عصام أبو بكر يكتب: ماذا تريد إسرائيل من اتفاق لبنان؟

profile
عصام أبوبكر كاتب مصري
  • clock 30 نوفمبر 2024, 11:21:29 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

دخل اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل ولبنان حيز التنفيذ، وكشفت وسائل إعلام إسرائيلية عن بنود مشروع التسوية بين لبنان وإسرائيل، الذي تضمن تنفيذ قرار الأمم المتحدة رقم 1701، وحق الدفاع عن النفس لكلا الطرفين إذا لزم الأمر، ونزع سلاح جميع الجماعات المسلحة في لبنان، بحيث تكون القوات الوحيدة المسموح لها بحمل السلاح في لبنان هي الجيش اللبناني.

كما تضمن الاتفاق أن حكومة لبنان ستمنع "حزب الله" وجميع الجماعات المسلحة الأخرى من تنفيذ أية عمليات ضد إسرائيل، وأن إسرائيل لن تنفذ عمليات عسكرية هجومية ضد أهداف لبنانية.

وينص الاتفاق على أن تقوم الحكومة اللبنانية بتفكيك جميع المنشآت غير المصرح بها التي تشارك في إنتاج الأسلحة والمعدات جنوب الليطاني، وأن تشرف الحكومة اللبنانية على أي بيع للأسلحة إلى لبنان أو إنتاجها داخله. كما ينص على سحب إسرائيل قواتها من جنوب لبنان خلال 60 يومًا، على أن يحل الجيش اللبناني محل القوات الإسرائيلية المنسحبة من الجنوب. وستشرف على ذلك الانسحاب الولايات المتحدة وفرنسا، كما يتعين على لبنان نزع سلاح أي مجموعة عسكرية غير رسمية في جنوب لبنان في غضون 60 يومًا من توقيع الاتفاق.

في اتفاق وقف إطلاق النار في لبنان، من يعتقد أن الحرب قد انتهت في لبنان فهو مخطئ، فهذا الاتفاق هش ويمكن أن يسقط في أي وقت.

فلبنان ما زال تحت المجهر، وبما أن إسرائيل استطاعت تحييد حزب الله وإعادة الدولة اللبنانية والجيش اللبناني مرة أخرى لفرض سيطرتهما على كامل أراضي لبنان، بما فيها جنوب لبنان، وبدء بوادر استعادة الدولة اللبنانية لسيادتها، فهذا يعني أن إسرائيل ما زالت تريد من لبنان الكثير حتى يستمر هذا الاتفاق دون نقضه.

تعتقد إسرائيل أن لها الفضل في استعادة السيادة لدولة لبنان، ولهذا هناك ثمن يجب أن تدفعه الدولة اللبنانية، التي كانت حتى قبل شهرين مسلوبة من حزب الله الإيراني، وفق الرؤية الإسرائيلية. فما الذي تريده إسرائيل من لبنان لاستمرار وقف إطلاق النار؟

ماذا تريد إسرائيل من لبنان؟

أولًا: تريد إسرائيل إنهاء وجود حزب الله، ودعم الدولة اللبنانية وتقويتها، وبدعم من الأمريكيين وأوروبا والسعودية، على إحلال الجيش اللبناني مكان حزب الله وسحب سلاحه لصالح الجيش اللبناني، وتقليل فرص حصوله على مقاعد في البرلمان.

وترى أمريكا وإسرائيل أن ذلك لن يتحقق إلا من خلال ضرب حزب الله وتدميره بقوة، واستمرار الاغتيالات، وإبعاده عن الجنوب اللبناني إلى ما وراء نهر الليطاني.

ثانيًا: إحلال الجيش اللبناني مكان حزب الله، وتقوية الدولة اللبنانية سياسيًا وعسكريًا واقتصاديًا من خلال الأمريكيين وأوروبا والسعودية، مع إيجاد قادة لبنانيين أقوياء قادرين على ضبط سيادة الدولة اللبنانية، وأكثر اعتدالًا في العلاقة مع أمريكا وإسرائيل.

بالإضافة إلى ذلك، تقوية لبنان اقتصاديًا بالدعم المادي عن طريق بناء مشاريع اقتصادية، مع دور بارز للسعودية والإمارات في ذلك.

ثالثًا: تريد إسرائيل من الدولة اللبنانية بدء الخطوات الحقيقية في فرض هيمنتها وسيادتها على جميع الأراضي اللبنانية بما فيها الحدود، وعدم الاقتراب من الجنوب الذي حددت خطوطه إسرائيل، التي اعتبرت نفسها صاحبة القرار الأوحد في رسمه بالتعاون مع أمريكا.

رابعًا: تريد إسرائيل أن تسعى الدولة اللبنانية، سياسيًا وإعلاميًا، إلى بدء إقناع اللبنانيين من خلال شخصيات وأفراد بضرورة تحييد حزب الله سياسيًا، وبالتالي إسقاط الشيعة من البرلمان، حتى لا يكون هناك أي دور سياسي لحزب الله مستقبلًا في لبنان، وبذلك تكون إسرائيل قد قضت على حزب الله عسكريًا وسياسيًا.

خامسًا: بخصوص اللاجئين الفلسطينيين على أرض لبنان، ونقصد هنا المخيمات الفلسطينية التي، من وجهة نظر إسرائيل، تعد حواضن لحماس وحزب الله، والتي تُفرخ المقاومين من حركة حماس والمقاتلين من حزب الله، ترى إسرائيل أن الدولة اللبنانية أمامها خياران وجب أن تقوم بهما فيما يتعلق باللاجئين الفلسطينيين:

الخيار الأول: تشجيع ما تبقى منهم على الهجرة، وهناك العديد من الدول التي ستستقبلهم.

الخيار الثاني: منحهم الجنسية اللبنانية ودمجهم في المجتمع اللبناني، وهذا يعني إنهاء المخيمات الفلسطينية في لبنان، خصوصًا أن الأونروا لن تبقى قائمة بعد فترة لأن الأمم المتحدة سيعاد تشكيلها من جديد بتصميم أمريكي وحلفائهم. وقد ينتهي دور الأونروا.

سادسًا: تريد إسرائيل من لبنان تبني خطاب إعلامي وسياسي جديد بعدم التحريض على إسرائيل، وبدء الحديث عن التعايش الديني، وتعزيز التسامح والسلام.

ترى إسرائيل أن الانتعاش الاقتصادي في لبنان وقوة الدولة اللبنانية سيكون في نهاية المطاف بقبول إسرائيل من وجهة نظرها، خاصة أن اللبنانيين منقسمون تجاه موقفهم من إسرائيل، ولهم باع طويل معها. كما أن جماعة لحد يعيشون في إسرائيل منذ أكثر من 20 سنة ولكن لم يندمجوا فعليًا بها.

سابعًا: تريد إسرائيل من لبنان إغلاق الحدود مع سوريا ومنع تهريب السلاح من أي جهة كانت، وتشديد الرقابة الداخلية، وتفعيل قوي للمخابرات والأجهزة الأمنية، وتزويد الأمريكيين وإسرائيل بأي معلومات من شأنها أن تعيد تسليح حزب الله أو تقويه من جديد.

فيما عدا ذلك، ستضرب إسرائيل ومعها هذه المرة أمريكا، وفق الاتفاق، لبنان من جديد، ولن تكون ضربات عادية، ولكنها ستكون ضربات قوية وانتقامية وستشمل هذه المرة كل لبنان دون استثناء. وسيكون الدمار شاملًا في كل لبنان بما فيها العاصمة بيروت.

وحول ما قيل عن أن هناك صفقة بين وقف إطلاق النار في لبنان وغزة، لا أعتقد أن هناك علاقة بين لبنان وقطاع غزة. فلبنان دولة قائمة ذات سيادة لها واقعها وخصوصيتها، أما قطاع غزة فهو تحت سيطرة إسرائيل، وحالته مختلفة كليًا.

كما أن التخلص من الغزيين هو هدف الحرب الرئيسي. وهناك أيضًا الرهائن الإسرائيليون الأحياء والأموات، التي تحاول القيادة الإسرائيلية إرجاعهم دون أي ثمن أو تنازل.

فعليًا أنهت إسرائيل كامل خططها ضد حزب الله وحماس، ولكن بقيت بعض اللمسات الأخيرة لتحقيق خاتمة صغيرة بإعادة ما تبقى من المخطوفين الأحياء وجثث الأموات، وتقوية الدولة اللبنانية والجيش اللبناني، وإنهاء اليونيفيل والاستعاضة عنه بالجيش اللبناني أو جهة محايدة أقرب للشركات الأمنية الخاصة، مع اقتطاع جزء من الحدود الشمالية اللبنانية لبناء منطقة عازلة.

أما غزة، فستكون على مرمى مرحلة جديدة ما بين التهجير والإعمار غير المرتبط بالفلسطينيين مع قوات متعددة الجنسيات، وبوجود جيش أمريكي وقاعدة أمريكية في غزة.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)