- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
عمرو الشوبكي يكتب: الاتـجـاه الـخـطـر
عمرو الشوبكي يكتب: الاتـجـاه الـخـطـر
- 28 فبراير 2024, 1:41:32 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
قد يكون تصويت "المجر" الذي يقودها زعيم يميني متطرف ضد وقف إطلاق النار في غزة له أكثر من دلالة، خاصة أنها الدولة الأوروبية الوحيدة بين دول الاتحاد الأوروبي الـ٢٧ التي اتخذت هذا الموقف.
والحقيقة أن المجر مثل الأرجنتين في ظل رئيسها الجديد، الذي أعلن نقل سفارة بلاده إلى القدس، ولم يُدِنْ الجرائم الإسرائيلية، ومثل البرازيل في عهد رئيسها السابق بولسونار وأميركا في عهد ترامب تعزف نفس اللحن المتطرف بفرقة موسيقية مختلفة.
هذا الاتجاه الذي تعاطف معه البعض واعتبره «حائط صد» وهميّاً أمام الأفكار الديمقراطية، اكتشف أن الأحزاب الليبرالية واليسارية التي تدافع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان في العالم ليس من أولوياتها حالياً نشر أفكارها في البلدان الأخرى، وخاصة العالم العربي.
فالأوهام التي تصوّرها البعض مع مجيء الديمقراطيين لحكم أميركا بأنهم سيتدخلون في شؤون مصر وبلدان أخرى اكتشفوا أنه ليس من أولوياتهم نشر الديمقراطية، التي ثبت أنها خيارات تخص الشعوب ولا تُفرض من الخارج، كما أنهم امتلكوا معايير مزدوجة في الدفاع عن حقوق الإنسان، فدافعوا عن حقوق المدنيين الإسرائيليين، ونسوا حقوق ٣٠ ألف فلسطيني، معظمهم أطفال ونساء تعمّد الجيش الإسرائيلي قتلهم في غزة.
ومع ذلك يظل هناك فارق كبير بين أحزاب وتيارات ليبرالية ويسارية غربية تدافع عن مصالح شعوبها ولا يُعوَّل عليها في بناء الديمقراطية في بلادنا لأنها مسؤولية شعوبنا ونخبنا ونظمنا الحاكمة، وبين أحزاب عنصرية تكره وتتعالى على كل مَن هو خارج الحضارة الغربية البيضاء.
أنصار هذه التيارات في أميركا وأوروبا والهند وأميركا الجنوبية هم أكثر الناس تعصباً وعنصرية، هم يرفضونك ليس فقط لأنك عربي أو مسلم، إنما لأنك لستَ أميركيّاً أبيض، ويعتبرون كل مَن هو خارج هذا «العرق» في مرتبة أقل، سواءً كان مكسيكيّاً أو آسيويّاً، وقبلهما بالطبع الأفارقة أصحاب البشرة السمراء.
يجب ألا يتصور أحد أن عودة ترامب إلى الحكم ستكون حلّاً لأي قضية تخصنا، فالرجل لم تكن فقط علاقته سيئة بالمسلمين، إنما بالجميع، ويكفى أنه بنى جداراً عازلاً فصله عن المكسيك، في مشهد لم يحدث إلا في بلد واحد، هو دولة الاحتلال الإسرائيلي.
مَن تبقّى من أنصار هذا الاتجاه في العالم العربي اكتشفوا أنه لو كان يحكم أميركا أو عاد لحكمها مع ترامب فلن يقول كلمة واحدة ضد إسرائيل، ولن يتوسط من أجل هدنة إنسانية، إنما سيدعمها من أجل إتمام القتل والتهجير، وهو بالقطع خيار أسوأ من خيار الإدارة الحالية، التي ترفض بعض الممارسات قولاً ويرفض بعض المنتمين إلى تيارها، وبشكل قاطع، الممارسات الإسرائيلية، ويبقى الجزء الباقي يخصنا، وهو أن نكون في وضع أقوى يجعلنا نفرض على أي إدارة غير متطرفة مصالحنا، وقبلها حياة شعوبنا في غزة وفي أي مكان.