سيد صابر يكتب : السراب

profile
سيد صابر كاتب صحفي
  • clock 26 يونيو 2021, 10:30:21 م
  • eye 970
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

هذا التيه والخوف والتخبط الذي يدور في عقل ووجدان الشخص عند اعتناق أفكار أو ميل لأشخاص او اتجاهات يثبت له الواقع انها كاذبة وغير حقيقية يعود الي بؤرة في عقله الباطن  تسمي سيكولوجيا" بؤرة السراب ... السراب الذي يجعل العطشان يثق تمام الثقة في ان هناك بئر ماء في نهاية الطريق وكلما أسرع الخطي وهو يسعي للوصول للماء لا يجد سوي صحراء جرداء لينتقل للمرحلة التالية سيكولوجيا أيضا وهي مرحلة الإنكار وهي ان بئر الماء علي بضع خطوات ... وتأخذه العزة بالأثم عن مواجهة نفسه ومواجهة الحقيقة بأن مايسعي حثيثا" له ليس سوي سراب ولكنه لا يستطيع مواجهة تلك الحقيقة ...

الثوري الذي نزل في يناير عقله ووجدانه لا يريد أن يستوعب انه كان بيننا منحطين مخبرين وانتهازين ومجرمين ضيعوا الثورة وانهاكوها واستفادوا منها وهم موجودين بيننا الان يديرون أعمالهم الخاصة ولازال يمارسون دورهم كمخبريين عصريين في تمييع اي قضية وطنية ويسخروا من أبناء يناير الحقيقين النبلاء .. فعقول ووجدان هؤلاء النبلاء لا يستطيع تقبل فكرة انه كان هناك بيننا ولاد ستين كلب انتهازيين ...

اما السيساوي الذي نزل في ٣٠/٦ فعقله ووجدانه لا يريد أن يتقبل حقيقة ان البطل المغوار طالب التفويض لم يكن عينيه ابدا علي حكم مصر وانه لم يفرط في تيران وصنافير ولم يوقع علي اتفاقية ٢٠١٥ التي أضاعت مصر والنيل .. وهنا يلجأ السيساوية الي الحيل الدفاعية السيكولوجية وعندما تفشل تلك الحيل في دعم فكره يلجأ الي الشتائم والسباب وتخوين ممن يوضح لهم الصورة ...

أما الإخواني فهو لا يريد أن يتقبل فكرة ان الهيكل البنيوي للجماعة لا يمكن أن يطرح قيادات سياسية تستطيع حكم مصر فالخلل بنيوي مرتبط بالسمع والطاعة والتنفيذ بدون نقاش فضلا" عن استمراء المظلومية والكربلائية بين القيادات الوسطي للجماعة  وخطابها الإعلامي وبين الميكيافلية والانتهازية للقيادات العليا للجماعة ... فالجماعة تزخر بالكفاءات التكنوقراط كلا في تخصصه ولكنها تفتقر للعقل السياسي وهذه هي آفة الجماعة فضلا عن تعامل الجماعة مع اللحظة التاريخية ... لحظة حكم مصر ... فقد تعاملت جماعة الإخوان مع  تلك اللحظة تعامل ... اللي ماشفش لحمة شاف ... اتجنن ...

اما الناصري فعقله الجمعي يرفض رفضا" باتا" فكرة ان الديمقراطية الاجتماعية لم ولن تكن ابدا بديلا" عن الديمقراطية السياسية وان سكوت عبد الناصر علي تصرفات واخفاقات عبد الحكيم كان لابد وحتما مواجهتها منذ فك الوحدة مع سوريا وقبل الوصول الي جرائم النظام حتي الوصول الي الجريمة الكبري في حق البلد وهي النكسة ... تلك الحقائق يرفضها الوجدان الناصري رغم أن عبد الناصر نفسه اعترف بتحمله هو شخصيا مسئولية الهزيمة وحاكم الكثير من أركان نظامه ... صلاح نصر وشمس بدران وقادة الأسلحة ... هناك ناصرين أكثر ناصرية من عبد الناصر نفسه وذلك كما قلنا مرتبط بمحركات سيكولوجية دفاعية يهرب بها المرء الي تشكيلات الصور الذهنية ...

السادتيين وهم أكثر الناس بساطة وبراءة ... احلي فلوس عملناها ايام السادات .. ياسلام لو ترجع ايام السادات ... هكذا تنفرج اساريرهم وهم يتشدقون بتلك الأيام... فهم لبساطتهم لايعون ولا يعرفون ان السادات وانفتاحه الذي لم يكن فقط انفتاح سماح مداح كما نعته كاتبنا الكبير الراحل احمد بهاء الدين ولكنه كان جريمة مخلة بالشرف فقد فتح السادات ارجل مصر ليضع في رحمها كل زناة الارض نفايتهم النووية و الكيماوية والفكرية وما كان موت الملايين من أطفال مصر جفافا" في نهاية السبعينات وبداية الثمانينات الا بسبب ذلك وما كان تبوء مصر المركز الأول عالميا في نسبة المصابين بفيروس سي القاتل الا بسبب نفايات السادات التي اعتمدها واكملها مبارك  ... طبعا السادتيين فرحوا بالفلوس ولم يعرفوا ان بعض الجنيهات التي جرت في أيديهم في عهد السادات تم قطف ابنائهم وخطف صحتهم مقابل لها ...

الليبراليين عموما والوفدين خصوصا" وجدانهم لا يقبل ان النحاس باشا لم يوقع معاهدة ٣٦ من أجل مصر كما قال وإنما من اجل عيون المندوب السامي البريطاني وحتي لاتغرب شمس الإمبراطورية التي لا تغرب عنها الشمس وتوقيع المعاهدة أتت اكلها عام ١٩٤٢ عندما دخل رئاسة الوزراء علي ظهر الدبابات البريطانية والنحاس باشا أيضا لم يلغي معاهدة ٣٦ من أجل مصر وإنما ولأنه ثعلب سياسة استشعر آفول نجم وشمس الإمبراطورية ونقل البندقية من الكتف الانجليزي للكتف الأمريكي ... هل يستطيع أي وفدي ان ينكر ذلك وان ينكر أن مصر قبل يوليو كانت مجتمع النص في المئة ... وان الديمقراطية  السياسية هراء وجوع في ظل عدم وجود ديمقراطية اجتماعية ...

القوميين ... هل يستطيع أي قومي عربي ان ينكر ان حزب البعث البطل في القطريين السوري والعراقي هم اساس وسبب هزيمة مصر عام ٦٧ بضغطهم علي مصر وحملات التشنيع علي عبد الناصر وان من فك الوحدة المصرية السورية هم ضباط بعثيين وان قبول عبد الناصر لمبادرة روجرز جعل اذنابهم يلفون شوارع  مخيم الوحدات في عمان بحمار مكتوب عليه عبد الناصر ... هل يعرف كل قومي ان كباراتهم في مصر والعالم العربي مرتزقة متكسبين آكلي علي كل موائد الرجعية العربية ... هل يعي القوميين انه كانت هناك قوات سورية في حفر الباطن وان القادة العراقيين الذين فروا أثناء الاجتياح الأمريكي للعراق واختبئوا في سوريا تم تقديمهم للأمريكان... هل يعي العقل القومي جرائم البعثان السوري والعراقي ضد بعضهم البعض ... وسلم لي علي ميشيل عفلق ...

عقلنا الجمعي السياسي  يحتاج الي dawn load جديد ... فكر ورؤية وطرح مختلف ... مدرسة جديدة في التفكير واستقراء النتائج عوضا" عن هذا الفشل الذي يعم العقل السياسي الشرقي المعطوب ...

التعليقات (0)