طوبار (7 يونيو 1920 - 16 نوفمبر 1986) قارئ قرآن ومنشد ديني مصري. حفظ القرآن الكريم
وذاع صيته في مدن وقرى محافظة الدقهلية ونصحه أصدقاؤه أن يتقدم لاختبارت الإذاعة، وبالفعل تقدم إلى اختبارات الإذاعة لكنه رسب خمس مرات متتاليات
حتى ضجر، إلا أن إصرار من حوله لاقتناعهم بصوته، دفعه إلى دخول اختبارات أصوات قراءة القرآن والإنشاد الديني للمرة السادسة، وكان أن نجح في السابعة.
وسط كوكبة المنشدين المصريين يأتى نصر الدين طوبار، متربعا لسنوات على عرش، الابتهال والانشاد الدينى فى مصر لسنوات بصوته الذى يشعرك بالسكينة والجمال
ورغم رحيل «طوبار» منذ مايزيد على 30 عاما مازال صوته علامة من علامات الشهر الكريم
واختص الشيخ نصر الدين، قدوم شهر رمضان بابتهال أنشده شوقا لشهر الصوم وترحيبا به، خلال حفل للإذاعة بمناسبة رمضان بمسجد سيدنا الحسين رضى الله عنه فى السبعينيات من القرن الماضى، قائلا فيه:
رمضان أشرق.. فالدنى تتطلع..ظمأى لنور من كتابك يسطع
أيقظت قلبى فاستفاق ميمما.. شطر الهدى يرنو إليك ويسمع
سأقوم ليلك داعيا متبتلا.. وأظل يومك خاشعا أتضرع
وكان المولى عز وجل قد أنعم على الشيخ الراحل بصوت متدرج النبرات عذب شجى يدخل إلى القلوب من غير استئذان،
ويتسم بالقوة وسهولة التنقل النغمى، وتتماشى طبقاته مع الكلمات، مما يدخلك فى أجواء إيمانية وروحانية ويحلق بك عاليا فى رحاب الخشوع والتبتل.
ورغم ظهوره فى مرحلة ثرية بعمالقة القراءة والإنشاد الدينى من كبار الشيوخ، مثل سيد النقشبندى، وطه الفشنى، ومحمد الفيومى،
ومحمد الطوخى، فإن الشيخ نصر الدين يعد أحد مؤسسى فن الابتهال، وواضع قواعده، وقد اعتمد فى أدائه على المناجاة الباكية،
مما جعل صوته يتسلل إلى قلوب الجماهير، التى تلهفت للاستماع إلى كلماته المختارة بعناية، وإلى أدائه الممتلئ بالخشوع والشجن والحزن.
ولعبت نشأة الشيخ نصر الدين دورا بارزا فى تشكيل وعيه ووجدانه وتحديد مستقبله، فقد ولد فى الأول من يناير عام 1920 فى مدينة المنزلة بمحافظة الدقهلية،
وكان جده لأبيه الشيخ شلبى طوبار قارئاً مجيداً للقرآن الكريم، وقد تأثر به نصر الدين وحفظ القرآن الكريم وهو فى سن السابعة،
وبسبب حسن صوته اشتهر فى مدن وقرى الدقهلية، وألحقه والده بالمدرسة الأولية لتعليم اللغة العربية بالمنصورة، ودرس علم القراءات والحديث.
وكان أصدقاء الشيخ نصر الدين يلحون عليه فى أن يكون قارئا بالإذاعة، ولا يكتفى بالقراءة فى البيت وسرادقات المعارف فى المناسبات،
وتقدم بالفعل لاختبارات الإذاعة، وكان المفاجأة أنه رسب 6 مرات. إلا أن إصراره واقتناع من حوله بصوته،
ونصائح المشايخ له بضرورة الاهتمام بالعلم الموسيقى ودراسة المقامات الصوتية على أيادى متخصصين، دفع طوبار للدراسة حتى ينجح،
فى تأكيد أن الابتهال أو الغناء ليس مجرد صوت حسن بل هو تدريب صوتى على القراءة الصحيحة المتمكنة فترات طويلة.
ودرس الشيخ نصر الدين المقامات الموسيقية على يد الموسيقار الكبير محمد عبدالوهاب الذى نصحه بأن يتوجه للموشحات الدينية والابتهالات لما له من حنجرة نادرة وصوت مميز،
وبالفعل درس الموسيقى لمدة عام، ليخوض بعدها اختبار الإذاعة للمرة السابعة وينجح فى الانضمام إليها كمبتهل عام 1956.
وكان أول احتفالات الشيخ نصر الدين فى مسجد سيدنا الحسين رضى الله عنه وأذيع على الهواء مباشرة،
وانهالت على الإذاعة المكالمات التليفونية تبدى إعجابها به. وارتبط الناس، عبر الإذاعة، بابتهالاته خاصة قبل صلاة الفجر عقب قراءة الشيخ عبدالفتاح الشعشاعى،
الذى كان يعتبره أخا روحيا له.
وعلى مدى حياته الممتدة لنحو 66 عاما، قدم لنا الشيخ نصر الدين أكثر من 200 ابتهال، وتنوعت بين مناجاة الله سبحانه وتعالى والتضرع والدعاء إليه،
ومدح للرسول صلى الله عليه وسلم وآل بيته، وإحياء للاحتفالات والمناسبات الدينية المختلفة. وأنشد أشعارا لكبار الشعراء مثل أمير الشعراء أحمد شوقى وصالح جودت وعبدالفتاح مصطفى ومرسى جميل عزيز .
تجسيد المعاني
وانعكس حفظ نصر الدين المقامات الموسيقية وإدراكه درجات الأداء وإعطاء كل حرف حقه من الإشباع، وكذلك إحساسه بالنص الشعرى،
على قدرته على تجسيد المعانى واختيار المقامات الملائمة لها وفقًا للمعانى وللحالة المزاجية له فى أثناء القراءة، فكان فى الحزن الشديد يقرأ من مقام «الصبا»،
وفى حالة الوجد يقرأ من مقام «النهاوند» أو «البيات» أو»الحجاز».
وكان الشيخ نصر الدين أول من ابتهل لجنودنا وأبطالنا خلال حرب أكتوبر 1973، وكان ابتهال «سبح بحمدك الصائمون» يوم 9 أكتوبر،
من بعده ابتهال «انصر بفضلك يا ميهمن جيشنا» يوم 14 أكتوبر، مما عكس إيمانه بقدرة وأهمية هذه الأناشيد والابتهالات الدينية فى تحريك المشاعر لدعم الجيش فى حربه ضد إسرائيل. وقال الشيخ،
فى لقاء إذاعى، إن الراحل محمد أنور السادات هنأه على الابتهالين تليفونياً قائلاً له: «صحيح يا شيخ.. أنت اسم على مسمى»،
كما اصطحبه السادات فى زيارته للقدس فى نوفمبر 1977 ليبتهل فى المسجد الأقصى.
وزار الشيح نصر الدين العديد من الدول الإسلامية مثل باكستان وإيران وتركيا وكرمته كل الدول التى زارها تقديراً لصوته العذب،
وسافر أيضا إلى العديد من الدول العربية والأجنبية، ونال إعجاب كل مَن استمع إلى صوته، فذاعت شهرته فى كل المدن الأوروبية،
وكتبت عنه الصحافة الألمانية: «صوت الشيخ نصر الدين طوبار يضرب على أوتار القلوب».
وخلال احتفالية المؤتمر الإسلامى العالمى فى عام 1980، ابتهل طوبار أمام أكثر من خمسة آلاف متفرج بقاعة «ألبرت هول» بلندن.
عمله
اختير مشرفًا وقائدًا لفرقة الإنشاد الديني التابعة لأكاديمية الفنون بمصر في عام 1980 شارك في احتفالية مصر بعيد الفن والثقافة كما أنشد في قاعة ألبرت هول بلندن وذلك في حفل المؤتمر الإسلامي العالمي.
سافر إلى العديد من الدول العربية والأجنبية وكتبت عنه الصحافة الألمانية: (صوت الشيخ نصر الدين طوبار يضرب على أوتار القلوب).
كما تم تعيينه قارئا للقرآن الكريم ومنشدًا للتواشيح بمسجد الخازنداره بشبرا.
رحل الشيخ نصر الدين فى يوم السادس من نوفمبر 1986، تاركا موسوعة من التواشيح والابتهالات تذاع حتى الآن عبر الإذاعة خاصة قبل صلاتى المغرب والفجر،
وسيظل صوته ووجهه رمضانيا خالصا، ينثر نسائم إيمانية كلما هل الشهر الكريم، وهو يبتهل: رباه.
ها أنا ذا خلصت من الهوى واستقبل القلب الخلى هواك، وتركت أُنسى بالحياة ولهوها، ولقيت كل الأنس فى نجواك، ونسيت حبى واعتزلت أحبتى،
ونسيت نفسى خوف أن أنساك، ذقت الهوى مرا، ولم أذق الهوى حلوا قبل أن أهواك، يا غافر الذنب العظيم، وقابلا للتوب، قلب تائب ناجاك، سبحانك جل جلالك يا الله.