- ℃ 11 تركيا
- 15 نوفمبر 2024
حل المجلس الأعلى للقضاء.. المسمار الأخير في نعش ديمقراطية تونس
حل المجلس الأعلى للقضاء.. المسمار الأخير في نعش ديمقراطية تونس
- 10 فبراير 2022, 7:47:30 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
استحوذ الرئيس التونسي "قيس سعيد" على كافة السلطات القضائية والتشريعية والتنفيذية في البلاد بعد قراره الأخير حلّ المجلس الأعلى للقضاء الذي كان ينظر إليه على أنه "آخر خط دفاع ضد حكم الرجل الواحد".
وقوبلت هذه الخطوة بإدانة واسعة من قبل القضاة وقادة المعارضة. ووصف رئيس المجلس الأعلى للقضاء "يوسف بوزاخر" هذه الخطوة بأنها غير قانونية، وتعهد بأن "القضاة لن يصمتوا" وسيواصلون تنفيذ واجباتهم.
ويفسر هذا المقال السبب الذي يجعل هذه الخطوة منعطفًا كبيرًا في الأزمة السياسية الحالية، كما يشرح تداعياتها على مستقبل تونس الديمقراطي.
ما هو المجلس الأعلى للقضاء؟
المجلس الأعلى للقضاء هيئة دستورية مستقلة تهدف إلى دعم استقلال القضاء في البلاد. وكجزء من دستور ما بعد الثورة في 2014، تم إعادة تشكيل المجلس لإزالة أي تأثير للفرع التنفيذي (وزارة العدل والرئاسة) واللذان سيطرا على المجلس في الماضي.
وتم تشكيل المجلس في نهاية المطاف في عام 2016 وتم تكليف الأعضاء الـ45 بضمان استقلال القضاة. ويشرف المجلس على تعيين القضاة وإجراءات ترقيتهم أو فرض الانضباط عليهم.
ويمثل المجلس القضاة أيضًا في التعامل مع الفروع التنفيذية والتشريعية. ومن أهم صلاحيات المجلس اختيار 4 من القضاة الـ 12 المعيّنين في المحكمة الدستورية.
أما القضاة الـ8 الآخرون فكان يفترض أن يتم اختيارهم من قبل البرلمان والرئيس، حيث يخول كل منهما بترشيح 4 قضاة. ولم يتم إنشاء المحكمة الدستورية أبدًا في تونس بسبب سنوات من الخلاف السياسي على المرشحين في البرلمان.
ومع ذلك، فإن إعادة تشكيل المجلس الأعلى للقضاء كان أحد "إنجازات الثورة الرئيسية على طريق بناء المؤسسات الديمقراطية"، وفق ما قالته الخبيرة في شؤون تونس "مونيكا ماركس".
وقالت "مونيكا" التي تحاضر في جامعة نيويورك أبوظبي: "كان المجلس نتيجة سنوات مضنية من العمل الشاق بعد ثورة 2011 سواء في المجلس الوطني التأسيسي أو البرلمان لمحاولة تصحيح التاريخ الطويل البائس من السيطرة الدكتاتورية على القضاء في تونس".
لماذا حل "سعيد" المجلس؟
جاء قرار حل المجلس الأعلى للقضاء بعد 7 أشهر من تعليق البرلمان وإقالة رئيس الوزراء، واستحواذ "سعيد" على صلاحيات تنفيذية واسعة.
وأعلن الرئيس نفسه النائب العام، وهي خطوة رفضها المجلس الأعلى للقضاء، ومنذ ذلك الحين، أثار المجلس غضب "سعيد" الذي كرر انتقاد القضاء، داعيًا إلى "تطهيره" في أكتوبر/تشرين الأول.
وقال "سعيد بن عربية" مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في "اللجنة الدولية للحقوقيين": "الرئيس يتخذ قرارات أحادية وغير دستورية وغير قانونية". ومن غير الواضح ما هو الأساس القانوني الذي اعتمد "سعيّد" عليه لحل المجلس الأعلى للقضاء لأنه لم يصدر بعد المرسوم الذي من شأنه أن يحله رسميًا.
وقال "بن عربية" إنه لا يوجد أي أساس دستوري أو قانوني على الإطلاق لقرار "سعيد"، لكن بما أن الجيش والشرطة ينفذون قراراته، فإن لديهم تأثير القوة الفعلية.
ويوم الإثنين، تم إغلاق مقر المجلس الأعلى للقضاء في تونس من قبل قوات الأمن، وتم منع الموظفين من الوصول إلى المبنى. وقال رئيس المجلس "بوزاخر"، إن الهيئة ستواصل عملها لكن مع سيطرة "سعيد" على الأرض فقد يتبين أن ذلك غير مؤثر.
وفسر "بن عربية" الأمر قائلًا: "إنهم بحاجة إلى إقرار الميزانية والموارد المالية، والاثنان يتم التصويت عليهما من قبل البرلمان، وقد أصبح لدى "سعيد" وحده القدرة على تخصيص الأموال والميزانية.
وأضاف: "سيصبح القضاء مع مرور الوقت تحت سيطرة الفرع التنفيذي باستخدام الوسائل المالية للضغط على المؤسسات القضائية وترسيخ حكم الرجل الواحد الذي كان ساريًا خلال الأشهر الـ7 الماضية".
ماذا يعني هذا لتونس؟
تعهد "سعيد" بعد ساعات من إغلاق مبنى المجلس الأعلى للقضاء بعدم التدخل في شؤون القضاء. وقال في خطابه: "أؤكد للجميع في تونس وخارجها أنني لن أتدخل في القضاء. لن أتدخل في أي قضية أو أي تعيين".
لكن عددًا من جمعيات القضاة والمنتقدين حذروا من أن خطوة "سعيد" تمثل نهاية أي أمل في الديمقراطية في تونس.
وقالت "مونيكا": "السؤال اليوم ليس ما إذا كانت تونس ديكتاتورية، وإنما ما إن كان سعيد سيتمكن من ترسيخ ديكتاتوريته. وما حدث يوم الأحد يشير إلى أنه يسرع في اتجاه الترسيخ الديكتاتوري".
وترى "مونيكا" أنه "إذا اختفى سعيد غدًا، فإن إعادة نسيج المؤسسات الديمقراطية التي قوضها بشكل منهجي منذ 25 يوليو/تموز، ستستغرق سنوات".
وأضافت أن الطريقة الوحيدة للخروج من هذا المنزلق هي اتحاد المعارضة وتوفير رؤية بديلة لحكم "سعيد"، وهو سيناريو غير مرجح بالنظر إلى مدى "ضعف وانقسام" الأحزاب السياسية منذ 25 يوليو/تموز.
ضغط المجتمع الدولي
ويعد المجتمع الدولي مصدرا آخرا للضغط على "سعيد"، وسيكون رد فعله على حل المجلس الأعلى للقضاء بالغ الأهمية لمستقبل البلاد، وفق ما يعتقده "بن عربية".
وقال "بن عربية": "أحد العناصر المهمة هو رد فعل المجتمع الدولي والضغط من مؤسسات مثل الاتحاد الأوروبي أو دول مثل فرنسا والولايات المتحدة".
وأضاف: "من الضروري للغاية أن يرد المجتمع الدولي على هذه الإجراءات بصوت موحد ويحث على العودة إلى النظام الدستوري".
وقبل يومين، أصدر سفراء كندا وفرنسا وألمانيا وإيطاليا واليابان والمملكة المتحدة والولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي بيانًا مشتركًا بشأن خطوة "سعيد" قائلين إنهم "قلقون للغاية".
وقال البيان إن "القضاء الشفاف والمستقل والفعال وفصل السلطات ضروري للديمقراطية التي ترتكز على سيادة القانون والحقوق والحريات الأساسية".
المصدر | حذيفة فياض | ميدل إيست آي