عبد اللطيف المناوي يكتب: المواطن البسيط خارج المعادلة

profile
  • clock 28 أبريل 2023, 3:43:46 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

السودان صار فى بؤرة الأحداث العالمية، أصبح مثار الحديث فى كل دول العالم، شعوبًا وقادة. الحديث يدور عن وساطات وعن حلول، أمريكا تتحدث والكرملين يصرّح، دول أوروبية تطرح مبادرات، وأخرى خليجية تصدر بيانات ومناشدات للتهدئة. دولٌ تدخل على خط الأزمة، وزعماء يُطلعون البعض على خطط المصالحة المنشودة.

ولكن يبقى المواطن السودانى البسيط فقط خارج كل المعادلات، المواطن الذى لا يهمه الصراعات السياسية المسلحة التى يسقط بسببها المئات يوميًا، ولا يدرك، أو يقتنع، بحقيقة النزاع بين الجنرالين: البرهان، وقائد قوات الدعم السريع حمدان دقلو المعروف بـ«حميدتى»، ولا خلفياته، قد يعرفهما بالاسم، ويعرف القوى والمؤسسات الدولية التى تدعم كل فريق، ولكنه لا يعرف من أين يجد قوت يومه، ولا يعرف إن كان سيبقى على قيد الحياة ليوم آخر أم لا، ولا يعرف أسماء من ستحصدهم الحرب من عائلته.

الحروب عادة هكذا، ضحاياها هم البسطاء، تدفع ثمنها الشعوب، أما صناع القرار، قرار الحرب، فهم تحت سطوة أحلامهم ودوافعهم وهواجسهم التى ليس للبسطاء دخل بها إلا كوقود لحرب تستمر. قد يجنون ثمارًا مؤقتة، ولكنهم يخسرون ثقة شعوبهم. لنفترض مثلًا أن النزاع السودانى انتهى بانتصار طرف على الآخر، سواء بانتصار لحظى أو بمفاوضات، أو بتدخل قوى من قوى إقليمية بعينها، فكيف سينظر المواطن البسيط إلى المنتصر؟ كيف يثق فى طرف أضاع مقدرات بلد جميل لم يؤتمن عليها؟

هنا سيُضرب الانتماء فى مقتل، ويصبح المواطن غريبًا فى وطنه، فلا يجد إلا الهروب، إما لجوءًا أو فرارًا من الجحيم الذى يجده فى وطنه. بالتأكيد، المواطن السودانى مُرحّب به فى كل مكان، شرط الالتزام بقوانين المؤسسات الدولية، وقوانين اللجوء، وقوانين الدول التى يلجأون إليها.

المستقبل فى السودان يبدو غير واضح، كما يبدو المواطن السودانى فى أزمة حقيقية، تسقط على رأسه القنابل، ويخترق صدره الرصاص، ويواجه كل ذلك برؤية ضبابية وبأسئلة لا أجوبة لها. لماذا الصراع فى الأساس؟ لماذا يتخذ أحدهم قرارًا بالحرب على الآخر؟ على أى شىء يتنازعون؟ وما مكاسبهم سوى مزيد من الدمار هنا وهناك! قد يبدو هذا الكلام ساذجًا، لكن بالإمعان فيه سيبدو شديد الواقعية

وفقًا للشهادات والأنباء الواردة من السودان فإن التأكيدات بأن الوضع لا يحتمل أكثر من هذا، لذا فإنه من المنطق والعقل أن يستمع قادة الحرب إلى صوت الشعب الذى يصرخ من حرب لا ناقة فيها ولا جمل، ولا فائز فيها، ولكن الجميع مهزومون. الشعب الذى بالكاد خرج منذ سنوات من تجربة حرب أليمة أدت إلى انقسامه، ثم تجربة اضطرابات سياسية غير واضحة المعالم.

سندعو للشعب السودانى بالانتصار رغم أنه ليس طرفًا فى الحرب، إذ إن انتصاره الوحيد هو أن يبقى وسيبقى.

كلمات دليلية
التعليقات (0)