- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
شجرة الانبياء يكتبها طاهر الكتبي.. الحلقة التاسعة والعشرون
شجرة الانبياء يكتبها طاهر الكتبي.. الحلقة التاسعة والعشرون
- 11 مايو 2021, 7:59:28 م
- 822
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
خاتم الانبياء والمرسلين
سيدنا محمد صل الله عليه وسلم
الجزء الثالث
الدعوة الجهرية ..
بدأ رسول الله -عليه السلام- بدعوة عشيرته جهراً، قال تعالى: (وَأَنذِرْ عَشِيرَتَكَ الْأَقْرَبِينَ)،فصعد الرسول على جبل الصفا ودعا قبائل قريش إلى توحيد الله فاستهزؤا به،
إلّا أنّ الرسول لم يتوانَ في الدعوة، وأخذ أبو طالب على نفسه حماية الرسول، ولم يلتفت إلى أقوال قريش بصدّ الرسول عن دعوته.
المقاطعة
اتّفقت قبائل قريش على مقاطعة الرسول ومن آمن به ومحاصرتهم في شِعب بني هاشم،
وكانت تلك المقاطعة بعدم التعامل معهم في البيع أو الشراء، إضافةً إلى عدم تزويجهم أو الزواج منهم،
وقد وُثّقت تلك البنود على لوحةٍ وعُلّقت على جدار الكعبة، واستمرّ الحصار مدة ثلاث سنواتٍ، وانتهى بعد أن تشاور هشام بن عمرو مع زهير بن أبي أميّة وغيره في إنهاء الحصار،
وهمّوا بشقّ وثيقة المقاطعة ليجدوا بأنّها قد اندثرت إلّا "باسمك اللهم" منها، وبذلك فُكّ الحصار
عام الحزن
توفيّت السيدة خديجة التي كانت بمثابة السند لرسول الله قبل هجرته إلى المدينة بثلاث سنواتٍ،
وفي ذات العام مرض أبو طالب الذي كان يحمي الرسول من أذى قريش مرضاً شديداً، واستغلّت قريش موقف مرضه وبدأت بالتعرّض للرسول بالأذى الشديد،
وذهبت مجموعة من أشراف قريش إلى أبي طالب حين اشتدّ مرضه وطلبت منه أن يكفّ الرسول عن دعوته،
فحدّثه أبو طالب بما يريدون، ولم يلتفت لذلك، وقبل وفاة أبي طالب حاول معه الرسول بنطق الشهادتين إلّا أنّه لم يستجب،
وتوفي على حاله، وبوفاته ووفاة خديجة -رضي الله عنها- حزن الرسول حزناً شديداً؛ إذ كانا بمثابة السند والدعم والحماية له، وسمّي ذلك العام بعام الحزن.
الدعوة خارج مكة
توجّه رسول الله -عليه السلام- إلى الطائف في سبيل دعوة قبيلة ثقيف إلى توحيد الله بعد وفاة عمّه وزوجته، وتعرّض للأذى من قريش،
طالباً من ثقيف نصرته وحمايته، والإيمان بما جاء، راجياً منهم القبول، إلّا أنهّم لم يستجيبوا وقابلوه بالسخرية والاستهزاء.
الهجرة إلى الحبشة
حثّ رسول الله أصحابه على الهجرة إلى أرض الحبشة؛ نظراً لما تعرّضوا له من التعذيب والأذى،
مخبراً إيّاهم بأنّ فيها ملكاً لا يُظلم عنده أحدٌ، فخرجوا مهاجرين، وكانت تلك أوّل هجرةٍ في الإسلام، وقد بلغ عددهم ثلاثاً وثمانين رجلاً،
وحين علمت قريش بأمر الهجرة أرسلوا عبد الله بن أبي ربيعة وعمرو بن العاص بالهدايا والعطايا إلى النجاشي ملك الحبشة وطلبوا منه ردّ المسلمين المهاجرين؛
احتجاجاً بأنّهم فارقوا دينهم الذي كانوا عليه، إلّا أنّ النجاشي لم يستجب لهم وطلب من المسلمين بيان موقفهم،
فتكلّم عنهم جعفر بن أبي طالب، وحدّث النجاشي بأنّ الرسول أرشدهم إلى طريق الصلاح والحق بعيداً عن طريق الفواحش والرذائل فآمنوا به،
وتعرّضوا للأذى والسوء بسبب ذلك، وقرأ عليه جعفر بداية سورة مريم فبكا النجاشي بكاءً شديداً،
وأخبر رسل قريش بأنّه لن يسلّم أحداً منهم، وردّ هداياهم إليهم، إلّا أنّهما عادا إلى النجاشي في اليوم التالي يخبرانه بأنّ المسلمين يتأوّلون القول على عيسى بن مريم،
وسمع من المسلمين رأيهم بعيسى فأخبروه بأنّه عبد الله ورسوله، وبذلك صدّق النجاشي المسلمين وردّ عبد الله وعمرو.
الإسراء والمعراج
اختلفت الروايات التي حدّدت تاريخ رحلة الإسراء والمعراج؛ فقيل إنّها كانت في ليلة السابع والعشرين من شهر رجب من السنة العاشرة من النبوة،
ومنهم من قال بأنّها كانت بعد البعثة بخمس سنواتٍ، وكانت الرحلة بحيث أُسري برسول الله من البيت الحرام في مكة المكرمة إلى بيت المقدس على دابةٍ تسمّى البراق برفقة جبريل -عليه السلام-، ثمّ عُرج به إلى السماء الدنيا حيث التقى بآدم -عليه السلام-، ثمّ إلى السماء الثانية والتقى بيحيى بن زكريا وعيسى بن مريم -عليهما السلام-،
ثمّ إلى السماء الثالثة التي رأى فيها يوسف -عليه السلام-، ثمّ التقى بإدريس -عليه السلام- في السماء الرابعة، وهارون بن عمران -عليه السلام- في السماء الخامسة، وموسى بن عمران في السماء السادسة، وإبراهيم -عليه السلام- في السماء السابعة،
وتمّ السلام بينهم وإقرارهم بنبوّة محمّدٍ -عليه السلام-، ثمّ رُفع بمحمدٍ إلى سدرة المنتهى، وفرض الله عليه خمسين صلاة، ثمّ خففّها إلى خمسٍ.
بيعة العقبة الأولى والثانية
أتى وفدٌ من الأنصار يبلغ عددهم اثني عشر رجلاً إلى الرسول ليبايعوه على توحيد الله -سبحانه- وعدم السرقة وعدم الوقوع في الزنا أو المعاصي أو القول الزور،
وتمّت تلك البيعة في مكانٍ يسمّى العقبة؛ ولذلك سمّيت ببيعة العقبة الأولى، وأرسل معهم الرسول مصعب بن عمير يعلّمهم القرآن ويبيّن لهم أمور الدين،
وفي العام التالي في موسم الحج قدم إلى رسول الله ثلاث وسبعون رجلاً وامرأتين؛ ليبايعوه، وتمّت بذلك بيعة العقبة الثانية.
الهجرة النبوية
هاجر المسلمون إلى المدينة المنورة؛ حفاظاً على دينهم وأنفسهم، ولإقامة وطنٍ آمنٍ يعيشون فيه وفق أصول الدعوة،
وكان أبو سلمة وعائلته أول من هاجر، وتبعه صهيب بعد أن تنازل عن كلّ ما يملك من مالٍ لقريش في سبيل توحيد الله والهجرة في سبيله،
وهكذا تبع المسلمون بعضهم البعض في الهجرة حتى كادت مكّة أن تصبح خاليةً من المسلمين،
ممّا أدّى بقريش إلى الخوف على نفسها من عواقب هجرة المسلمين، فاجتمع نفرٌ منها في دار الندوة بحثاً عن طريقةٍ للتخلّص بها من الرسول -عليه الصلاة والسلام-، وانتهى بهم الأمر إلى أن يأخذوا من كل قبيلةٍ شاباً ويضربون الرسول ضربة رجلٍ واحدٍ؛ ليتفرّق دمه بين القبائل ولا يستطيع بنو هاشم على الثأر منهم.
في ذات الليلة أذِن الله لرسوله بالهجرة فاتّخذ أبا بكرٍ رفيقاً له، وجعل عليّاً في فراشه وأوصاه بردّ الأمانات التي كانت عنده إلى أصحابها،
واستأجر الرسول عبد الله بن أريقط ليدلّه على الطريق إلى المدينة، فخرج الرسول مع أبي بكرٍ قاصدَين غار ثور،
وحين علمت قريش بفشل خطّتها وهجرة الرسول بدأوا بالبحث عنه، إلى أن وصل أحدهم إلى الغار فأصاب أبو بكر الخوف الشديد على الرسول،
إلّا أنّ الرسول طمأنه، وبقيا في الغار ثلاثة أيامٍ إلى أن استقرّت الأحوال وتوقّف البحث عنهما،
ثمّ استأنفا مسيرهما إلى المدينة ووصلا إليها في السنة الثالثة عشر من البعثة، في اليوم الثاني عشر من شهر ربيع الأول،
وأقام أربعة عشر ليلة في بني عمرو بن عوف، أسّس خلالها مسجد قباء أول مسجدٍ بُني في الإسلام، وبدأ بعدها بإقامة أسس الدولة الإسلامية
بناء المسجد
أمر رسول الله ببناء المسجد على أرضٍ اشتراها من غلامين يتيمين، وبدأ الرسول مع أصحابه بالبناء، وجُعلت قبلته إلى بيت المقدس،
وكانت للمسجد أهميةٌ عظيمةٌ؛ إذ كان مكان لقاء المسلمين للصلاة وغيرها من الأمور، بالإضافة إلى تعلّم العلوم الشرعية، وتعميق الصلات والعلاقات بين المسلمين.
المؤاخاة
آخى رسول الله بين المهاجرين والأنصار من المسلمين وفق أسس العدل والمساواة، فالدولة لا يُمكن أن تُقام إلّا بتوحّد أفرادها،
وإقامة العلاقة بينهم على أساس حبّ الله ورسوله والبذل في سبيل الدعوة، وبذلك جعل رسول الله مؤاخاتهم مرتبطةً بعقيدتهم، ومنحت المؤاخاة للأفراد تحمّل مسؤولية بعضهم البعض.