- ℃ 11 تركيا
- 14 نوفمبر 2024
صفقة سلاح مرتقبة بين مصر وإيطاليا
ينخرط النظام المصري في مفاوضات بشأن صفقات سلاح ضخمة، بينما تتأرجح التصريحات والمواقف الصادرة عن القيادة السياسية المصرية بشأن أزمة سد النهضة الإثيوبي بين التصعيد والتخفيف، وهي القضية التي تمثل صراعاً وجودياً حقيقياً بالنسبة إلى المصريين، يتعلق بأمنهم المائي، وفي الوقت الذي تمرّ فيه مصر بأزمة اقتصادية عنيفة دفعت إلى طرح عدد من أصول الدولة للبيع أمام صناديق استثمار عربية.
وجاءت أحدث الصفقات باقتراب مصر من إتمام شراء طائرات مقاتلة بثلاثة مليارات يورو من إيطاليا، في صفقة يجري التفاوض بشأنها منذ 3 سنوات.
وتشمل الصفقة التي تنتظر حصول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على تأكيد نهائي عبر الهاتف من رئيس الوزراء الإيطالي ماريو دارغي، شراء 24 طائرة يوروفايتر تايفون.
وتمثل صفقة بيع الطائرات الحربية، جزءاً من صفقة أسلحة تقدّر قيمتها بما بين تسعة وعشرة مليارات يورو، ما يجعلها أكبر عملية شراء أسلحة في تاريخ مصر. ومن المقرر أن تحصل شركة الطيران والدفاع الإيطالية "ليوناردو" على نحو 60 في المائة من سعر الطائرات البالغ ثلاثة مليارات يورو، وهي طائرات حربية ينتجها تحالف أوروبي يجمع شركات من إيطاليا، وبريطانيا، وألمانيا، وإسبانيا.
وكانت المفاوضات مع الجانب الإيطالي التي بدأت عام 2020، قد شهدت معارضة إيطالية داخلية للصفقة بسبب تعطيل السلطات المصرية للتحقيق في مقتل طالب الدكتوراه الإيطالي جوليو ريجيني في القاهرة عام 2016 على أيدي عناصر أمنية مصرية.
تشمل الصفقة شراء 24 طائرة يوروفايتر تايفون بثلاثة مليارات يورو
وجاء الكشف في تقرير نشرته صحيفة "إيل فاتو كوتيديانو" الإيطالية عن الصفقة الجديدة، بعد أيام قليلة من إعلان وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)، أن الخارجية الأميركية وافقت على بيع طائرات هليكوبتر وعتاد متصل بها لمصر، في صفقة تبلغ قيمتها نحو 2,6 مليار دولار، موضحة أن مصر كانت قد طلبت شراء 23 طائرة هليكوبتر "شينوك 47-إف".
تشكيك بحاجة الدولة المصرية للسلاح
ولطالما روّجت الأذرع الإعلامية التابعة للنظام المصري، طوال الفترة الماضية، بأن مصر في منطقة ملتهبة وتمر بتحديات وجودية كثيرة، أبرزها سد النهضة، وذلك تبريراً لصفقات السلاح المتعدد التي جعلت مصر تتصدر قائمة الدول الأكثر استيراداً للأسلحة منذ وصول السيسي إلى الحكم.
وفي أول تعليق رسمي على إعلان إثيوبيا بدء عملية الملء الثالث لخزان سد النهضة الإثيوبي الصيف الحالي، أكد السيسي أن بلاده لم تدخل في صراع من أجل زيادة حصتها من مياه النيل. وقال إن "حصتنا تقدَّر بـ55 مليار متر مكعب، ولم تتغير على مدار السنين الماضية، منذ أن كان عدد السكان ثلاثة أو أربعة ملايين نسمة وحتى الآن".
وأضاف: "لم ندخل في صراع مع أشقائنا الأفارقة من أجل زيادة هذه الحصة، عملنا على تعظيم مواردنا والحفاظ على كل قطرة مياه، من دون مبالغة، من أجل مواجهة التحدي، وهو فرصة وليس عائقاً؛ لذا عملنا برامج لمعالجة المياه معالجة ثلاثية متطورة".
تصريحات السيسي الأخيرة وصفها مراقبون بأنها بمثابة شهادة بعدم احتياج الدولة المصرية لهذا الكم الهائل من الأسلحة التي تقوم السلطات بشرائها في الوقت الراهن، خصوصاً في ظل الأزمة الاقتصادية التي تضرب مصر، ودفعت إلى ترشيد الإنفاق الموجّه إلى بعض المشاريع القومية المهمة، وكذلك تخفيض الدعم المقدّم من جانب الدولة على بعض السلع والخدمات الخاصة بمحدودي الدخل.
فواتير لشراء مواقف دولية
وعلّق مصدر دبلوماسي مصري رسمي على تعدد صفقات السلاح منذ وصول السيسي للحكم، قائلاً: "كانت هناك صفقات ملحّة تتعلق بقطع الغيار والصيانات الخاصة ببعض النوعيات من الأسلحة، إلا أن الغالبية العظمى كانت بمثابة فواتير يتم تسديدها لشراء مواقف دولية".
وأضاف: "في بادئ الأمر كانت هناك صفقات أسلحة مموّلة من دول خليجية لصالح مصر من أجل شراء شرعية للنظام الذي جاء بعد الثلاثين من يونيو/ حزيران 2013، وسط مقاطعة دولية في بادئ الأمر".
وتابع: "بعد ذلك تحوّل الهدف من وراء الصفقات، إلى تهدئة أزمات سياسية ودبلوماسية، مثل ما حدث مع الجانب الإيطالي الذي فشلت كل المحاولات في ثنيه عن المطالبة بملاحقة قيادات أمنية مصرية رفيعة في مقتل الناشط جوليو ريجيني تحت التعذيب، قبل أن تهمس أطراف دولية في أذن القيادة المصرية بشأن صفقات السلاح، وما يمتلكه لوبي الشركات العاملة في ذلك المجال من قوة ونفوذ يمكنه من تحويل المواقف المتعلقة بالملفات المختلفة".
مصدر دبلوماسي: تحوّل الهدف من وراء الصفقات إلى تهدئة أزمات سياسية ودبلوماسية
وحول ما رُوِّج له في أعقاب الكشف عن الصفقات الجديدة بأنها تأتي في إطار محاولات تغيير مواقف الدول الكبرى العاملة في سد النهضة، وعلى رأسها إيطاليا الممثلة بشركة ساليني، المقاول الرئيسي في المشروع، نفى مصدر خاص صحة هذا الدفع، وأكد أن ملف المشاركة الإيطالية في تمويل السد طُرح أكثر من مرة بين الحكومتين، وعندما وجدت مصر أن الطريق مسدود بشأنه، توقفت عن ذلك منذ فترة ليست بالقصيرة واكتفت بشراء الرضا الأميركي، على أمل الضغط على أديس أبابا.
وبالإضافة إلى أوروبا وأميركا، توسعت مصر في صفقات السلاح، لتشمل دولاً آسيوية، من بينها كوريا الجنوبية. وأعلنت القاهرة وسيول، في فبراير/شباط الماضي، إبرام اتفاق بينهما يقضي ببيع أسلحة مدفعية من طراز "كيه-9 هاوتزر" للجيش المصري، بالإضافة إلى تصنيعها محلياً. وتُقدّر قيمة الصفقة وفق كوريا الجنوبية بنحو 1,66 مليار دولار.
وجاء الاتفاق المصري-الكوري الجنوبي، بعد أيام من موافقة وزارة الخارجية الأميركية على صفقتي معدات عسكرية لمصر بقيمة 2,56 مليار دولار تشمل 12 طائرة نقل "سي-130 جيه سوبر هيركيوليز" ومعدات أخرى تابعة لها وأنظمة رادار للدفاع الجوي.