- ℃ 11 تركيا
- 8 نوفمبر 2024
صبري صيدم يكتب: مملكة جديدة ترى النور!
صبري صيدم يكتب: مملكة جديدة ترى النور!
- 5 أبريل 2023, 3:35:52 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
دولة قتلت الزعماء الأفارقة ومنهم جمال عبد الناصر، وانتهكت الحريات لا تستطيع أن تعطينا دروساً في الحرية.. بهذه الكلمات اختار رئيس المعارضة في زامبيا هاكندي هيتشيليما أن ينتقد الولايات المتحدة الأمريكية، لتتبعه، وفي سياق قريب، وزيرة خارجية جنوب افريقيا ناليندي باندور، التي قالت بأن تطبيق ما يعرف «بالقوانين الدولية» إنما يخضع لانتقائية مرفوضة من قبل بعض دول العالم، مشيرة وبشكل صريح إلى طريقة التعامل مع الحرب الروسية الأوكرانية، في مقابل التعامل مع الصراع العربي الإسرائيلي والقضية الفلسطينية.
كلا التصريحين حظيا باهتمام ناشطي الإعلام الاجتماعي في العالم العربي مؤخراً ليس فقط لصراحتهما، بل أيضاً لحجم الجرأة التي باتت القارة الافريقية تتحلى بها في رفض السطوة الأمريكية الصهيونية ومواجهة سياسة الهيمنة التي تصر أمريكا وحلفاؤها على فرضها على القارة السوداء.
الصين ستجدها أمريكا في كل مكان، لتصبح قضايا تايوان وغيرها من المواقع الملتهبة صغيرة وسط محيط سياسي متلاطم بالنسبة للعالم الغربي
ولا يخفى على أحد أن تلك التصريحات، جاءت في أوج زيارة نائبة الرئيس الأمريكي كاميلا هاريس إلى افريقيا، ومحاولة إحكام قبضة الولايات المتحدة المتآكلة وقبضة المستعمرين السابقين على القارة برمتها. كما لا يخفى على أحد أن زيارة هاريس وما يدور في الخفاء والعلن، إنما يرتبط بدخول الصين على الخط بصورة متعاظمة في القارة السمراء، ليتجاوز هذا الأمر حدود التجارة، وليصل إلى السياسة والعلاقات العسكرية والتمكين الاقتصادي. وقد قاد هذا الدخول إلى أفول نجم المستعمرين السابقين كفرنسا وبريطانيا، وهو ما أدى بدوره إلى مغادرة القوات الفرنسية لبعض الدول الافريقية بطلب من حكومات تلك الدول، مثل مالي وبوركينا فاسو وغيرهما الكثير. ومع هذا التآكل السريع للقبضة التاريخية الاستعمارية، وفي ضوء الاتفاق السعودي – الإيراني ـ الصيني الأخير فإن أمريكا باتت غير قادرة على تحمل ولادة مملكة صينية في افريقيا، ليس لاعتبارات عسكرية استراتيجية سياسية فحسب، وإنما أيضاً لاعتبارات معنوية تخص واقع الهيمنة الأمريكية وانهيارها وتأثير ذلك في خريطة الحلفاء، إضافة إلى اعتبارات مالية تخص إحكام مشروع طريق الحرير الصيني لقبضته التجارية على العالم من المحيط الهادئ شرقاً، إلى المحيط الأطلسي غرباً، مروراً بما بينهما وحولهما من البحور بكامل ألوانها وأسمائها، إضافة إلى المحيط الهندي جنوباُ. الصين ستجدها أمريكا في كل مكان، لتصبح قضايا تايوان وغيرها من المواقع الملتهبة صغيرة وسط محيط سياسي متلاطم بالنسبة للعالم الغربي، أمام تعاظم دور دول البريكس، وعلى رأسها روسيا والصين والهند وجنوب افريقيا والبرازيل. افريقيا الصينية ألم يقض مضاجع أمريكا بعد أن أزعجها الاتفاق الإيراني السعودي برعاية صينية، وبدء البنوك الأمريكية والأوروبية بالتساقط تباعاً، ما سيعني أن سلسلة الانهيار المالي لن تعرف توقفاً يذكر مهما حاولت آلة طباعة الدولارات في أمريكا أن تعوض الفارق. حال يرعب أمريكا لكنه يحقق توقعات المحللين العسكريين والماليين، الذين لطالما قالوا بأن للحرب الروسية الأوكرانية وقعها وأثرها ودورها في إعادة رسم خريطة العالم، بل ذهب البعض إلى القول بأن دولا عدة ظلمت تاريخياً سترى النور لا محالة بما فيها فلسطين. هذا الكلام وإن بدا مشجعاً للمظلومين، إلا أنه يجب أن لا يعني الاستكانة والركون لهذا العالم المتحوّل، فالدنيا لن تمطر حلولاً خلاقة، بل وجب على الشعوب أن تبادر إلى رسم معالم علاقاتها الاستراتيجية وتحدد خريطة تحالفاتها حتى لا تواجه بانكفاءة معتادة تعيد إنتاج عنتريات اندثرت، وشعارات اهترأت، وبطولات انقرضت، فهل سنشهد خريطة جديدة من الأمل خاصة مع بدء محاكمة الطغاة أمثال ترمب مثلاً؟ ننتظر ونرى!