- ℃ 11 تركيا
- 1 نوفمبر 2024
د. إبراهيم جلال فضلون يكتب: أرض الله أم وقف الله
د. إبراهيم جلال فضلون يكتب: أرض الله أم وقف الله
- 31 أكتوبر 2024, 11:15:30 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يقول إدغار موران: "كل حياة هي سباحة في اللايقين كما"، لكن خطاب اليقين يملأ أفواه الشرق، ويقتل أكثر من الرصاص أبرياء من غزة بداية، للبنان وهلُم جرة..، فبينما تتجه طهران وتل أبيب إلى إعادة بناء معادلة الردع ستسعى دول المنطقة إلى زيادة قدراتها العسكرية كماً ونوعاً، وهو ما لا ينذر بالتوجه نحو الأمن والاستقرار، ففي حال قررت إيران استهداف مواقع حيوية في إسرائيل بدلا من مواقع عسكرية "ستنهار إسرائيل"، حيثُ أظهر عبور صواريخ إيران من منظومات دفاعية متعددة الطبقات تابعة لتل أبيب والولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والأردن ومحاولات تصديهم لصواريخ طهران، هشاشة إسرائيل البالغة.
فمنذ البدء ووسط تعدد التوصيفات، وصف الدبلوماسي والمفاوض الإسرائيلي المخضرم إيتمار رابينوفيتش حرب غزة بأنها "حرب إسرائيل - إيران الأولى"، وليس قليلاً ما كشفته الحرب، فالمشروع الإسرائيلي مكشوف أصلاً على ألسنة القادة والكنيست الإسرائيلي، كما في كتابات المفكرين منهم قبل مفكرينا في المنطقة والعالم، وما زاد انكشافه هو المشروع الإيراني وإحباط مشروع "الشرق الأوسط الجديد" بقيادة أميركا لمصلحة "الشرق الأوسط الإسلامي"، حيث اليد العليا للمقاومة بقيادة إيران، بصرف النظر عن خطابه الفخم.
فالحرب في غزة ولبنان والضفة الغربية كما نراها في راديكالية المرشد الأعلى علي خامنئي "محورية في تغيير مصير المنطقة"، والتي بدأت الفرصة بعملية "طوفان الأقصى" ثم لبنان والضفة لإضعاف إسرائيل وتأكيد عجزها عن حماية مستوطنيها، ويعتبر الخميني أنه تكليف شرعي يستحيل الرجوع عنه إلا بتكليف آخر، بل وأن الأصوليين المتشددين يعتبرون لبنان "أرض الله"، ووصفها "وزيراً مثقفاً في حكومة تصريف الأعمال برئاسة نجيب ميقاتي بأن لبنان "وقف الله".. وبالتالي تلقى لبنان أو بالأخص حزب الله بعد اغتيال قاداته ضربات جعلته يتحول من جسم هجومي يهدد الجليل إلى جسد بلا رأس قيادي يتعرض لضربات محكمة من الإسرائيليين..
فحزب الله يقاتل على جبهتين، أولاها مع إسرائيل هدفها الصمود إلى ما بعد الانتخابات الأميركية والاستفادة من الحرب لبسط سيطرة ديموغرافية على أماكن جغرافية دون معرفة ما سيكون حال فوز أي مرشح أمريكي (هاريس أم ترامب) وقد تكون هناك مفاجآت، والجبهة الثانية مواجهة اللبنانيين لتمدد الحزب الديموغرافي وهذا سيشكل شروط معادلة لبنان ما بعد "حزب الله".
لكن راديكالية نتنياهو فإنه يخوض "حرب وجود" في مواجهة إيران ومشروعها، كون دولة الاحتلال لا تملك عمق استراتيجي، حيث إن جغرافيتها صغيرة جداً، وبالتالي هي "هشة جدا وهي تعلم ذلك جيدا"، ولذا وجدها المبتز لشعبه "نتن-ياهو" فرصة نادرة للتخلص من كابوس صواريخ "حزب الله" وباباً للحرب الشاملة لضرب المشروع الإيراني وأذرع "الحرس الثوري" المسلحة في غزة ولبنان والعراق.. لتمرر في المقابل بعد الضربة الإسرائيلي لأراضي طهران البرلمان الإيراني، مشروع ميزانية العام الإيراني المقبل، مخصصات المؤسسات العسكرية، بزيادة ميزانية الدفاع بنحو 200%، على أمل أن تلبي هذه الزيادة احتياجات البلد الأمنية والعسكرية.. وهو ما قد يكون مفيدًا في 3 مجالات وهي: الاحتياجات التنظيمية للقوات المسلحة، والاحتياجات الداخلية للبلاد، والأهداف الإستراتيجية في بُعد الردع، لكن رأي الباحث العسكري محمد مهدي يزدي أن إعلان خبر زيادة الميزانية العسكرية يحمل جانبا من الحرب النفسية، ويظهر أيضا دعم الحكومة للقوات المسلحة، وتحديدا في ما يتعلق بردود إيران العسكرية على إسرائيل.
تلعب القوى العظمى بقيادة المتأرجحة في انتخاباتها (الولايات المتحدة) دورًا محوريًا في تهدئة الصراع الذي ملأ العالم ضجيجاً باللاإنسانية، فهي تعمل كقوة استقرار تمنع أي طرف من تجاوز الحدود التي نراها مع من تحارب الأخيرة، لكن في العالم العربي سيتم اتخاذ تدابير أكبر لحماية حدودها، فهل عملوا لذلك اليوم بعيداُ عن القمم؟.