-
℃ 11 تركيا
-
31 مارس 2025
دراسة: لماذا تخشى "إسرائيل" تركيا؟ صراع النفوذ والاستهداف في الشرق الأوسط
دراسة: لماذا تخشى "إسرائيل" تركيا؟ صراع النفوذ والاستهداف في الشرق الأوسط
-
28 مارس 2025, 6:46:42 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
سلطت دراسة صادرة عن مركز بيغن-السادات للدراسات الاستراتيجية الضوء على موقع تركيا في المشهد الإقليمي في ظل الحرب الإسرائيلية على غزة والتطورات في سوريا. تسعى الدراسة إلى تقديم رؤية إسرائيلية لمسار العلاقات الإقليمية، مع التركيز على دور أنقرة باعتبارها فاعلًا متغيرًا في خريطة المصالح الجيوسياسية، لكن الدراسة لا تخلو من التوظيف الإسرائيلي المعتاد في تبرير العدوان ومحاولة خلق مسارات تعاون مع قوى إقليمية.
إسرائيل ومخاوفها من التطورات في سوريا
تتابع إسرائيل التحولات في سوريا بقلق بالغ، مدعيةً أنها تسعى إلى منع وصول الأسلحة إلى فصائل المقاومة أو الأطراف التي تصنفها "إرهابية" وفق معاييرها. ويظهر هذا القلق الإسرائيلي في الإصرار على مواصلة عمليات القصف والاعتداءات العسكرية داخل الأراضي السورية، تحت ذريعة استهداف قواعد لفصائل مسلحة، بينما الهدف الحقيقي يتمثل في إضعاف الدولة السورية وإبقاء المنطقة في حالة استنزاف مستمر.
تعتبر إسرائيل أن وجود الفصائل المقاومة، سواء كانت سنية أو شيعية، يمثل تهديدًا مباشرًا لها، رغم أن الصراع القائم داخل سوريا معقد ويتجاوز التوصيفات الإسرائيلية المختزلة. المخاوف الإسرائيلية لا تقتصر على الجبهة السورية، بل تمتد إلى حدود الجولان المحتل، بالإضافة إلى أقلية أُخرى ذات صلة بسورية، ألا وهي السكان الدروز في الجنوب الغربي، على الحدود مع الأردن. حيث تحاول إسرائيل استغلال الوضع لترسيخ احتلالها عبر اتفاقيات وتفاهمات تخدم أمنها على حساب الحقوق العربية.
التدخل التركي: بين المصالح القومية والطموحات الإقليمية
تشير الدراسة الإسرائيلية إلى أن تركيا تلعب دورًا بارزًا في الشمال السوري، عبر دعم مجموعات مسلحة ومعارضة للنظام السوري السابق حتى إسقاطه في 8 ديسمبر 2024م، إضافةً إلى حملاتها العسكرية التي تستهدف القوات الكردية التي تصنفها تركيا كتنظيمات وكيانات إرهابية. تتعامل إسرائيل مع التدخل التركي في سوريا بقلق من زاويتين: الأولى تتعلق بالدور التركي المتنامي وتأثيره على توازن القوى في المنطقة، والثانية مرتبطة بالعلاقة التركية مع حركة حماس، التي تنظر إليها إسرائيل كتهديد مباشر لأمنها.
من وجهة نظر إسرائيلية، فإن أي تمركز للقوات التركية في الشمال السوري قد يؤدي إلى إضعاف الجماعات الكردية، التي تربطها علاقات غير رسمية مع إسرائيل، ما يعرقل بعض المخططات الإسرائيلية الهادفة إلى توظيف هذه الجماعات في مشاريع تقسيمية.
التصعيد بين إسرائيل وتركيا: هل هو حتمي؟
ترى إسرائيل أن علاقاتها مع تركيا قد تشهد مزيدًا من التوتر في المستقبل، خصوصًا مع استمرار الرئيس التركي رجب طيب أردوغان في خطاباته التي تدين العدوان الإسرائيلي، فضلًا عن دعمه السياسي والمادي للقضية الفلسطينية. وقد زاد هذا التوتر بعد الحرب الأخيرة على غزة، حيث كانت تركيا من بين الدول التي وجهت انتقادات شديدة لإسرائيل، ورفعت مستوى دعمها الإنساني واللوجستي للقطاع المحاصر.
لكن، ورغم الخطاب التركي المناهض للاحتلال، تدرك إسرائيل أن المصالح الاقتصادية والسياسية بين الطرفين لا تزال قائمة، إذ لم تتأثر العلاقات التجارية بشكل جذري، وهو ما يعكس طبيعة السياسة التركية التي تمزج بين البراغماتية والشعارات القومية.
الدور التركي في إعادة إعمار سوريا: استثمار أم نفوذ سياسي؟
تحاول تركيا تقديم نفسها كقوة إقليمية تسهم في إعادة إعمار سوريا، بعد سنوات من الحرب والدمار، لكن إسرائيل تنظر إلى هذه التحركات بعين الريبة، معتبرة أن الوجود التركي في شمال سوريا قد يتحول إلى قاعدة دائمة لأنقرة، مما يمنحها تأثيرًا طويل الأمد على مستقبل سوريا، وربما يعرقل بعض الحسابات الإسرائيلية المتعلقة بترسيخ تفتيت المنطقة وإضعاف أي قوى عربية صاعدة.
تستثمر تركيا مليارات الدولارات في مشروعات إعادة الإعمار، وتركّز بشكل خاص على المناطق التي تسيطر عليها عسكريًا، مثل إدلب وعفرين. وبحسب تقديرات الدراسة الإسرائيلية، فإن تركيا ترى في هذه الاستثمارات وسيلة لتعزيز مكانتها الإقليمية، وفرض شروطها على أي تسوية سياسية مستقبلية.
معركة النفوذ الإقليمي بين تركيا وإسرائيل
تُظهر الدراسة الإسرائيلية أن الاحتلال يتابع عن كثب التحركات التركية، ويرى فيها تحديًا محتملاً لمشاريعه في المنطقة. وبالرغم من أن تركيا لم تتخذ خطوات تصعيدية مباشرة ضد إسرائيل، إلا أن موقفها الداعم للقضية الفلسطينية، وسياستها في سوريا، يجعلانها في موضع خصم استراتيجي وفق الحسابات الإسرائيلية.
إسرائيل، التي تسعى إلى توسيع نفوذها في المنطقة عبر التطبيع وعقد التحالفات، تواجه تحديًا في تحجيم الدور التركي، لكنها في الوقت ذاته تحاول إبقاء قنوات التعاون الاقتصادي مفتوحة، ريثما تتضح ملامح التغيرات الجيوسياسية.
مع ذلك، يبقى التناقض الرئيسي قائمًا بين الطرفين: تركيا التي تحاول فرض نفسها كقوة إقليمية مؤثرة، وإسرائيل التي تسعى إلى الحفاظ على تفوقها الاستراتيجي بأي وسيلة ممكنة، حتى لو كان ذلك عبر تأجيج الصراعات الإقليمية وإطالة أمدها.










