- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
عُش العنكبوت التحالف السعودي الإماراتي
عُش العنكبوت التحالف السعودي الإماراتي
- 4 مارس 2021, 2:49:29 ص
- 6856
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
الظاهر في العلاقة بين السعودية والإمارات انهما تشتركان في العديد من المصالح الاستراتيجية المشتركة هذه نظرة خاطئة وسطحية، فلو نظرنا للديناميكية الجيوسياسية داخل مجلس التعاون الخليجي سنكتشف أن تحالف بن زايد مع بن سلمان تحالف شخصي وتم توفيقة تحت أسم الدولتين وحقيقته بالتدقيق أضعف مما يبدو تحالف قلق ومترقب للتفكك في أي لحظة وتسميته الحقيقة هو تحالف انتهازي بين شخصين يقودا دولتين. فخلافات هذا التحالف الاستراتيجية عميقة وتاريخية ومتأصلة وبناء هذا التحالف بناء هش و تم بشكل خاطئ أبان الربيع العربي.
فما هي الدلائل أن تحالف بن زايد وبن سلمان السعودية تحالف هش انتهازي وأن خلافات البلدين عميقة نظرنا للديناميكية الجيوسياسية داخل مجلس التعاون الخليجي وماهي نقاط تعارض أجنداتهما في الملفات الخليجية والإقليمية، وماهي خلافات الماضي التي تلقي بظلالها على الحاضر، وتظل كالنار تحت الرماد؟
جذور الخلاف بين الامارات والسعودية
الخلاف على النفوذ والسيطرة والتبعية قديمة ومتجذرة وهي أصل الخلافات بين الإمارات والسعودية لو نظرنا لبداية الخلاف كان مع محاولة الشيخ زايد آل نهيان تأسيس دولة الإمارات، حيث نشأ نزاع حدودي في السبعينيات، حول حقل نفط الشيبة وذو إنتاجيته العالية والذي بلغ 500 ألف برميل يوميًا، والمنطقة الساحلية الفاصلة بين الإمارات وقطر، وكانت هذه النقطة بالتحديد السبب في اعتراض السعودية على إنشاء جسر بحري بين الإمارات وقطر عام 2005.
وعلي أثر الخلاف وقعت السعودية والإمارات اتفاقية حدودية عام 1974، عُرفت باتفاقية جدة، اعتقدت الامارات فيما بعد انها ظالمه و نصت على تحديد الحدود بين البلدين، بتنازل السعودية عن جزء من واحة البريمي في مقابل الحصول على ساحل بطول حوالي 50 كم يفصل بين قطر والإمارات، وتنتزع السعودية ملكية حقل شيبة الذي يمتد جزء منه داخل أراضي الإمارات وتضم جزيرة الحويصات لحدودها . ظلت الأمور بين البلدين محايدة حتى وفاة الشيخ زايد، ومع تولي ولي العهد خليفة بن زايد بعد وفاة أبيه أثار هذه الاتفاقية بين البلدين خلال أول زيارة للرياض في ديسمبر 2004، حيث تعتبر الإمارات هذه الاتفاقية ظالمة لها، حيث تقول إنها وقعتها في ظروف استثنائية، بينما تعتبر السعودية أن الاتفاقية سارية.
أصدرت الإمارات في كتابها السنوي عام 2006 خرائط جديدة يظهر فيها "خور العديد " تابعًا للمياه الإقليمية الإماراتية. وردت السعودية بإيقاف دخول المواطنين الإماراتيين إلى أراضيها باستخدام بطاقات الهوية كما هو معمول به في عام 2009،.
وقاطعت الإمارات مؤتمر وزراء الخارجية والنفط لدول مجلس التعاون الخليجي في السعودية والذي عقد بالتزامن مع تدشين حقل للنفط في شيبة، بذريعة أن الدولة المضيفة لا تشرك الإمارات في تقاسم عائدات النفط من هذا الحقل على الرغم من اتفاق 1974، وتدعي الإمارات أن ما نسبته 80% من الحقل يقع ضمن أراضيها وتملك الحق في تطوير هذا الحقل والاستفادة من إنتاجه النفطي بشكل كامل. في عام 2010 كادت العلاقات تنقطع بين البلدين عندما أطلق زورقان تابعان للإمارات النار على زورق سعودي في "خور العديد"، واحتجز اثنان من أفراد حرس الحدود السعودي.
كراهية أبو ظبي للدعوة الوهابية ومحاربتها بخطط استراتيجية عالية مدعومة من الغرب
الواقع أن نظرة "ابن زايد" المرتابة تجاه السعودية بعمقها في بعدي التاريخ والأيديولوجيا، وهي تستند إلى تاريخ من العداوة المذهبية بين القبائل الوهابية في نجد، والتجار المالكيين في الإمارات، منذ النصف الثاني من القرن الثامن عشر، قبل حتى أن يبدأ الصراع الفعلي بين آل سعود و آل نهيان في عام 1810، عندما سيطر "آل سعود"، الذين كانوا يسيطرون بالفعل على معظم شرق شبه الجزيرة العربية، على واحة "البريمي"، البيت التقليدي لآل نهيان، ولؤلؤة الرعاة والصيادين في هذا التوقيت، وليبسطوا سيطرتهم عليها لقرابة 150 عامًا. ومع هذا التاريخ من التنافس المذهبي والعداء القبلي، كان من الطبيعي أن تفرض النزاعات الحدودية نفسها بعد اكتشاف النفط في شبه الجزيرة العربية عام 1932، وبداية ترسيم الحدود في شرق الجزيرة لاحقًا بعد ثلاثة أعوام.
بيد أن سياسة "اللا تسامح" الإماراتية في التعامل مع السعودية، والتي مثلت قطعية واضحة ومتعمدة مع إرث زايد الأب، لم تكن وليدة محض إستراتيجية جديدة لأبناء زايد الساعين إلى إثبات وجودهم على طريقتهم الخاصة، بقدر ما كانت تعبر عن إرث واضح من عدم الثقة التي تصل إلى حد الاحتقار من قبل أبناء زايد، وعلى وجه الأخص ولي عهد أبوظبي الحالي، تجاه السعوديين. فمنذ صعوده إلى ولاية العهد مع تولي أخيه "خليفة" حكم البلاد عام 2004، لم يفوت محمد بن زايد أي فرصة لإظهار اشمئزازه من النظام السعودي، ومحاولة قلب الطاولة عليه في لقاءاته مع المسؤولين الأميركيين، الذين يجد بن زايد أريحية غير معهودة في الحديث حول أفكاره معهم، وفقما ظهر في عشرات البرقيات التي سربتها ويكيلكس
"مجموعة من الأمراء الهرمين عديمي الكفاءة القادمين من الماضي، وغير القادرين على التغيير، ونظام فاسد يتم التحكم به من قبل رجال الدين، وشعب ينتظر الولايات المتحدة لتغير له حكومته، ومنبع خصب لتصدير الإرهاب والتطرف": تلك هي صورة القيادة والشعب السعودي من وجهة نظر ولي عهد أبوظبي كما أظهرتها برقيات ويكيليكس. فضلًا عن الازدراء الشخصي الذي أظهره "محمد بن زايد" لبعض كبار الأمراء في السعودية، وعلى رأسهم ولي العهد الأسبق الأمير "نايف بن عبد العزيز"، الذي شبهه "ابن زايد" بالقرد في أحد البرقيات.
وبخلاف هذه النظرة التي يغلب عليها الازدراء لكل ما هو سعودي، تظهر أحاديث ولي عهد أبوظبي ووزير خارجيته الكثير من القلق الأيديولوجي الخاص حول نفوذ رجال الدين السعوديين، ليس في المملكة العربية السعودية فحسب، ولكن في الإمارات نفسها. واستنادًا إلى هذا القلق، فإن "محمد بن زايد" سارع إلى استثمار فرصة الخلاف الأميركي السعودي، بعد أحداث الحادي عشر من (سبتمبر/أيلول)، للتعريض بالنظام السعودي لدى واشنطن، بداية من التلويح بخضوع قرارات المسؤولين السعوديين لتأثير رجال الدين "المتطرفين" كما قال، وصولًا إلى الإفصاح عن مخاوفه الشخصية من امتداد هذا التأثير إلى بلاده حتى الجيش الإماراتي نفسه، الذي ظل "ابن زايد" يعتقد أنه ربما يكون أكثر ولاءً لرجال الدين السعوديين من ولائه للقيادة الإماراتية.
تظهر أحاديث "ابن زايد" الفياضة إلى المسؤولين الأميركيين أيضًا أنه لا يفرق كثيرًا بين الخطر الأيديولوجي الذي تمثله جماعة "الإخوان المسلمين"، وبين "السلفية الوهابية"، ففي حين أن "جون جينكيز"، السفير البريطاني السابق لدى السعودية والإمارات، يرى أن "محمد بن زايد" هو أكثر من يكره الإخوان المسلمين في العالم، فإن المسؤولين الأميركيين في سفارة أبوظبي كانوا يرون أن السعوديين هم ثاني ألد أعداء "ابن زايد" بعد إيران، أو بتعبير "ابن زايد" نفسه "ليسوا حلفائي ولكني مضطر إلى التعامل معهم".
فضيحة تسريبات" ويكيليكس" خير دليل علي كون التحالف انتهازي
تبين وثائق "ويكيليكس" المسربة أن ولي عهد أبو ظبي كان يحرض مسؤولين أمريكيين على المملكة، بينما كان يتظاهر في العلن أنه حليف لها وأن العلاقات بينه وبين المسؤولين في الرياض بأفضل حال. ووفقًا لوثيقة يعود تاريخها إلى 21 من أبريل 2008، فإن محمد بن زايد آل نهيان عقد اجتماعًا يوم 16 من أبريل من العام ذاته مع قائد العمليات البحرية الأمريكية، ودار بين الرجلين مباحثات في قضايا مختلفة، وقال بن زايد للمسؤول الأمريكي: "العالم تغير، والإمارات ستظل متفائلة على الرغم من وجودها في منطقة يغلب عليها التخلّف، وضرب مثلاً بجارته السعودية التي لا يستطيع 52% من سكانها قيادة السيارة" في إشارة لمنع المرأة من قيادة السعودية.
وتكشف وثيقة أخرى يعود تاريخها إلى 25 من يونيو 2008 أن وزير الخارجية عبد الله بن زايد كان يحاول تحريض الأمريكيين أيضًا على السعودية، حيث قال لمسؤول أمريكي إنه لا يرى في الأمراء السعوديين الأصغر سنًا أي وجوه واعدة. وفي الوثيقة التي تعود إلى 24 من يناير 2007 يتبين أن ولي عهد أبو ظبي قال لمساعد وزير الخارجية الأمريكية نيكولاس بيرنز: "عندما زرتُ السعودية التقيت بقادة تتراوح أعمارهم بين 80 و85 سنة، وهؤلاء لم يسمعوا بالإنترنت إلا بعد أن جاوزوا السبعين عامًا، هناك فجوة كبيرة في السعودية".
وبحسب وثيقة تعود إلى 12 من يونيو 2004 فإن محمد بن راشد آل مكتوم، حاكم دبي ورئيس وزراء الإمارات، قال للجنرال جون آبي زيد قائد القوات الأمريكية في العراق خلال اجتماع على العشاء في أبو ظبي: "نحن - أنا ومحمد بن زايد- عندما ننظر إلى أكثر من 100 كيلومتر أمامنا فإن القيادة السعودية لا تنظر لأكثر من كيلومترين فقط".
وبعيدًا عن المشكلات الشخصية، فإن بن زايد أعرب عن تخوّفه من الجيش الإماراتي، فوفقًا لوثيقة مسربة أنَّ الجيش يبلغ 60 ألفًا، من بينهم 50% إلى 80% قد يستجيبون لنداء يطلقه أحد مشايخ مكة. في إشارة إلى تنامي التوجه الإسلامي بالمنطقة. هذا التخوف يجعل الإمارات تعتمد على شركات أمن خاصة-مثل بلاك ووتر - في تأمين قصورهم وممتلكاتهم.
نقاط التقارب الوقتي في الأجندات
نراهم ثلاث نقاط (الرغبة في التطبيع مع الكيان الصهيوني -الحد من النفوذ الايراني بالمنطقة -الحفاظ على العروش من خطر الإسلام السياسي والتيارات الإصلاحية .
علاقة محمد بن سلمان وبن زايد وتبعيه السعودية لأبو ظبي
تنفيذ تجربة أبو ظبي العلمانية لتمكين بن سلمان من الوصول للعرش. ورسم رضاء دولي وأيضا التقارب مع الكيان الصهيوني لتنفيذ أجندة استقرار بالتخلي عن القضية الفلسطينية وما يترتب علي تلك التبعية من جعل مكانة العائلة السعودية الإقليمية كتابع لدولة صغيرة ونجد ذلك واضحاً.
الخلافات الإقليمية وتضاد الاجندات والصدام قادم.. ولكن مسالة وقت
فقابلية التوتر بين السعودية والإمارات يظهرها عدد متزايد من الخلافات في السياسات الخارجية للبلدين، فعلى فنري أن السعودية قامت بدعم قوات متنافسة في اليمن، بالإضافة إلى أنهما تتبنيان نهجين متناقضين لحل الحرب الأهلية السورية.".
فالفرق الواضح والمتنامي بين السعودية والإمارات في السياسات تجاه التعامل مع الأزمات الإقليمية يشير إلى احتمال تصعيد مستقبلي في التوتر بين الرياض وأبو ظبي، وقد يكون أصعب في الحل من المواجهة مع قطر، ويمكن إيضاح الصعوبة في تخفيف أي خلاف بين السعودية والإمارات بطبيعة تلك الخلافات بين البلدين".
فعلى خلاف النزاع بين السعودية وقطر، الذي يتعلق مبدئيا بصراع لفرض الهيمنة، فإن الخلاف بين السعودية والإمارات ناشئ عن رؤى استراتيجية متنافسة، حيث كانت كل من السعودية والإمارات مستعدة لاستخدام القوة العسكرية والمبادرات الدبلوماسية أحادية الجانب لتشكيل النظام الإقليمي بحسب رؤيتهما، فالتوترات الناجمة عن الرؤى المختلفة ستستمر مستقبلا