د.إبراهيم جلال فضلون يكتب: العالم بين قرني شياطين الأرض

profile
د. إبراهيم جلال فضلون أستاذ العلاقات الدولية
  • clock 24 أكتوبر 2024, 4:52:37 ص
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

يعيش الشرق الأوسط حالة من الحذر والترقب للضربة الانتقامية التي تهدد إسرائيل بـ"رد فتاك ومفاجئ" إلى إيران رداً على هجوم صواريخ طهران الباليستية، أطلقت نحو 180 صاروخاً مطلع أكتوبر الجاري. 

وألقى التوتر بظلاله على ضفتي الخليج العربي والشرق الأوسط بل والعالم ككل، وسط تقارير عن تحذيرات إيرانية لدولٍ عربية من استخدام أراضيها أو أجوائها في أي ضربات إسرائيلية أو أميركية، فيما طالب مسؤولون ومعلقون إسرائيليون بتوجيه ضربات مدمرة لمنشآت نووية أو بنية تحتية للنفط في طهران.

رغم أن من مصلحة إيران أن تنتفع بعلاقات دول الجوار، تبقى المملكة في الموقع الأفضل بين الدول الخليجية والعربية فيما يخص العلاقات مع إيران، كونها نجحت قبل المواجهة الإسرائيلية الإيرانية الأخيرة، في إعادة النظر والموازنة في علاقاتها مع طهران بيد وسلاح السلم والسلام، إذ تراها بعين "دولة صديقة وجارة"، فتم تفعيل المبادرة الصينية التي أثمرت عام 2023 مصالحة إيرانية سعودية بعد قطيعة دامت سبع سنوات، إذ توجه وزير الخارجية الإيراني عباس عراقجي إلى الرياض، وأجرى مباحثات مع ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان بشأن مستجدات الأوضاع الإقليمية والجهود المبذولة تجاهها، وسط مخاوف من اتساع رقعة الصراع في المنطقة.

فالمجتمع الدولي كله ينظر بقلق بالغ من أن تنفجر الأمور في أي لحظة، ما قد تكون له تأثيرات كبيرة على الممرات المائية التجارية التي ستكون مهددة بشكل واضح. والدول العربية أصبحت "أكثر حزماً" مع توسّع نطاق الحرب. 

فقد أبلغت الإدارة الأميركية بأنها لا تريد أن "تستخدم الولايات المتحدة أو إسرائيل بنيتها التحتية العسكرية أو مجالها الجوي في أي عمليات هجومية ضد إيران، ومسموح لها فقط بإجراء عمليات دفاع عن النفس، فالعرب والخليج خاصة في قلق أيضاً بشأن تجرؤ رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو، وحلفائه من اليمين المتطرف في إسرائيل، لكنهم بين شيطانين أحدهما أسوأ من الآخر، وكأننا عالقون بين قوتين إقليميتين متنمرتين، إسرائيل وإيران، وكلاهما لا يتوافقان ورؤى المنطقة المحايدة وسط مخاوف من أن تصعيداً أوسع نطاقاً للعنف قد يهدد منشآت النفط.

وأعتقد أن وزراء من دول الخليج وإيران شاركوا في اجتماع للدول الآسيوية كانت تستضيفه قطر، ركزوا في مباحثاتهم على خفض التصعيد والتحلي بأقصى درجات ضبط النفس، وتجنيب المنطقة مزيداً من عدم الاستقرار، وفي المقابل تضغط الدول الخليجية على واشنطن لمنع إسرائيل من مهاجمة مواقع النفط الإيرانية، وكان نتنياهو قد تلقى تحذيرات من الرئيس الأمريكي جو بايدن من مغبة ذلك، لكن لا يمكن تصديق حليفين ضد البشرية، في ذلك فالضربة قادمة ولا محالة، وعلى الدول العربية الخليجية الاستعداد للأمر، فلا كلمة لهؤلاء ابداً.

إن إسرائيل قالتها: "ستضرب أهدافاً عسكرية إيرانية، وليس أهدافاً نووية أو نفطية، وأن الرد سيكون محسوباً لتجنب فكرة التدخل السياسي في الانتخابات الأمريكية". والهدف من الضربة العسكرية الإسرائيلية لإيران هو استهداف مصالح النظام في طهران ومصادره وموارده بشكل مباشر.

لكن على إسرائيل أن تعي ما سيحل بها وما حجم ونطاق الرد على إيران، لأن الأخيرة علاقاتها شديدة التداخل وخصوصاً مع روسيا والصين وكوريا الشمالية. فالأولى أصبحت تعتمد منذ فترة على الصناعات العسكرية الإيرانية في إمدادات المعارك الدائرة في أوكرانيا. 

أما الصين، فبينهما شراكات عسكرية وتسليحية متعددة وتفاهمات سياسية على المستوى الاستراتيجي، في حين تجمعها بكوريا الشمالية علاقات عسكرية وتكنولوجية متميزة، ناهيك عن علاقات خاصة مع قوى دولية كالهند وفرنسا.. وبالتالي فإن الملف الإيراني ثقيل جداً على دولة كإسرائيل، لكن لواشنطن الكلمة الأولى والأخيرة، وهي الحقيقة التي حاول نتنياهو تجاهلها لكن لم يعد بمقداره الصمود أمام تلك الحقيقة. 

 


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)