- ℃ 11 تركيا
- 15 نوفمبر 2024
عرضت بعد وقت قصير من اندلاعها.. بنود الوثيقة السرية لإنهاء الحرب في أوكرانيا
عرضت بعد وقت قصير من اندلاعها.. بنود الوثيقة السرية لإنهاء الحرب في أوكرانيا
- 17 مايو 2024, 3:27:01 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلط تقرير لصحيفة "لوفيغارو" الفرنسية على وثيقة سرية كانت تمثل فرصة لإنهاء الحرب في أوكرانيا.
وقالت الصحيفة، إن هذه الوثيقة التي عُرضت في محادثات السلام تتضمن خطة لإعادة تنظيم البلاد بطريقة تحافظ على وحدتها وتقلل من تدخل روسيا.
وذكرت الصحيفة، في تقريرها ، إنه بعد وقت قصير من غزو روسيا لأوكرانيا، قام المفاوضون من الجانبين بصياغة اتفاق سلام وهو عبارة عن وثيقة مكونة من 17 صفحة تمكنت صحيفة "دي فيلت" الألمانية من الاطلاع عليها حصريا، وحتى بعد أكثر من سنتين من الحرب، فلا يزال الاتفاق يبدو مفيدا بعد فوات الأوان.
ويبدو أنه كان من الممكن التوصل إلى حل سلمي بعد أسابيع قليلة من الغزو الروسي لأوكرانيا.
وتابعت بالقول إن هذا ما نتج عن مسودة اتفاق تفاوض عليها الطرفان المتحاربان حتى 15 أبريل 2022.
وقد تمكنت صحيفة "دي فيلت" من الاطلاع على الوثيقة الأصلية.
وبحسب هذه الوثيقة، فإن كييف وموسكو اتفقتا إلى حد كبير على شروط إنهاء الحرب. ولم يبق سوى عدد قليل من النقاط دون حل، وهي النقاط التي كان من المقرر التفاوض بشأنها شخصيا بين فلاديمير بوتين وفولوديمير زيلينسكي في اجتماع قمة - لم يعقد أبدا.
وذكرت الصحيفة أن المفاوضين الروس والأوكران بدأوا بالتفاوض لإنهاء الأعمال العدائية مباشرة بعد بدء الحرب.
وبينما كان العالم والأوكرانيون يعانون من الغزو الروسي، فقد كانت موسكو تحاول إقناع كييف بالاستسلام على طاولة المفاوضات.
وبعد تضاعف نجاحات أوكرانيا على أرض المعركة، فقد وافقت روسيا على مراجعة مواقفها بعض الشيء.
وأدت هذه المناقشات أخيرا إلى أول مفاوضات مباشرة في إسطنبول، تم تنظيمها بوساطة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في نهاية مارس الماضي. وكانت صور هذا اللقاء، على ضفاف البوسفور، قد أنعشت الآمال في التوصل إلى حل سريع للصراع، خاصة أن الطرفين شرعا على الفور في صياغة اتفاق.
“الحياد الدائم”
وتمكن الطرفان المتحاربان من الاتفاق على الخطوط العريضة للسلام. ووفقا للمادة 1 من مشروع الاتفاق، فقد التزمت أوكرانيا بـ"الحياد الدائم".
وهكذا تخلت كييف عن أي عضوية في تحالف عسكري، الأمر الذي كان من شأنه أن يستبعد أي احتمال لانضمام البلاد إلى حلف شمال الأطلسي.
وقد حددت النقاط الفرعية الـ13 الواردة في المادة الأولى مدى هذا الحياد.
وفي الأثناء، أعلنت البلاد أنها مستعدةٌ لعدم "تلقي أو إنتاج أو اقتناء" الأسلحة النووية، وعدم السماح بوجود أسلحة وقوات أجنبية على أراضيها إلى جانب عدم وضع بنيتها التحتية العسكرية، بما في ذلك مطاراتها وموانئها البحرية، تحت تصرف دولة أخرى.
وتعهدت كييف بالتخلي عن تنظيم مناورات عسكرية بمشاركة دول أجنبية والمشاركة في أي صراع عسكري. ووفقا للمادة 3 من الوثيقة، فإنه لم يقف أي شيء في طريق انضمام كييف إلى الاتحاد الأوروبي.
ووفق الصحيفة، فقد وافقت روسيا على عدم مهاجمة أوكرانيا مرة أخرى ولكي تضمن كييف ذلك، فقد وافقت موسكو على أن الأعضاء الخمسة الدائمين في مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، وهم الولايات المتحدة وبريطانيا العظمى وفرنسا والصين وروسيا نفسها، يمكن أن يمنحوا أوكرانيا ضمانات أمنية شاملة.
وفي المادة الخامسة من مسودة الاتفاق، نصّت كييف وموسكو على آلية تذكرنا ببند المساعدة الذي وضعه حلف شمال الأطلسي.
الحق في الدفاع عن النفس
ووفقا للوثيقة، فإنه في حالة وقوع "هجوم مسلح ضد أوكرانيا"، فستتعهد الدول الضامنة بمساعدة كييف في ممارسة حقها في الدفاع عن النفس، كما يضمنه ميثاق الأمم المتحدة، خلال فترة أقصاها ثلاثة أيام.
ويمكن أن تتخذ هذه المساعدة شكل "عمل مشترك" من جانب كل أو بعض الدول الضامنة.
ووفقا للمادة 15، فإنه كان ينبغي التصديق على هذه الاتفاقية في كل دولة موقعة لضمان طبيعتها الملزمة بموجب القانون الدولي.
وعلى هذا الأساس، فقد وضع الطرفان آلية تختلف بشكل ملحوظ عن مذكرة بودابست لسنة 1994، في ذلك الوقت، وكانت روسيا قد أكّدت بالفعل لأوكرانيا سلامة أراضيها. وكانت الدول الغربية قد ألمحت إلى أنها ستدعم كييف في حال وقوع هجوم، لكنها لم تضمن ذلك.
وتبقى الحقيقة أن الضمانات الأمنية التي كانت مطروحة على الطاولة في ربيع سنة 2022 كانت ستظل تتطلب، في مرحلة ثانية، موافقة الولايات المتحدة والصين وبريطانيا العظمى وفرنسا، وبالإضافة إلى ذلك، أرادت روسيا وأوكرانيا ضم بيلاروسيا وتركيا على التوالي.
ومع ذلك، فإنه كان الهدف الأساسي للمفاوضين في إسطنبول التوصل إلى اتفاق بين كييف وموسكو لاستخدام النص كأساس للمفاوضات متعددة الأطراف.
وأشارت الصحيفة إلى أن ما سبق قد تم بناء على طلب أوكرانيا من أجل إظهار أن روسيا قد تقبل آلية حماية على غرار حلف شمال الأطلسي، والواقع أن أوكرانيا نجحت في فرض مطالبها على موسكو.
كما أن صياغة مسودة الاتفاق تشبه إلى حد كبير صياغة البيان الصادر عن إسطنبول. إنها وثيقة مكونة من صفحتين، تمكنت صحيفة "دي فيلت" من الاطلاع على نسخة منها.
وأوردت الصحيفة أن أوكرانيا قدمت مطالبها أمام اجتماع المفاوضين الذي نظم في 29 آذار/ مارس 2022 في إسطنبول، بوساطة الرئيس التركي أردوغان.
وبعد هذه المناقشات، فإن وفدين من البلدين قاما بصياغة اتفاق 15 نيسان/ أبريل خلال المفاوضات التي أجريت عبر مكالمة فيديو.
آلية المساعدة
ويترتب على المادة 8 أن شبه جزيرة القرم وميناء سيفاستوبول مستبعدان من الضمانات الأمنية.
وهكذا اعترفت كييف بالسيطرة الفعلية على شبه الجزيرة من قبل روسيا.
وفي المقابل، لم يتم العثور على الطلب الأولي الذي تقدمت به أوكرانيا، والذي يتلخص في توضيح وضع شبه جزيرة القرم من خلال المفاوضات على مدى السنوات العشر إلى الخمس عشرة المقبلة، والذي خُصّصت له فقرة في بيان إسطنبول، في مسودة الاتفاق.
ولا تحدد الوثيقة أي جزء من شرق أوكرانيا ينبغي استبعاده من وعد ضمان بالحماية. إلى جانب ذلك، فإنه تم وضع علامة على الممرات المعنية باللون الأحمر.
ويبدو من بيان إسطنبول أن كييف وافقت على استبعاد أجزاء معينة من إقليمي دونيتسك ولوهانسك، اللذين كانت روسيا تسيطر عليهما بالفعل قبل بدء الحرب.
ومن ناحية أخرى، أصرّ الوفد الروسي على أن يتم ترسيم الحدود من قبل بوتين وزيلينسكي شخصيا وأن يظهر على الخريطة.
وطلبت كييف تحديد موقع الحدود وفقا للقراءة الأوكرانية، وهي فكرة رفضها الوفد الروسي، لكن هناك مشكلة أخرى: فقد طالبت روسيا في حالة وقوع هجوم، أن توافق جميع الدول الضامنة على تفعيل آلية المساعدة، الأمر الذي كان سيعطي موسكو حق النقض الذي يسمح لها بعرقلة آلية الحماية.
وبالإضافة إلى ذلك، فإن موسكو رفضت طلب أوكرانيا إقامة منطقة حظر طيران من قبل الدول الضامنة في حالة وقوع هجوم.
نزع السلاح الأوكراني
وخلال المفاوضات، أشارت روسيا بالتأكيد إلى أنها مستعدة لسحب قواتها من أوكرانيا، ولكن ليس من شبه جزيرة القرم أو من جزء دونباس الذي ينبغي استبعاده من الضمانات الأمنية.
وكان ينبغي لرؤساء الدول أن يناقشوا بشكل مباشر تفاصيل هذا الانسحاب، وهو ما أكّده مفاوضان أوكرانيان بشكل مستقل لصحيفة "دي فيلت".
وظلت مسألة الحجم المستقبلي للجيش الأوكراني دون حل.
وقد استجابت كييف جزئيا للمطلب الروسي بنزع السلاح.
وبحسب "الملحق الأول"، فقد طالبت موسكو كييف بتخفيض جيشها إلى 85 ألف جندي - من حوالي مليون يخدمون هناك حاليًا. واقترحت أوكرانيا الحفاظ على قوة قوامها 250 ألف جندي.
وعلاوة على ذلك، فإنها اختلفت الأفكار في ما يتعلق بعدد المعدات العسكرية. فبينما طلبت روسيا منها خفض عدد دبابتها إلى 342، فقد أرادت كييف الاحتفاظ بما يصل إلى 800. أما في ما يتعلق بعدد المركبات المدرعة، فأرادت أوكرانيا فقط خفضه إلى 2400، بينما طلبت روسيا أن يتبقى 1029 فقط.
وأشارت الصحيفة إلى أن الاختلافات كانت كبيرة بنفس القدر في ما يتعلق بقطع المدفعية.
وخططت موسكو لنحو 519 مدفعية مقابل حوالي 1900 لكييف.
وأرادت كييف الاحتفاظ بـ 600 قاذفة صواريخ متعددة يصل مداها إلى 280 كيلومترا، بينما أرادت روسيا 96 فقط بمدى أقصى يبلغ 40 كيلومترا.
وكان من المقرر تخفيض عدد قذائف الهاون والصواريخ المضادة للدبابات إلى 147 و333 وحدة على التوالي وفقا لرغبة روسيا، مقارنة بـ 1080 و2000 على التوالي وفقا لرغبة كييف.
حل فاشل
وأوردت الصحيفة أنه كان من المقرر تدمير القوات الجوية الأوكرانية.
وبينما طالبت موسكو بصيانة 102 طائرة مقاتلة و35 مروحية، فقد أصرت كييف على صيانة 160 مقاتلة و144 مروحية. وكان من المقرر أن يقتصر عدد السفن الحربية على اثنتين بحسب الروس، مقابل ثماني سفن بحسب الأوكرانيين.
وبينت الصحيفة، أنه حتى لو ظلت النقاط الأساسية دون حل، فإن مسودة الاتفاق هذه تظهر مدى الاقتراب من اتفاق سلام محتمل في نيسان/ أبريل 2022.
وكان ينبغي لبوتين وزيلينسكي حل نقاط الخلاف المتبقية خلال اجتماع شخصي لكن بعد القمة الواعدة في إسطنبول، قدمت موسكو مطالب أخرى لم تقبلها كييف.
وتمت الإشارة إلى هذه المطالب بالخط المائل في الوثيقة. ولذلك طالبت روسيا بأن تصبح اللغة الروسية اللغة الرسمية الثانية في أوكرانيا، وأن يتم رفع العقوبات المتبادلة، وإسقاط الشكاوى المقدمة أمام المحاكم الدولية.
وكان من المقرر أيضا أن تحظر كييف، بموجب القانون، "الفاشية والنازية والقومية العدوانية".
“كان الاهتمام بالحل في ربيع سنة 2022 كبيرا”
وبحسب ما علمته صحيفة "دي فيلت" من العديد من الدبلوماسيين المشاركين في المفاوضات، فإن الاهتمام بالتوصل إلى حل في ربيع سنة 2022 كان كبيرا.
وانسحبت روسيا من شمال أوكرانيا بعد فشل تقدمها نحو كييف وأعلنت أنها تريد التركيز على الغزوات الإقليمية في الشرق.
ولم تكن أوكرانيا قادرة على الدفاع عن عاصمتها إلا على حساب جهود كبيرة، مع عدم التخطيط لتسليم أسلحة غربية ثقيلة حتى الآن.
“أفضل اتفاق يمكن أن نتوصل إليه”
حتى بعد أكثر من سنتين من الحرب، فلا يزال الاتفاق يبدو مفيدا بعد فوات الأوان.
وقال أحد أعضاء الوفد المفاوض الأوكراني في ذلك الوقت لصحيفة دي فيلت: "لقد كان أفضل اتفاق يمكن أن نتوصل إليه".
وظلت أوكرانيا لعدة أشهر، في موقف دفاعي وتكبدت خسائر فادحة. وفي الماضي، كانت في موقف تفاوضي أقوى مما هي عليه اليوم.
ولو كان من الممكن وقف هذه الحرب بعد حوالي شهرين، لكان من الممكن إنقاذ العديد من الأرواح وتجنب الكثير من المعاناة.
ووفقا للمادة 18 من مسودة الاتفاق، فإنه يبدو أن المفاوضين اعتقدوا في ذلك الوقت أن رئيسي الدولتين سيوقعان على الوثيقة في أبريل 2022.
وخلال مقابلة تلفزيونية أجريت في نوفمبر 2023، فقد عاد المفاوضون الأوكرانيون ديفيد أراخاميا إلى السبب الذي جعل بوتين وزيلينسكي يمتنعان عن المشاركة في قمة السلام التي طال انتظارها.
ووفقا له، فإن رئيس الوزراء البريطاني آنذاك بوريس جونسون زار كييف في 9 أبريل وأعلن أن لندن لن توقع "شيئا" مع بوتين - وأن أوكرانيا يجب أن تواصل القتال.
وعلى الرغم من أن جونسون نفى هذا التأكيد لاحقا، إلا أنه يمكن الافتراض أن اقتراح تقديم ضمانات أمنية لأوكرانيا بالاتفاق مع روسيا قد فشل بالفعل بحلول ذلك الوقت - أي الضمانات الأمنية التي كانت أوكرانيا ستحتاج إليها لحماية نفسها من روسيا في المستقبل.