- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
عبدالعزيز عاشور يكتب : أنا والذاكرة وشريط الكاسيت
عبدالعزيز عاشور يكتب : أنا والذاكرة وشريط الكاسيت
- 24 مايو 2021, 10:03:07 ص
- 748
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
مشكلتى فى الكتابة اننى لست أكاديميا
وذلك ما اراه ويراه غيرى نقصا كان يجب استدراكه حين كان من الممكن استدراكه ..
ولم يدر بخلدى يوما ان افكر فى الكتابة او التحدث الى الناس خصوصا فى الامور الدينية ..
حتى اضطرت يوما رغما عنى منذ ما يزيد عن الخمسة عشر عاما الى صعود المنبر لإلقاء خطبة الجمعة بعد أن فاجأنا الإمام المكلف بغيابه عن الصلاة ..
ولأن معظم المصلين حينها هم ممن أعرفهم ويعرفوننى بحكم الجوار فقد طلبوا بعد الصلاة وكان رمضان على وشك القدوم ان اقوم بإلقاء درس يومى بعد صلاة العصر طوال رمضان وكأنهم اكتشفوا فى جارهم ما لم يكونوا يعرفونه عنه فأنا تقريبا قليل الكلام منشغل دوما بعملى ..
لم أكن لأجرؤ على قبول ذلك لولا ان احد الشيوخ من جيراننا وكان صديقا وافق على اشتراطى بأن يجلس بجانبى ليصحح لى أى خطأ قد يحدث منى ..
فى اول ايام رمضان جلسنا بعد العصر للدرس وبجوارى صديقى وجارى الشيخ عبدالواحد رحمه الله ..
وبدأت الدرس فى موضوع الطهارة والوضوء ..
ثم بدأت الأسئلة تنهال من الحاضرين حول تفاصيل الموضوع ..
والغريب هنا ان اهتمام الجميع بتفاصيل الموضوع كان مفاجئا ومرعبا بالنسبة لى وهنا فقط تبين لى صواب اشتراطى حضور صديقى الشيخ الى جانبى ..
وبعد اجابتى على ما قدم من بعض التساؤلات وجدت الشيخ يميل على أذنى هامسا :
أمال كنت عايزنى أقعد جنبك ليه ؟
فرددت عليه مرعوبا :
والله لو سبتنى وقمت لأخلص الدرس وأمشى ..
اكتشفت حينها مشكلة عدم الأكاديمية بمعنى انه يصعب على مثلى تناول موضوع بعينه وإخضاعه للدراسة من كافة جوانبه بحيث لا يغفل شيئا الا اذا تفاعل معه الحاضرون ..
وهذا ما حدا بى ان أقسم وقت الدرس دوما وحتى وقتنا هذا بينى وبين الحاضرين بحيث تتسع مساحة السؤال والحوار ..
فالسؤال والحوار يستخرج منى ما لم أكن أدرى وجوده ..
ولذلك قد تجد فى ردودى على التعليقات ما قد لا تجده فى صلب ومحتوى المنشور ..
بعد سنوات طوال نبهنى صديق جديد وكان استاذا بالجامعة وعميدا لأحد معاهدها العلمية أنه يمكن مساعدتى فى استحضار واستعادة ما يخفى على مما يمكن ان يكون مختزنا بذاكرتى دون قدرة منى على تذكره بشكل تلقائى وذلك عن طريق الحوار ..
واقترح عمل ندوة اسبوعية يحضرها أساتذة أكاديميون من الأصدقاء ومن تخصصات شتى ويتم مناقشة موضوع بعينه كل مرة ويتم تسجيل الندوة ثم تفريغها ليمكن الرجوع اليها ووضع ذلك كله فيما بعد فى كتاب قد يفيد الغير ..
استهوتنى الفكرة وأخذنى صديقى الى احد أشهر المحلات واشترينا جهاز تسجيل حديث وصغير الحجم ..
بدأ صديقى مشكورا بالتجهيز للمشروع ..
وتشاور مع أصدقائنا من أساتذة الجامعة ..
ولكن فجاة فاجأته أزمة صحية وبعد أيام كنت أقف على قبره أواريه الثرى ..
وقتل المشروع قبل ان يرى النور ..
ومن يومها ورغم مرور ما يزيد على سبعة اعوام وانا ما زلت أفكر فى مشروعه ..
رحم الله صديقى الدكتور السعيد بسيونى الذى لم أهنأ بصداقته الا قليلا ..
وأسأل الله ان يقيض لى من يعيننى على إحياء مشروعه وأن يجعل له نصيبا وافرا من أجره ..