عبود مصطفى عبود يكتب : القفص لأبراهيم الكوني

profile
عبود مصطفى عبود كاتب وناشر
  • clock 10 أبريل 2021, 7:16:50 م
  • eye 1200
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

هذه المرة الحديث عن قصة، وليس رواية، عن مجموعة القفص التي صدرت عام 1990 ، للروائي والقاص الليبي الكاتب الكبير إبراهيم الكوني، المولود في غدامس في ليبيا عام 1948م، حيث أنهى دراسته الإعدادية والثانوية في الجنوب الليبي، وبعد دراسة أدبية في بلاده، قصد معهد غوركي للآداب بموسكو، حيث حصل على الليسانس ثم الماجستير قي العلوم الأدبيّة والنقدية عام 1977.

اختارته مجلة لير الفرنسية أحدَ أبرز خمسين روائياً عالمياً معاصراً، وأشادت به الأوساط الثقافية والنقدية والأكاديمية والرسمية في أوروبا وأمريكا واليابان، ورشحته لجائزة نوبل مراراً، ووضع السويسريون اسمه في كتاب يخلد أبرز الشخصيات التي تقيم على أراضيهم وهو الكاتب الوحيد من منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا لا بل الوحيد أيضاً من العالم الثالث في هذا الكتاب.

 اصطحبه الرئيس السويسري معه كعضو شرف في وفد ترأسه الرئيس السويسري سنة 1998 م عندما كانت سويسرا ضيف شرف معرض فرانكفورت الدولي للكتاب في عيده الخمسين.

له مؤلفات عديدة بلغت 81 كتابا ما بين رواية وقصة ودراسات أدبية، حصل على عدة جوائز عالمية ورشح لنوبل.

والمجموعة التي معنا الآن مكونة من سبع قصص تجري أحداثها في الصحراء، وتصور تصويراً حياً جوانب مجهولة من حياة القبائل وما يهيمن عليها من قيم وعادات وتقاليد بينما هي تواجه أعداء عتاة هم القحط والجفاف والجوع والحرمان والشمس نار السماء.

والقصة محل الحديث هي قصة "القفص" وهي التي تحمل المجموعة عنوانها.

تتمتع هذه القصة التي تدور في جوهرها حول الاعتقال، في إحكام فني رائع من خلال وحدات ستة.

حيث اعتمد الكاتب في بناء قصته على جزءين، الأول عبارة عن مفتتح بعنوان المعتقلات شرح فيه تاريخ المعتقلات في ليبيا، والجزء الآخر كان عبارة عن الوحدات الخمس تناول من خلالها تطور الاعتقال مع البشر.

تناول الكوني في المفتتح تاريخ المعتقلات قائلا:

أقام العثمانيون أول معتقل في الواحة على قمة مرتفع عملا بحكمة أناضولية قديمة تقول: "أن على الحاكم أن يبادر إلى تشييد الحبس، قبل القصر ليقمع فيه العصاة قبل أن يخلد إلى الراحة في مقامه الجديد".

ثم جاء الطليان ومعهم فلسفة رومانية أقدم قالوا: "إن القلاع خلقت لأولي الأمر لأنها أقرب إلى مقام الآلهة ولا يتقاسمها مع الخصوم إلا الحاكم الرعديد، فنزلوا بالسجناء إلى أسفل في العراء المحروق بالشمس بين الروابي الرمادية".

ثم جاء الفرنسيون بقناعة أنه ليس هناك من ينافسهم في معرفة يا نوايا أهل الصحراء قالوا:" إن الطليان أغبياء إذ تركوا قضبان الحبس مفتوحة على الروابي والصحراء.

 أما الأتراك فأغبى عندما أقاموا السجن فوق المرتفع لأن الرُحَّل طينة فريدة من البشر لا يهمها أن تودع زنزانة داخل قلعة أو تحشر في جدران وراء قضبان الحديد طالما بوسع السجين أن يتمتع بالسراب والشمس والعراء، إنهم أحرار طلقاء، طالما تمكنوا من مشاهدة معشوقتهم الأبدية الصحراء.

هكذا قرر الفرنسيس تعديل الأمر على طريقتهم ففرضوا على السجناء أن يبنوا سورا عاليا طوقوا به القضبان وحجبوا العراء الممتد إلى الأبد عن السجناء الأشقياء حقا، حتى أن كثيرين منهم ماتوا بأمراض مجهولة حسب روايات الأهالي.

أما الملك فكان أول من اخترع الأسلاك الشائكة نشرها في كتل كئيبة على طول السور ونصب عسسا على رأس كل ربوة فازدادت الوفيات بين السجناء.

 هكذا فهم المحتل الفرنسي (سيكولوجية) المواطن الليبي ومكمن السر في تكوينه حيث كان يشعر بأنه حر طليق رغم اعتقاله طالما يعيش إلى جوار محبوبته الكبرى الصحراء.

وأترككم للاستمتاع بقراءة القصة خاصة الجزء الآخر منها الأكثر متعة وجمالا وهو جزء الوحدات الخمس الأخرى.

هذه قصة من أعظم ما كتب في مواجهة طغيان المعتقلات.

التعليقات (0)