- ℃ 11 تركيا
- 20 نوفمبر 2024
شادي طلعت يكتب: "الحشاشين" سقط في بئر السلطة
شادي طلعت يكتب: "الحشاشين" سقط في بئر السلطة
- 12 أبريل 2024, 11:49:50 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
رغم ثقتي وقناعتي بأنه لا يوجد على الساحة في مصر مبدعون قادرون على تقديم عمل فني تاريخي، بسبب التضيقات الأمنية على المبدعين.
إلا أنني قد تابعتُ مسلسل الحشاشين الذي عرض في شهر رمضان 2024، بطولة: الممثل كريم عبدالعزيز، والذي دخل مجال التمثيل لأنه ابن مخرج معروف فقط، وقد ظلمه من أعطاه دور البطولة لشخصية في المسلسل سبق وأن أداها عملاق الفن العربي الفنان: عابد فهد، والذي سبق وقام بدور حسن الصباح في مسلسل "سمرقند".
وأنا لا أقارن هنا بين عملاق مثل عابد فهد وممثل محدود مثل كريم عبد العزيز، فلا وجه للمقارنة. ولكن، كان على الساحة فنانين بحق، قادرين على تأدية دور (حسن الصباح)، بدلاً عمن دخل الفن لأجل أبيه فقط.
وبرغم ما قيل عن المسلسل، من أنه محاكاة فيما بين الوضع الراهن في حضرة (جماعة الإخوان المسلمين) الآن، وطائفة (الحشاشين) في القرن الحادي عشر.
فإنني لم أجد تلك المحاكاة نهائياً، بل وجدت أشياء أخرى سأذكرها بإختصار شديد.
فـ بداية : لا يُعد مسلسل "الحشاشين" مسلسل تاريخي، لأنه مليء بالمغالطات التاريخية الفجة، إنه مجرد عمل من وحي خيال مؤلفه المحدود جداً، وهو "عبد الرحيم كمال"، والذي ظهر للجميع أنه غير قادر على التفرقة فيما بين الأدب، والمقال.
فمسلسل "الحشاشين" كانت رسائلهُ مباشرة مما خرج به عن نطاق الأدب.
الأمر الثاني: رسائل هذا المسلسل بإختصار شديد كانت دعوة إلى الشك في كل شيء، وطعن صريح في العديد من المذاهب، والطوائف، والملل، والنحل، التي تضم في طياتها الملايين من المؤمنين بها، وبشكل يكاد يكون غير مستتر فإن المسلسل يوجه المشاهدين إلى الشك في وجود الأديان، بل والعياذ بالله يدعو للشك في وجود الذات الإلهية.
الأمر الثالث: ليس كاتب العمل عبدالرحيم كمال، صالح لأن يكتب عن التاريخ، فقد بدا صغيراً من خلال هذا العمل الذي انتقل من مرحلة لأخرى بدون أي إثارة درامية أو مقدمات تاريخية، إنه كاتب لم يهتم سوى بوجهة نظره غير الصادقة أو المبدعة.
إنه كاتب.. كتب عن الباطنية، وفي ذات الوقت لا يمتلك مقومات الباطنيين التي يجب أن تتوافر عند الأديب، فبدا واضحاً للمشاهدين غير مستتر.
كاتب لا يفهم معنى العمل التاريخي، وقزم أمام أدباء عمالقة مثل الأديب الفلسطيني وليد سيف، أو غيره كثيرين من الأدباء المصريين أو العرب المبدعين.
وبالنسبة لمخرج العمل بيتر ميمي، فهو طفل السلطة المدلل، والمفروض دائماً على مائدة وجبات رمضان الفنية، حتى وإن خلا من الإبداع.
إن بيتر ميمي ليس بمخرج كمن سبقوه من عمالقة الإخراج مثل: عاطف الطيب أو يوسف شاهين أو غيرهم.
وذلك كونه لم يتدخل في صلب العمل المكتوب عن "الحشاشين"، فلم يراجع مؤلف العمل غير الموهوب في الأدب، واكتفى بأداءه الباهت والمكرر.
وعلى الهامش نذكر أن الراحل العملاق عاطف الطيب كان يتدخل بشكل مباشر في نصوص عملاق آخر مثل وحيد حامد، ليس لشيء سوى صالح العمل الفني والأدبي فقط.
أما عن تأثير أو أثر "مسلسل الحشاشين"، فليس له أي تأثير يُذكر أو أثر سيبقى، فلا هو بعمل أدبي، أو بمقال مباشر.
إن مسلسل الحشاشين سقطة كبيرة تجاوزت سقطات كافة الأعمال التاريخية المصرية التي سبقته، وقد سقط سقطة لا عودة منها في بئر السلطة الذي نضب من الماء.
وفي النهاية أقول:
لم يَعُد للأعمال المصرية التاريخية أي وزن يذكر، وإلا لهاجمت العديد من الطوائف والملل، والنحل هذا العمل الساقط: (مسلسل الحشاشين).
ويبقى السؤال الأخير:
هل عقمت مصر المبدعين في التمثيل والأدب والإخراج... لا والله مصرُ ليست عقيماً، فهي دوماً ولادة.
ولكن على السلطة السياسية، والأجهزة الأمنية أن يرفعا القبضة الأمنية المفروضة على الفن، والأدب، والإبداع.
لقد رحل عن مصر فنان عالمي بحجم "عمرو واكد" بسبب رأي سياسي، وبقي شخص مثل "كريم عبد العزيز" بسبب رأي سياسي متوافق مع النظام، فهل هذا يليق ببلد كمصر.
أعيدوا لمصر مبدعيها، وكفوا عن فرض غير المبدعين أمثال: كريم عبدالعزيز - عبدالرحيم كمال - بيتر ميمي.
وقبل ان أُنهي مقالي هذا أتوجه بالتحية إلى الطفلة "بيلا حنون" والتي أدت دور إبنة حسن الصباح في مسلسل "الحشاشين"، إذ أنها قد أدت الشخصية بجدارة، وروعة فتفوقت على الكبار، وأخشى ان تهدر موهبتها في المستقبل بسبب رأي سياسي لها، تماماً كمن سبقوها.
وعلى الله قصد السبيل