فير أوبزرفر: نسخة قومية منقحة.. أيدولوجية الربيع العربي القادم ضد الديكتاتورية

profile
  • clock 12 سبتمبر 2022, 10:33:40 ص
  • eye 853
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يبدو أنه لا مفر من عودة الربيع العربي عاجلا أم آجلا، ما يثير تساؤلات من قبيل "متى سيحدث؟" و"ما هو نوع السرد أو الأيديولوجية التي ستقوده؟".. هذا ما طرحه موقع "فير أوبزيرفر" في تقرير نشره الأحد، مرجحا أن تكون تلك الأيديولوجية "نسخة عروبية منقحة".

وأورد الموقع الأمريكي، في تقريره، أن بناء العالم العربي الحديث جرى قبل 100 عام على أنقاض الإمبراطورية العثمانية مدعوما بمكائد المستعمرين الغربيين، ومنذ ذلك الحين كان على العرب أن يتحملوا على ما يبدو "عرضًا لا نهاية له من الحكام المستبدين".

ولتعديل هذا المسار، دافعت حركات المعارضة العربية في أوقات مختلفة عن رؤى مختلفة لمستقبل المنطقة، تشمل أيدولوجيات منها مناهضة الإمبريالية والقومية العربية والاشتراكية وأشكال مختلفة من الإسلاموية وحتى الرأسمالية، لكن كل منها قدم لاحقا تجارب حكم "مريرة أو غامضة في أحسن الأحوال"، بحسب التقرير.

وكان الربيع العربي عام 2011 أحدث خيبة أمل في سعي عربي طويل الأمد من أجل الحرية؛ حيث تراجعت الديمقراطية سنوات إلى الوراء؛ بسبب إخفاقات جماعة الإخوان المسلمين والانقلاب العسكري في مصر عام 2013.

وأدى صعود وسقوط تنظيم "الدولة"، الذي أوصل الإسلام السني إلى أقصى درجاته تعصبا وتطرفا، إلى الإضرار بجاذبية الإسلام السياسي عموما على نطاق واسع في المنطقة لسنوات قادمة.

وأدت هذه الكوارث معا إلى خيبة أمل واسعة النطاق من الديمقراطية والإسلام السياسي، تاركة "فراغا أيديولوجيا" في قلب الثورة العربية.

لكن "الثورة ليست حفل عشاء"، كما قال الفيلسوف الصيني، مؤسس جمهورية الصين الشعبية "ماو تسي تونج"؛ وبالتالي "لا ينبغي اعتبار هذه النكسات على أنها فاشلة بقدر ما هي بداية خاطئة"، بحسب التقرير.

العروبة مجددا

وهنا يشير "فير أوبزرفر" إلى أن "القومية العربية يمكن أن تكون الجواب"، وهي الأيدولوجية التي تتصور الدول العربية المختلفة كيانا سياسيا واحدا، ولكن بنسخة مختلفة عن تلك التي قادها الرئيس المصري الراحل "جمال عبد الناصر"، وانتهت بهزيمة حرب الأيام الستة أمام إسرائيل عام 1967.

فمن المتوقع أن تكون نسخة العروبة الجديدة "نموذجا محدثا ملائما لعالم معولم ورقمي"، بحسب التقرير، الذي اعتبر أن هكذا أيدولوجية "لديها القدرة على تقديم أيديولوجية جامعة تستوعب بسهولة المجموعات الأخرى الموجودة في المجتمعات العربية".

و تكمن جاذبية هذه الأيدولوجية بالمقام الأول في مفهوم "الهوية القومية والوحدة العربية" التي لطالما وجدها المثقفون والنخب العربية جذابة، ويكمن جوهرها في الإيمان بـ"تفوق الثقافة العربية" التي تمتد عبر المنطقة من شمال إفريقيا إلى الخليج.

قضية فلسطين

ومن شأن إنتاج نسخة منقحة من العروبة أن يعيد فلسطين على رأس جدول الأعمال العربي مرة أخرى، خاصة أن استطلاعات الرأي العام العربي تظهر باستمرار أن فلسطين تظل قضية مهمة بين عموم السكان، حتى في البلدان التي وقعت على اتفاقيات التطبيع مع إسرائيل المعروفة بـ"اتفاقيات أبراهام".

ففي مؤشر الرأي العربي 2019-2020، وهو استطلاع للرأي العام أجراه المركز العربي للأبحاث ودراسات السياسات في العاصمة القطرية الدوحة، عارض 88% من المستطلعة آراؤهم الاعتراف بإسرائيل، وأيد 81% فكرة أن الشعوب العربية العديدة والمتنوعة تشكل أمة واحدة، فيما وافق 16% فقط على القول بأن "الشعوب العربية أمم متميزة، مرتبطة ببعضها البعض فقط بروابط واهية".

وهنا يشير التقرير إلى أن التاريخ يبرهن على أن "الديكتاتوريين العرب والاحتلال الإسرائيلي لفلسطين مترابطان"، و"يكاد يكون من المستحيل معالجة أي منها بمعزل عن الآخر".

فعلى سبيل المثال، تراجعت الديمقراطية في مصر بدعم من إسرائيل ودول الخليج، واستمر الاحتلال الإسرائيلي لفلسطين بدعم مصري.

ويعتمد الحكام المستبدون في الخليج على قمع مصر للديمقراطية والإسلام السياسي؛ للحفاظ على قاعدة قوتهم المحلية، فيما تتغذى الدكتاتورية العسكرية المصرية على أموال النفط الخليجية.

هذه هي "العقدة" التي هزمت ثورات الربيع العربي، بحسب الموقع الأمريكي، الذي اعتبر أن القومية العربية لديها القدرة على قطع هذه العقدة، وهو ما فشل تنظيم الدولة في القيام به".

واعتبر تقرير "فير أوبزرفر" أن القومية العربية "غير أيديولوجية بشكل ملحوظ حول كيفية تنظيم المجتمع"، وتترك الباب مفتوحًا للأفكار الأخرى في هذا الشأن.

وتعطي هذه البراجماتية النسبية للعروبة صفة مميزة تمكنها من أن تمثل الكثير لعموم السكان في العالم العربي بشتى انتماءاتهم، بمن فيهم هؤلاء المنتمين إلى جماعات المثقفين والفنانين، أو حتى الجهاديين والإخوان المسلمين؛ ما يعطي لهذه الأيدولوجية قوة سياسية.

ويلفت الموقع الأمريكي، في هذا الصدد، إلى أن عديد القادة العرب أعلنوا تبنيهم للعروبة في الستينيات من القرن الماضي؛ "لأنهم اعتقدوا أنها ستساعدهم على الاحتفاظ بالسلطة"، لكنهم في الواقع كانوا يتشدقون بها فقط ولا يتبنونها عمليا "لأن تبنيها كان سيعرض مواقعهم للخطر".

واعتبر "فير أوبزرفر" أن القادة العرب "يتشدقون بالعروبة، لكنهم، في نفس الوقت، يستثمرون بكثافة لمواجهة جاذبيتها"، عبر الترويج لرواياتهم القومية المحلية الخاصة، "لتوطيد سلطتهم"، وهو ما يظهرونه بقوة في مناسباتهم الوطنية.

 

المصدر | فير أوبزرفر

التعليقات (0)