علي محمد علي : إشي خيال يا ناس

profile
علي محمد علي شاعر وكاتب مصري
  • clock 8 يوليو 2021, 4:02:54 م
  • eye 1134
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

أكتب لكم من العالم الآخر ، من قلب الموت ، وأرسل لكم إستغاثات الأموات ، فلم العجب ؟ فأنا منذ ولادتي ميت ، والأدلة على موتي كثيرة ، فأنا لم أحلم طوال عمري الذي عشته ، وإن حلمت صدفةً لا أستطيع تحقيق جزء من الحلم ، أنا لم أشترى فيلا في الساحل الشمالي أو في أي كومباوند من إللي بتيجي إعلانتهم في التلفزيون ، أو حتى حجزت وحدة في العاصمة الإدارية الجديدة وبالتالي فاسمي غير موجود في الجمهورية الجديدة ، يبقى أنا كده عايش ؟ لم أستطع طوال فترة حياتي شراء سيارة مرسيدس E200 أو BMW أو حتى Verna معفنة لا كاش ولا قسط ، رغم ولهي وعشقي للسيارات ، يبقى أنا كده عايش ؟ ،

 لم أستطع يومًا أن أذهب للمصيف كل سنة ، وكنت أقول لأولادي مصيفكم في الجنة وهايبقى اسمه " جنة بيتش " وأعملهم نفسي مروحة ونقضيها ، دولابي ليس فيه غير بدلة واحدة يتيمة تزوجت بها منذ ثلاثون عامًا ، وموضتها راحت وجت مرتين حتى دابت ومازلت محتفظ بها لأني أحب إقتناء الأشياء القديمة ، تليفوني الذي أكتب عليه لكم الآن حينما ذهبت به إلى الجنة ، سخر على موديله الغلمان الصغار الذين يطوفون علي بالخمر ، عشت عمرًا بينكم وأنا مطارد من الديانة وأتخفى من البقال وبتاع الدخان وغيرهم ، حتى وأنا جالس في قصري في الجنة ومعي حورية ،

 فإذا طرق الباب أنهض مسرعًا لأبحث عن مخبأ ، وهذا يضحك الجميع هنا علي ، إستهلكت جزءًا كبيرًا من تفكيري في الهروب من شبح الجوع الذي كان يهددني وأولادي كل دقيقة كأنه يتلذذ ، وذلك أثر بالسلب على إنتاجي الأدبي والثقافي ، فلا تجد منه سوى هذا المقال الذي تقرأه الآن وتريد أن تعرف النهاية ، ولن تعرفها مثلي ، لأنه ببساطة لا توجد نهاية لعذابي وشقائي حتى وأنا في الجنة فهناك فيلات وقصور أ على وأفخم مما عندي وأشعر بالطبقية الشديدة التي كنت أشعر بها عندكم ، عشت عندكم بلا مال والغريب أني هنا أيضًا بلا مال حيث لا أهمية له هنا ، لكني أشتهيه حتى أشبع عندي عقده النقص ، لكن القوانين هنا صارمة ،  كثيرًا ما حلمت بتكييف ، لكن هنا لا توجد أصلًا كهرباء ، الفقراء لهم الجنة فهم عيال الله ، 

لكن السؤال هنا ، وأين سيذهب الأغنياء لماذا لم يرد عنهم ذكر ؟ أم أنهم في جنة فوق الجنة ، ولما لا وهم مكرمون ومنعمون في الدنيا ، طيب كنت أصبر نفسي على حالي وأقول العلم في عقلك بدل المال في جيبك ، وهنا لا علم و لا مال لهما أفضلية في شيء فهما أساسًا غير موجودان ، إنني أريد تنافس ولا توجد هنا منافسة ، إنني أريد مناظرات و القوانين هنا تمنع الجدل ، لذا أنافس نفسي وأناظرها كمن يلاعب نفسه دور شطرنج ، وبحثت في كل الأرجاء عن شيشة فلم أجد ، أوليس الله قادر على جعل دخانها صحي ؟ ثم صحوت من نومي على صفعة  قوية جدًا على خدي ، فاكتشفت أن زوجتي وهي نائمة حلمت أنها تضرب إبننا الشقي ، كما إنها تعاني بعض الخلل والإضطرابات النفسية ، والتي سببها سوء التغذية ، فأشفقت عليها وقبلتها ولم أنتقم لأول مرة فالفقر إنتزع منا إنسانيتنا والجوع جعلنا كفار  .

التعليقات (0)