عدلي أحمد : السيسي لا يكذب ولكنه يتجمل

profile
عدلي احمد قيادي يساري
  • clock 1 أبريل 2021, 4:27:59 م
  • eye 810
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

لا جدال ان تصريحات السيسي المتعلقة بسد النهضة العدواني لا تقل عن مكسب لصالح الدفاع عن حصتنا المائية التاريخية الطبيعية التي لم يمنحنا اياها احدا , بل كان مقابلها الاثيوبي هو امكانية وجود اثيوبيا ذاتها علي ظهر البسيطة, وكان ثمنها فادحا قبل تمكن الانسان المصري المبدع من التقدم نحو السيطرة علي عنفوان النهر الذي كان تصريفه يصل في قرون ابعد الي خمسة امثال تصريفه الراهن ,وهي السيطرة التي عرفت ذروتها وتمامها مع انشاء السد العالي.

بل مكسب كبير لم تدفع به يقظه وطنيه مفاجأة من جانب من وقع اتفاقية اعلان المبادئ, وتفاوض علي مدار 6 سنوات دون اي طائل , بل فرضته فرضا تعارضت المصالح بين فرقاء رأس المال العالمي والاقليمي , فلا جدال ان هذه التصريحات اكدت لأوسع الجماهير ان النيل في خطر حقيقي , واكدت ان المواجهة الشاملة رغم عدم تطرق السيسي لتفاصيلها حتميه حال استمرار مستوي الاطماع الراهن في نيلنا , وانها ستزلزل المنطقة.

ان قضية التصدي للكارثه المائيه المحدق بنيلنا الخالد تتغذي مع هذه التصريحات علي تناقضات الطبقة المالكة الحاكمة ونظامها مع عالمها الرأسمالي المعادي لشعوبنا , فتهاون حكم السيسي وتهادنه البالغ قد اغري حلفائه بالاندفاع خلف اطماعهم الي حدود غير محسوبة , وتتعارض بصوره حاده مع موقف النظام المصري الذي ابدت جميع سلطاته منذ لوحت اثيوبيا بإنشاء هذا الكابوس في 2011, استعدادها للتهاون واقتصار موقفها علي ضرورة الحصول علي حد ادني مائي يتيح لها تمرير نهب باقي مياهنا ويحقق لها الحد الأدنى من مصالحها الطبقية الجارية في حدودها الراهنة, فموقف حكم السيسي لم يكن في الحقيقة الا امتداد لهذا الموقف الطبقي المعادي لأغلبية شعبنا الكادحة, الا تدهورا في نفس السياق وصل الي توقيعه اتفاقية العار في 2015, كما وصل الي توقيعه منفردا لاتفاقية واشنطن التي اقر خلالها بإمكانيه حجز اثيوبيا ل 14 مليار متر مكعب , بعد التوسط السوداني الذي هبط بالموقف الاثيوبي الي هذا المقدار بعد ان كانوا يريدون حجز 19مليار!!

تصريحات السيسي لم تهدف لحشد الشعب بالطبع فهو العدو المشترك , ولكنها شكلت اضطرار الي التلويح بذلك في مواجهة غطرسة لصوص النيل التي هددت بالفعل في حرمان حتي الطبقة الحاكمة ونظامها من اي حد ادني , في ظل الحديث الصريح عن تقاسم المياه وفي ظل السدود الثلاثة التي تتوجه اثيوبيا لأنشائها علي النيل الازرق , وفي ظل التلويح الاثيوبي بإمكانية لهف النهر الازرق كله مع حديث ال 86% من مياه نهر النيل أثيوبية.

هل كان امام الجنرال سبيلا آخر؟

بالتأكيد امامه التهديد بالتدخل العسكري ؟ ولكن ذلك سيكون له انعكاسه علي صفوف الجيش, وسيشكل تمسك الجماهير به خطرا ,فالتهديد العمومي الغامض كما جاء علي لسانه شكل اهون المواقف علي عبئه الجماهيري , التي صار يفرضها اخوته الاعداء عليه فرضا.

كسب الجنرال في المقابل تحسنا في شعبيته المتهالكة , ولكنه تحسن لن يكون ثمنه الا تدهورا مضاعفا في القريب العاجل , عندما تتكشف نتيجة حربه التفاوضية التي لن تفرط في نقطه مياه واحده بل ستفرط في مليارات كثيره , مصر في مسيس الحاجه الي كل نقطه منها في ظل عجز مائي بالغ سيحول - في ظل هذا التهاون - معظم زراعتنا وصناعاتنا الغذائية وفي مقدمتها مصانع السكر وكهرباء سدنا العالي ونقلنا النهري الي العدم , ويحكم علي ملايين المصريين بالتشرد بل الفناء المحتم.

من العدمية التافهة , عدم الاكتراث بهذه التصريحات غير المسبوقة والمتعارضة مع موقف حكم السيسي من الاعتداء علي نيلنا, وحصر الموقف منها في استحالة تحقيقه لها وهو من فرط ووقع اتفاقية العار التي لم, ولن يتراجع عنها بسهوله , فالواجب الوطني والشعبي يقتضي التمسك بها وتطويرها في مواجهة التراجع المؤكد من جانب الجنرال وحكمه عنها.

والجدير بالانتباه في هذا السياق ان حكم السيسي ما كان له ان يتجرأ علي دعم الغضب الشعبي المتعلق بسد النهضة ومغازلته تهويشا لإخوته الاعداء , الا استنادا الي مخزون بحيرة ناصر الذي ما زال قادرا علي حماية مصر من اضرار الملء الثاني الذي تتوعد به اثيوبيا مصر والسودان في يوليو المقبل , فالجنرال يدرك ان هذا الغضب مهما بلغ سيظل منحصرا في حدود نخبويه مقموعه اصلا بحكم استبداده , طالما ان الفلاحين المصريين يروون مياه النيل تجري في مجراها , ولا يوجد نقص مؤثر في مناسيب الترع , ومن هنا فلا مانع من التلاعب بهذا الغضب واستخدامه من اجل الضغط علي اثيوبيا وحلفها الخليجي الصهيوني الخ الرأسمالي العالمي .

يركز حكم السيسي علي العمل قبيل الملء الثاني من اجل تخفيض النقص المتوقع الي اقصي حد ممكن ,مع محاولة تحصين عدم تخطيه من جانب اثيوبيا في العام المقبل من خلال ما يسميه "اتفاق ملزم" علي امل ان يتاح له عامين ان امكن لا مجرد عاما واحدا محتميا من اي غضب واسع النطاق ومؤثر من جانب اغلبية الشعب المصري , يحلم خلالهما بتوفير بدائل زراعيه تعوض بقدر الامكان نقص الزراعة المحتم , بهدف تقليصه الي اقصي حد ممكن , وللدرجة التي تمكنه من عدم الاصطدام بالأغلبية الشعبية للدرجة التي قد تهدد بتجديد ثورة يناير علي صورة حرب اهليه متقطعة غالبا مع جماهير فلاحيه وعماليه صار التفريط في نهرها يهددها في مقتل.

ومهما يكن من شئ , فلنعض بالنواجذ علي (ولا نقطه) بل ونحوله الي شعار مرادف لشعار هدم سد الموت والعار في مواجهة اعداء النيل , ومواجهة اي تخاذل مرجح من جانب حكم السيسي.

التعليقات (0)