- ℃ 11 تركيا
- 7 نوفمبر 2024
عصام نعمان يكتب: لأن موازين القوى متكافئة لا حرب ضارية في غرب آسيا
عصام نعمان يكتب: لأن موازين القوى متكافئة لا حرب ضارية في غرب آسيا
- 27 مارس 2023, 3:39:04 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
نقل موقع «أكسيوس» الإخباري الأمريكي منتصفَ الاسبوع الماضي عن مسؤول إسرائيلي (تَرَدَد أنه بنيامين نتنياهو) أن «إسرائيل» أبلغت الولايات المتحدة ودولاً غربية عزمها ضرب إيران إذا خصّبت يورانيوم فوق مستوى 60 في المئة، ونسب الموقع إلى مسؤولين إسرائيليين، أن تل أبيب طلبت من واشنطن تسريع تسليمها 4 ناقلات جوّية من طراز «كيه سي 46»، مشيرين إلى أن «إسرائيل» في حاجة إلى الناقلات الأربع للتزود بالوقود جواً استعداداً لضربة محتملة ضد إيران.
صحيفة «يديعوت أحرونوت» كانت قد تحدثت، بالتزامن مع موقع «إكسيوس»، عن هجوم على «قاعدة الإمام عليّ» في بادية البوكمال السورية في ريف دير الزور قرب الحدود مع العراق، التي تتخذها فصائل قتالية مدعومة من أطراف محور المقاومة قاعدةً لها. هل أن قصف «قاعدة الإمام عليّ» بواسطة مسيّرة إسرائيلية (وأخرى أمريكية)، كما أكّد لاحقاً موقع «0404» العبري بترخيصٍ على ما يبدو من قيادة الجيش الإسرائيلي، يشكّل عمليةً عسكرية تمهيدية وتحذيراً مقصودين من جانب كيان الاحتلال وأمريكا لإيران وسائر أطراف محور المقاومة؟
تصدّع بنية «إسرائيل» نتيجةَ الانقسام والاضطرابات الأمنية ستدفع قيادة الجيش الإسرائيلي، للجم نتنياهو ومنعه من جرّ الكيان الصهيوني إلى حربٍ مكلفة قد تعجّل في زواله
لا يستبعد خبراء إستراتيجيون قريبون من قيادات المقاومة (حزب الله) في لبنان ذلك وإن كانوا يرجّحون أنها مناورة من جانب نتنياهو للإيحاء إلى واشنطن بأنه لن يتورّع عن شن الحرب على إيران ووضع إدارة الرئيس جو بايدن أمام أمر واقع إذا ما استمر هذا الأخير في الضغط عليه للتخفيف من إجراءات «إصلاح القضاء» التي تعارضها غالبية الإسرائيليين، وتهدّد تداعياتها المتصاعدة في شوارع المدن بحرب أهلية بين اليهود أنفسهم. إلى ذلك، ثمة من يعتقد بين المراقبين في بيروت أن تصعيد «إسرائيل» ما تسميه «معركة بين الحروب» بمثابرتها على قصف مواقع عسكرية للجيش السوري، بدعوى أنها تشتمل على قوات وأجهزة عسكرية إيرانية، بات يشي بتوسيع دائرة الاشتباك بين الكيان الصهيوني من جهة وكلٍّ من روسيا وإيران من جهة أخرى. لماذا؟ لأن الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة تستهدف مواقع على مقربة من قواعد عسكرية روسية في غرب سوريا (محافظتي اللاذقية وطرطوس) كما في شمالها الشرقي (محافظة الحسكة) من جهة، ومن جهة أخرى تستهدف أيضاً مواقع قرب مطاري دمشق وحلب، بدعوى أنها تنطوي على مستودعات لأسلحة ومعدّات عسكرية إيرانية، بالإضافة إلى تعطيل استقبال المطارين للمساعدات العينية المرسلة من شتى أنحاء العالم لإغاثة السوريين، ضحايا الزلزال الذي ضرب مؤخراً شمال غرب البلاد. فوق ذلك، يتوقع بعض المراقبين أن تشكّل هذه العمليات الاستفزازية الإسرائيلية دافعاً لروسيا للقيام بترفيع تسليحها لسوريا بصواريخ دفاع جوي أكثر تطوراً، وذلك لتمكينها من إحباط الغارات الجوية الإسرائيلية، الأمر الذي سيدفع الولايات المتحدة بدورها إلى دعم «إسرائيل» بتفعيل وحدات من مقاتلي «داعش» بقصد توسيع اشتباكها مع الجيش السوري في أمكنة متفرقة من البلاد. ألم تقم بنقل مقاتلين من «داعش» إلى محيط قاعدة التنف العسكرية الأمريكية الواقعة في مثلث التقاء الحدود السورية – العراقية – الاردنية بعد قيام رئيس الهيئة المشتركة للجيوش الأمريكية الجنرال مارك ميلي بزيارة هذه القاعدة مؤخراً عقب زيارته «إسرائيل»؟
في المقابل، ألا تشكّل هذه الواقعات والتطورات حافزاً لقيادات أطراف محور المقاومة للتفكير في مآل كل هذه الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة، واقترانها بتحركات عدائية أمريكية لافتة يمكن أن تتطور إلى عمليات ميدانية أوسع مدى ضد سوريا في هذه المرحلة المضطربة، ما يدفع القيادات السياسية والعسكرية في محور المقاومة إلى استباق هجمةٍ، بل مغامرة إسرائيلية ضد إيران، بالاستعداد لردّ الكيل كيلين لـِ»إسرائيل» عند أول هجمة نوعية تقوم بها ضد مواقع للجيش السوري، أو ضد المقاومة في لبنان؟ مع عدم استبعادي، كما غيري من المتابعين والمراقبين، قيام نتنياهو، المهجوس حالياً بالدفاع عن نفسه وعن مستقبل حياته السياسية، بارتكاب حماقة مدوّية في هذه المرحلة، إلاّ أنني أرجح مسارعة واشنطن إلى لجمه لأسباب ثلاثة وازنة:
أولها، تيقّن الدولة العميقة في الولايات المتحدة، لاسيما جناحها العسكري، من وجود تكافؤ في موازين القوى بين أمريكا و»إسرائيل» وحلفائهما من جهة، وأطراف محور المقاومة وروسيا وحلفائهما من جهة أخرى في منطقة غرب آسيا، الممتدة من شواطئ بحر قزوين شرقاً إلى شواطئ البحر الأبيض المتوسط غرباً.
ثانيها، أن تصدّع بنية «إسرائيل» نتيجةَ الانقسام والتظاهرات والاضطرابات الأمنية المتواصلة في الداخل، ستدفع قيادة الجيش الإسرائيلي، غالباً، إلى لجم نتنياهو وبالتالي منعه من جرّ الكيان الصهيوني إلى حربٍ ضارية ومكلفة قد تعجّل في زواله.
ثالثها، أن أرجحية عجز الولايات المتحدة و»إسرائيل» عن تدمير منشآت إيران النووية، أو احتواء ثورتها التكنولوجية قد تتسبّب في إضعاف النفوذ الأمريكي في غرب آسيا وتمكين كلِّ من روسيا وإيران من تعميق حضورهما في دوله من جهة، ومن جهة أخرى في فتح الإقليم اقتصادياً أمام الصين ومشروعها الاقتصادي التوسعي المعروف باسم «الحزام والطريق».
لكل هذه الأسباب، أرى أن موازين القوى المتكافئة لا تتيح أمام القوى المتصارعة فرصةً لاندلاع حربٍ ضارية في غرب آسيا في الحاضر والمستقبل المنظور.