خالد سعد يكتب: من التمرد إلى الانهيار.. فلول الأسد في مواجهة مصيرها الأسود

profile
خالد سعد داعية إسلامي مصري
  • clock 7 مارس 2025, 3:35:41 م
  • تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
Slide 01

في خضم التحولات الكبرى التي تشهدها الساحة السورية، وبينما كانت الأنظار تتجه نحو مرحلة جديدة من التفاوض والاستقرار، اختارت فلول النظام السوري والميليشيات الموالية له في الساحل السوري والمناطق الخاضعة لنفوذهم سلوك طريق الانتحار السياسي والعسكري. لم تكن هذه الخطوة مجرد خطأ تكتيكي، بل كانت مقامرة كبرى ستُغير موازين القوى في المنطقة، وتُعجل بنهايتهم التي كانوا يحاولون تأجيلها.

ذريعة للتحرك العسكري الإقليمي والدولي

من خلال تحركاتهم غير المدروسة، قدَّمت فلول النظام السوري ذريعة مثالية للقوى الإقليمية والدولية للتحرك ضدهم عسكريًا. الإدارات الجديدة في واشنطن والعواصم المؤثرة وجدت فرصة ذهبية لتصفية هذه البؤر المتمردة دون أي حرج سياسي أو دبلوماسي. أي حديث عن تهدئة أو مصالحة أصبح غير وارد، مما منح شرعية كاملة لضربهم عسكريًا وإنهاء وجودهم كقوة مؤثرة.

تركيا تتحرك ضد قسد وPYD

في الشمال السوري، وجدت تركيا مبررًا إضافيًا للتحرك ضد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) وحزب الاتحاد الديمقراطي (PYD)، خاصة بعد رفض الأخيرة لدعوة عبد الله أوجلان بإلقاء السلاح. هذه الخطوة عزَّزت تصميم أنقرة على شن عمليات عسكرية ضد هذه التنظيمات، مما سيُحدث تغييرًا دراماتيكيًا في موازين القوى شمال سوريا، ويُسرع من حسم المواجهة لصالح القوى المعارضة لهذه الفلول.

تعزيز سلطة الأمن العام في الداخل السوري

في الداخل السوري، أدت تحركات فلول النظام إلى تمهيد الطريق للأجهزة الأمنية لإحكام قبضتها بشكل أكبر تحت ذريعة "فرض الأمن العام". أي حديث عن إصلاح سياسي أو تحول ديمقراطي أصبح ثانويًا أمام الحاجة الملحة لاستعادة الاستقرار بعد الفوضى التي أحدثتها هذه الفلول. وبذلك، أصبح هناك مبرر قوي لتوسيع نطاق التدخل الأمني، مما يعني مزيدًا من القمع وانعدام الحريات.

إبقاء سوريا في حالة طوارئ مستمرة

كان من المفترض أن تنتقل سوريا إلى مرحلة جديدة بعد أكثر من عقد من الصراع، ولكن هذه الفلول أصرت على إبقاء البلاد في حالة طوارئ دائمة. هذه الحالة لم تعد تقتصر على الجانب العسكري فقط، بل امتدت إلى الأوضاع الاقتصادية والسياسية، حيث أصبحت الذرائع متاحة لتأجيل أي حلول جذرية، والاستمرار في الوضع الراهن الذي يُطيل أمد الأزمة بدلاً من إنهائها.

ورقة مساومة رخيصة بيد إيران

أصبحت فلول النظام أداة مساومة بيد إيران، التي تخوض مفاوضات شاقة مع الغرب حول الملف النووي والنفوذ الإقليمي. إيران، التي اعتادت استخدام وكلائها كورقة ضغط، وجدت في هذه التحركات فرصة لإعادة خلط الأوراق، مما يعني أن هذه الفلول لم تكن سوى بيادق في لعبة دولية معقدة سيتم التضحية بهم دون تردد.

إحراج الموالين للنظام السوري

على المستوى الداخلي، أحرجت هذه التحركات كل من كان يدَّعي تأييد النظام السوري أو عدم علمه بحجم جرائمه. لم يعد هناك مجال لتبرير الوقوف مع النظام بعد أن أصبح واضحًا أن تحركاته وفلوله ليست سوى خطوات انتحارية لن تجلب إلا الدمار لمن تبقى من أنصاره.

سجون النظام ستزدحم برجاله

المفارقة الكبرى أن النظام نفسه لن يتردد في التخلص من كثير من أركانه بعد هذه الانتكاسة. فعندما يشعر المستبد بالضعف، يكون أول ما يفعله هو تصفية رجاله الذين أصبحوا عبئًا عليه. وبالتالي، فإن السجون التي كانت مليئة بمعارضيه قد تصبح قريبًا مليئة برجاله الذين ألقوا بأنفسهم في أتون حرب لا تنتهي إلا بمزيد من الخسائر.

وعود تركيا والمجتمع الدولي لم تعد ملزمة

أصبحت الوعود التي قدمتها تركيا والمجتمع الدولي بخصوص تحقيق استقرار مرحلي في سوريا غير ملزمة الآن. فلم يعد هناك ما يدعو للتهدئة أو التفاوض مع هذه الفلول، التي قررت عزل نفسها عن أي مشروع مستقبلي لسوريا.

النتيجة: انتحار سياسي وعسكري

باختصار، لقد انتحرت فلول النظام طوعًا، وسلمت رقابها بأيديها دون أي ضغوط خارجية. لم يكن أحد بحاجة إلى التآمر عليهم، لأنهم فعلوا ذلك بأنفسهم. لقد اختاروا أن يكونوا في مواجهة مباشرة مع الجميع، مما يعني أنهم سيدفعون الثمن وحدهم، وسيواجهون مصيرًا أسودًا كان يمكنهم تفاديه.

الخاتمة: القادم أدهى وأمر

المرحلة القادمة ستكون مليئة بالمفاجآت، ولكن الشيء الوحيد المؤكد هو أن هؤلاء سيعيشون أيامًا سوداء، لأنهم بأنفسهم اختاروا هذا المصير. وكما يقول الله تعالى: "فمن نكث فإنما ينكث على نفسه". الخيانة والتمرد في سوريا سلاح قديم استعمله كل الظالمين على مدار التاريخ، واليوم بدأت سوريا الجديدة تتعرض لأول اختبارات التمرد المدعوم خارجيًا. القادم يحمل كثيرًا من المخاطر، وأول عدو لسوريا الجديدة هو إيران، التي لن تتوقف عن محاولاتها لإشعال الفتنة وتقسيم البلاد. وعلى أهل سوريا أن يقفوا صفًا واحدًا لمواجهة هذه التحديات بحسم وقوة.


هام : هذا المقال يعبر فقط عن رأي الكاتب ولا يعبر عن رأي فريق التحرير
التعليقات (0)