- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
حسن حسين يكتب :خونة المستقبل
حسن حسين يكتب :خونة المستقبل
- 26 يونيو 2021, 12:02:22 ص
- 1090
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
يسعى الإنسان دوماً من أجل إشباع احتياجاته إلى النظر إلى المستقبل في محاولة منه للتخلص من عبء الحاضر الذي يثقل كاهله ولا يحل له مشكلاته المتجددة، و أثناء سعيه ذلك يتصدى للواقع ويواجه معضلاته بما فيها أولئك الذين يقاتلون من أجل إبقاء الأوضاع كما هي، إما خوفاً أن تتعرض مصالحهم للخطر ، أو جهلاً بما قد يحمله التغيير عليهم من منافع.
وتدخل قوى التقدم معركتين متوازيتين في وقتِ واحد، لا تقل أهمية واحدة منهما عن الأخرى ، الأولى تبدأ في ميادين السياسة وتنتهي في الأغلب الأعم كما يقص علينا التاريخ في ميادين القتال ، والأخرى تبدأ في ميادين الفكر والفن والثقافة ولا تبارح مواقعها، الانتصار أو التقدم خطوات في واحدة منهما يؤثر تأثيراً مباشراً على الأخرى ويدعمها دعماً قويا.
كلما تزايدت أعداد المؤمنين بالأفكار التقدمية والنظريات السياسية الداعمة للتحديث والتخاطب بروح وأدوات العصر ، كلما خفت صوت القتال ، وكلما ارتفعت أصوات البنادق كلما ضاعت أصوات العقل والمنطق.
تلك المعركة تعيش أجواءها الآن المنطقة العربية، كافة القوى المناهضة للحرية وللتقدم تتحالف بقيادة الولايات المتحدة القائد الحقيقي للثورة المضادة في العالم، والمغذي الأكبر للحركات المعادية للتحديث والمعاصرة، من أجل المحافظة على أمن الكيان الصهيوني والمحافظة على المصالح النفطية في المنطقة، وحماية الطابور الخامس المتقدم إلى الأمام الآن.
الشعب يحاول أن يخرج من أسر الماضي بكل ما يحمله من أوزار وأعباء تعيق التقدم إلى الأمام ، إلى مستقبل رحب تتنفس فيه الناس أنسام الحرية وتتذوق طعم الحقوق التي طالما حُرمت منها ، في نفس الوقت الذي يتمترس فيه العسكر على مقاعد الحكم ويعملون على إحكام سيطرتهم على مؤسسات الدولة لتحقيق أهدافهم الخاصة والضيقة الأفق والتي يمكن ان تكون وبالاً عليهم
كأننا نقص أسطورة الصراع الدائم بين قوى الخير وقوى الشر، أو ملحمة النور والظلام، وكأن عبرة التاريخ وحكمته لم تصل بعد لهؤلاء الذين يحاولون شد الزمن للوراء أو إيقاف خطواته إلى المستقبل، بينما على قوى الثورة أن تعيد النظر مرات.ومرات فيما دفعته وما قد تضطر إلى دفعه من دماء وشهداء في سبيل تحقيق أهداف ثورتها التي سرقتها مرة جماعة الإخوان ومرة جماعة العسكر.
تعلمنا من دروس التاريخ المريرة أن الثورات عادةً ما تنتكس بفعل عوامل داخلية أو خارجية ، بل ربما تنتكس من داخلها لأسباب موضوعية، لكنها برغم مرور الأعوام على نكستها سرعان ما تستعيد زخمها وقوة اندفاعها بعد ان تصحح مساراتها وتمتلك أدوات قوتها وتحقق انتصارها الأخير، و تعلمنا ايضاً أن المهزوم في تلك المعركة الأخيرة لا تقوم له بعد ذلك قائم، ويتم سحقه سياسياً واقتصادياً بل وثقافياً أيضاً، حتى يكاد لا يسمع عنه ولا عن شعاراته ولا عن قياداته إلا أسوأ سمع، وها نحن بصدد معركة بهذا الوزن او كما نعتقد تكاد تنشب بين لحظة وأخرى.
روائح الدخان التي تحذرنا من هول ما قد يحدث لا تردع أحداً من الطرفين، وكلاهما يؤكد على حتمية للمعركة، أنصار التقدم تلمع أعينهم ببراءة ورومانسية الحلم الثوري، وخونة المستقبل يشحذون أسلحة التخلف والرجعية والتبعية لقوى الاستعمار العالمي، ومصر تئن وتنتظر، طامعة في إزاحة كل هذا الظلام المخيم عليها من عقود .