- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
حسن مدبولي يكتب : اصحاب الارهاب يتهمون الأسلام بالارهاب
حسن مدبولي يكتب : اصحاب الارهاب يتهمون الأسلام بالارهاب
- 25 يونيو 2021, 3:53:19 م
- 1118
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بعض الساسة والمثقفين الغربيين، ومعهم المرتزقة المحليون المنتمون لنا إسما فقط، يحاولون بشكل ممنهج ومستمر إلصاق تهم العنف والإرهاب بالثقافة العربية و الإسلامية،
وهم يؤكدون فى كل حين على أن الدافع الأوحد لعمليات العنف والإرهاب فى العالم يكمن فى تعاليم الدين الإسلامى،ويصفون أى واقعة عنف أحد أطرافها مسلم، بأنها إرهاب إسلامى،كما تتناغم مع تلك الترهات مطالبات مشبوهة كاذبة، تسمى زورا بتجديد الخطاب الإسلامى،كذلك تخرج علينا بعض الترهات و الأباطيل التى ترتدى ثوبا محليا لإثبات و إلصاق الإرهاب و العنف و التطرف بالدين الإسلامى ،
لكن من يراجع بعض الأحداث التاريخية بحيادية وعقلانية مجردة، سيكتشف أن العنف الذى يتفاقم أحيانا فى منطقتنا، ويطلقون عليه مصطلح الإرهاب الإسلامى ، يرتبط تمام الإرتباط بمحددات أخرى ليس من بينها أية نصوص دينية إسلامية ، لكن تلك المحددات تتعلق بإعتداءات إجرامية خارجية وقعت ضد منطقتنا خلال فترات زمنية متتالية، فمن يقرأ التاريخ جيدا سيتعرف على الأسباب الفعلية التى خلقت ما يطلق عليه بالعنف والإرهاب ، وهناك ستة تواريخ فارقة شهدت احداثا جسام تؤكد بما لا يدع مجالا للشك أن العنف الذى حاولوا تصنيفه على إنه إرهاب إسلامى،كان عبارة عن مجرد ردود أفعال تفاقمت وتناثرت ككتلة من اللهب أصاب بعضها أماكن متعددة بدوافع متباينة من بينها اليأس والصدمة، وأن دور النص الإسلامى فى تلك الأحداث ( إن وجد) كان دافعا معنويا إيجابيا يبث روح العزة والكرامة لدرأ الخطر الإجرامى ،ورد العدوان الغاشم ؟
الغريب أن هذه التواريخ التى نشير إليها يعلمها العالم بأسره ويعرفها كل المعرفة ، كما أن العالم يعرف أيضا أن المجرمين الذين يصفون ردود الافعال العنيفة بالارهاب الاسلامى، هم من إرتكبوا غالبية الجرائم التى نشرت العنف وردود الافعال بالمنطقة ؟
التاريخ الأول :-
فى نوفمبر عام 1917 وتحت حماية القوات الإنجليزية تم إعلان وعد بلفور للتصريح بإقامة وطن قومى ليهود العالم فى فلسطين وبداية إنشاء أول دولة دينية فى التاريخ الحديث ،ومن ثم تم السماح لليهود بإستيطان فلسطين كلها وطرد سكانها من الأغلبية ،وبدأت الجرائم والمذابح اليومية ضد تلك الأغلبية من الفلسطينيين، فكانت النتيجة الطبيعية أن تكونت المقاومة المسلحة دفاعا عن النفس والأرض والعرض وخرجت تنظيمات ثورية مقاتلة مثل فتح والجبهة الشعبية و حماس والجهاد، وبدأت دوامة ما يطلقون عليه هم بالإرهاب العربى تارة، والإرهاب الإسلامى حاليا ، مع إن كل ما يتم فى الأراضى المحتلة هو مقاومة مشروعة أيا كانت منطلقاتها الفكرية والدينية ؟
التاريخ الثانى: -
في 25 ديسمبر عام 1979 قامت جحافل القوات المسلحة التابعة للإتحاد السوفيتى بدخول واحتلال دولة أفغانستان دعما للحكومة الشيوعية الموالية لهم فى كابول ، ثارت تائرة الشعب الأفغانى والشعوب الإسلامية وتطوع الآلاف للقتال ضد السوفيت وأيدت أمريكا المقاومة الأفغانية والإسلامية فى البداية، وقامت بتدريبها وتسليحها نكاية فى الشيوعية ومحاولة لتدمير الدولة السوفيتية المعادية للرأسمالية ، وكان على رأس المتطوعين للقتال فى أفغانستان الكثير ممن ينتمون للدول العربية وعلى رأسهم أسامة بن لادن وأيمن الظواهرى وغيرهم ممن أطلق عليهم الإعلام الغربى فى ذلك الوقت(المجاهدين) إلا أنه بعد انتهاء تلك الحرب التى إستمرت عشر سنوات، وبعد أن حقق (المجاهدون) الأهداف الأمريكية كاملة وإنهار الإتحاد السوفيتى وتفرق إلى دول عدة منها روسيا الحالية، تم الانقلاب على المجاهدين ووصفهم بالإرهابيين، وحوكم وأعدم الكثيرين منهم عقب عودتهم لبلدانهم(التى شجعتهم فى البداية تحت أشراف أمريكى) وبالتالى حدثت صدمة لباقى (المجاهدين) فأقاموا فى أفغانستان ،وانشئوا تنظيم القاعدة برئاسة بن لادن والظواهرى بجوار طالبان الأفغانية، وبدأ عصر جديد لعمليات عنف وصل صداها إلى واشنطن وبقية أنحاء العالم ؟
التاريخ الثالث:-
فى عام 1982 قامت القوات الصهيونية بمهاجمة وإحتلال جنوب لبنان ،ثم دخلت بيروت وقامت بعمليات إجرامية ضد الشعبين اللبنانى والفلسطينى ومنها مذبحة صابرا وشاتيلا التى تمت بالتنسيق مع بعض الطائفيين اللبنانيبن الخونة ، ونتيحة لتلك الجرائم، والشعور بالعار لسقوط بيروت والجنوب اللبنانى كله فى يد الصهاينة، وكنتيجة أيضا لدخول قوات من أوروبا وأمريكا على الخط لمساندة وشرعنة الوجود الصهيونى، بدأت المنطقةالعربية تدخل عصر العمليات الإستشهادية أوالإنتحارية لمواجهة ومقاومة المعتدين القتلة ،ومن أشهر تلك العمليات كانت العملية التى قامت بها الشهيدة سناء محيدلى، كذلك نشأت التنظيمات والأحزاب المسلحة المقاومة ، وكان حزب الله على رأس تلك القوى المقاومة ضد العدو الاسرائيلى ،والمستمرة حتى الآن ،مما فتح الأبواب لزيادة الإحتقان الطائفى الداخلى والإقليمى ووصف المقاومة الاسلامية فى لبنان بالإرهاب تشويها لها ؟
التاريخ الرابع:-
في إبريل 1993 أعلنت الأمم المتحدة بلدة سريبرينيتسا الواقعة في وادي درينا في شمال شرق البوسنة "منطقة آمنة" تحت حماية قوات الأمم المتحدة المكونة من عناصر الكتيبة الهولندية التي بلغ تعدادها 400 عنصر، وذلك عند بداية الحرب الأهلية فى يوغوسلافيا السابقة (صربيا والبوسنة وكرواتيا حاليا) وإعتمادا على تلك الحماية قام أهل المدينة ومعظمهم ينتمون للدين الإسلامى بتجميع كل الأسلحة والأدوات التى يمكن أن تستخدم دفاعا عن النفس وسلموها لقوات الأمم المتحدة بأوامر من قادة تلك القوات من أجل الحفاظ على الهدوء وحمايةللسلام،
،لكن في يوليو 1995 قامت قوات مسلحة مكونة من مقاتلين محترفين ينتمون إلى الصرب الأرثوذوكس بمهاجمة البلدة الآمنة المسالمة سربرينيتسا،فلم تتدخل قوات الأمم المتحدة المكونة من الجنود الهولنديين لحماية المدنيين العزل من السلاح ، كما لم تعد هذه القوات الهولندية أي من الأسلحة التى سبق أن صادرتها، إلى المسلمين لكى يستطيعوا الدفاع عن أنفسهم ضد ذلك الهجوم ،فدخل الجنود الصرب البلدة بسهولة، وقاموا بعزل الرجال والصبية حتى عشر سنوات عن النساء،ثم قاموا بذبح وقتل كل الرجال والصبيان وعددهم لا يقل عن عشرة آلاف شخص،و بعد أن إنتهوا من المذبحة ودفن الجثث تولوا إغتصاب السيدات والبنات ثم قتل بعضهن وسط مرأى ومسمع من العالم كله ؟
بالطبع أثارت تلك الحادثة مشاعر الكثيرين وتطوع الآلاف لمساندة شعب البوسنة الذى كان وحيدا ،فيما كانت كل من روسيا وألمانيا والصين ودول أخرى يساندون مجرمى الحرب من الصرب الطائفيين؟وبالطبع بعد انتهاء المعارك تشبع الآلاف بما عايشوه من حقد ودم وكراهية وعاد بعضهم إلى بلدانهم الأصلية وهو يختزن تلك المآسى ،وفوجئ بعضهم باتهامات بالإرهاب ومحاكمات قاسية، وبالتالى قام البعض منهم بردود افعال ضد ما رأوه ظلما أمميا ضد المستضعفين وضد من يتطوع دفاعا عنهم ؟
التاريخ الخامس:-
فى 19 مارس عام 2003 قامت القوات الأمريكية ومعها أكثر من ثلاثين دولة غربية من بينهم أستراليا (بلد المجرم الذى نفذ مذبحة مسجد نيوزيلندا) بغزو العراق وقذفه بالصواريخ والنابالم والقنابل الموجهة التكتيكية التى تحتوى على اليورانيوم المخصب ؟ و لم تكتفى القوات الأمريكية وحلفائها بقتل أكثر من مليون عراقى وتشويه ملايين أخرى،بل مارست السادية والتعذيب والإغتصاب فى السجون ضد أى محتج أو مقاوم؟
وكان من الطبيعى فى مواجهة هذا العدوان الإجرامى الذى شاركت فيه الكثير من الدول الغربية المعادية للمسلمين ، أن تكون هناك ردود أفعال مضادة ، وأن تتكون العديد من التنظيمات المسلحة للتصدى لذلك الإحتلال الغاشم ، كذلك كان بديهيا إنتشار ردود الأفعال الغاضبة ضد عمليات الإغتصاب والقتل التى مارستها القوات الأمريكيةوالغربية وما تلاها من تشجيع للممارسات الطائفية وتأجيجها،فخرجت الكثير من الجماعات المتطرفة مثل جماعة الزرقاوى، وجيش المهدى، وبدايات إنشاء تنظيم داعش وروافده، كما بدأت بذور الإنقسام الطائفى بين السنة والشيعة تتفاقم فى العراق والمنطقة بأسرها حتى وصلت الى اليمن والبحرين ولبنان والسعودية ،
التاريخ السادس:-
بتاريخ 30 سبتمبر 2015، تدخلت القوات الروسية فى سوريا لمساندة نظام بشار الأسد الذى يعتمد فى نظام حكمه على تحالف من الأقليات المتساندة على حساب الأغلبية ،وقامت القوات الروسية باستخدام سياسة الأرض المحروقة ضد الرافضين لحكم بشار الأسد، وبالتالى إزدادت عمليات العنف والقتل فى سوريا وإزدادت أعداد المتطوعين الأجانب (بعضهم له خبرة من أفغانستان والبعض الآخر من البوسنة وفلسطين وآخرون حضروا مآسى حرب العراق) وكان بعض أولئك المتطوعين قد حضروا لمساندة الشعب السورى عند بداية ثورته التى بدأت سلمية وقابلها بشار الأسد بالقمع والقتل والقنابل البرميلية،ثم أصبحت المعركة ضد المحتل الروسى،كما أصبحت ضد الأكراد وضد الأمريكان والفرنسيين والإنجليز إلخ،،
و كلما إزدادت عمليات القصف ضد المدن السورية ومقتل الآلاف، كلماكانت تزداد تبعا لذلك حدةالتطرف والإرهاب ،و بالتالى تكونت ميليشيات كثيرة متعددة الإتجاهات جاء على رأسها تنظيم الدولة الإسلامية فى سوريا والعراق(داعش) وتدخلت قوى دولية أخرى كالولايات المتحدة وغيرها بحجة مواجهة داعش ؟فتدحرجت الممارسات المشوشة حتى وصلت شرارتها إلى مصر وأماكن أخرى فى العواصم العالمية الكبرى تحت عناوين سياسية مجردة ، وأيضا إنزلقت بعض الأماكن إلى العنف الذى مثل ردود أفعال على ممارسات إجرامية وأمنية تنال تأييدا ودعما غربيا ، لضمان الهيمنة على مفاصل الحياة السياسية بالمنطقة دون إعطاء أي بارقة أمل ؟
فالموضوع لا هو تعاليم أومناهج تدعوا إلى العنف، ولا هى شعوب تملؤها الكراهية والبغضاء وتقاتل الغرب وحلفائه بسبب الغيرة والحقد ، كما أن الإسلام كدين لا يدعوا معتنقيه إلى قتل الآخرين بلا سبب أو جريرة، لكنه يبث فى أشرافهم وعظمائهم روح العزة والكرامة لدفع الإعتداء ومجابهة البغى والعدوان فقط ؟
فمن يتحدثون عن الإرهاب الاسلامى ، ويطالبون بما يسمونه بتحديث الخطاب الدينى أو إعادة النظر فى بعض النصوص منعا للتطرف والعنف،أو يتحاملون على الأزهر الشريف،أو يستشهدون بنماذج دينية من صناعة الأمن للإساءة الى الدين الاسلامى،لن يحققواأهدافهم باستخدام كل تلك الإجراءات التى تتماهى مع مطالب خارجية إستئصالية معادية ، بل ستتفاقم الأمور للأسوأ ، مالم تنتصر قيم العدالة والحرية والمساواة بكافة أرجاء العالم ومالم تتوقف الإعتداءات الممنهجة ضد المستضعفين بالعالم الإسلامى ؟