تكبير الخط تصغير الخط

يعاني الإسلام السياسي اليوم بأوجهه المتنوعة منذ الانقلاب على مخرجات الانتفاضات الشعبية التي عرفت باسم "الربيع العربي"؛ من أزمة بنيوية حادة، وتواجه حركات وأحزاب الإسلام السياسي ضغوطات دولية وإقليمية ومحلية هائلة، ويتعرض الإسلام السياسي إلى حصار ممنهج خانق على كافة المستويات. وإذا كانت أسباب أزمة الإسلام السياسي بشقيه الديمقراطي والعسكري ظاهرة وواضحة، فإن أسباب أزمة الإسلام السياسي الراديكالي الذي يمثله حزب التحرير الذي يقع في منزلة بين منزلتين من أوجه الإسلام السياسي؛ أشد التباساً وأكثر حيرة.

يستند حزب التحرير إلى أيديولوجية دينية سياسية من خلال جماعة إسلامية "راديكالية"، ترفض المشاركة السياسية التي تتبعها أحزاب الإسلام السياسي، وتناهض الأعمال القتالية لحركات الإسلام الجهادي. ورغم رفض حزب التحرير لاستخدام العنف المسلح لتحقيق أهدافه النهائية، إلا أنه محظور في العديد من البلدان بسبب نهجه الراديكالي الانقلابي ورفضه المشاركة السياسية ومناهضة الديمقراطية، بما في ذلك البلدان العربية والإسلامية، مثل الأردن ومصر والسعودية وإندونيسيا وتركيا وأوزبكستان وغيرها، وهو حزب محظور في بعض البلدان الغربية مثل روسيا والصين وألمانيا، ومع ذلك لا يصنف حزب التحرير منظمة إرهابية باستثناء روسيا، ورغم أن حزب التحرير لا يتبنّى العنف والمنهج القتالي الجهادي إلا بوجود "الخليفة،" فقد اعتبرت أيديولوجيته ميسّرة للتطرف وحزاما ناقلا للعنف.

تأسس حزب التحرير سنة 1952، في مدينة القدس على يد الشيخ تقي الدين النبهاني، وهو حزب إسلامي سياسي راديكالي انقلابي امتد نشاطه إلى أكثر من أربعين دولة حول العالم، ويهدف الحزب إلى تحرير المسلمين من الكفر وتأسيس دولة ممتدة تحت راية "الخلافة" تقوم على مبادئ الشريعة الإسلامية. ومنذ تأسيسه كانت الصياغة الأيديولوجية لحزب التحرير واضحة وهيكليته التنظيمية ناجزة، على صورة نظام كلي شامل، فمن كونها مذهبا عقديا إلى كونها طريقة في الفقه الإسلامي؛ أصبحت أيديولوجية الحزب رؤية للوجود بأسره من المعرفة إلى الممارسة، ومن الدين إلى السياسة، ومن الأخلاق إلى السلوكيات.

فقد صاغ مؤسس الحزب الشيخ تقي الدين النبهاني أيديولوجية دينية سياسية كاملة كنظام شامل للحياة، والهيكلية التنظيمية والطريقة التي تحدد الأولويات الجيوسياسية، التي تؤثر على صياغة وجهات النظر والاستراتيجيات لتغيير العالم، وهي استراتيجية تدّعي الثبات على صعيد الدعاية وتنفي التأثر بالاعتبارات السياقية.

رغم أن حزب التحرير أيّد الثورات الشعبية التي اجتاحت العالم العربي 2011، ورحّب بالتحولات الديمقراطية، إلا أن الحزب لم يبدّل موقفه من الثورة والديمقراطية، فقد حافظ على أيديولوجيته الصارمة برفض الديمقراطية باعتبارها أحد أنظمة الكفر، وتمسك باستراتيجيته الرافضة للثورة باعتبارها طريقة غير شرعية للتغيير

رغم ادعاء الثبات الأيديولوجي والهيكلي لحزب التحرير، وهو ادعاء يتسم بقدر كبير من الصحة، إلا أن الحزب تأثر بالسياقات والتحولات التي عصفت في المنطقة، وشكلت رؤيته الاستراتيجية لطريقة التغيير السياسي والاجتماعي إحدى أهم الإشكاليات التي أفضت إلى الخلافات والانشقاقات داخل الحزب، فقد أدت التحولات الديمقراطية والثورات الشعبية التي شهدها العالم العربي إلى زعزعة المبادئ والأسس النظرية للنهج الانقلابي للحزب والذي يقوم على مبدأ وحيد وطريقة محددة تستند إلى طلب "النصرة".

فرغم أن حزب التحرير أيّد الثورات الشعبية التي اجتاحت العالم العربي 2011، ورحّب بالتحولات الديمقراطية، إلا أن الحزب لم يبدّل موقفه من الثورة والديمقراطية، فقد حافظ على أيديولوجيته الصارمة برفض الديمقراطية باعتبارها أحد أنظمة الكفر، وتمسك باستراتيجيته الرافضة للثورة باعتبارها طريقة غير شرعية للتغيير.

شارك حزب التحرير في فعاليات ثورات "الربيع العربي"، من خلال المظاهرات والاحتجاجات وإصدار البيانات، وكانت راية الحزب (العُقاب) البيضاء حاضرة في الميادين والساحات، وتفاعل الحزب مع التحولات الديمقراطية بتأسيس وترخيص أحزاب سياسية في بعض البلدان العربية كتونس، لكن موقف حزب التحرير تجاه الثورات والديمقراطية لم يتغير.

وعلى خلاف العديد من جماعات الإسلام السياسي الأخرى، لم يبدل حزب التحرير مواقفه بشأن القضايا الأساسية، حيث يرفض الحزب استخدام العنف لتحقيق أهداف محددة، ويرفض الحزب المشاركة السياسية ومبادئ الديمقراطية وأسس الليبرالية والاشتراكية. وقد وفّر هذا الثبات الأيديولوجي درجة عالية من الموثوقية مع مرور الوقت، وعزّز جاذبيته لشرائح محددة من المسلمين (معظمهم من المثقفين الشباب) في جميع أنحاء العالم. فقد تعامل مع الثورات الشعبية والتحولات الديمقراطية كوسيلة وأداة أفضل من الجمود والاستبداد، تتيح المجال لعمل الحزب وفرصة تمهد الطريق لاستئناف الخلافة، وليس غاية نهائية وفلسفة سياسية للحكم، ولكن في نفس الوقت شكلت سياقات الثورة والديمقراطية تحديا وتهديدا لأيديولوجية الحزب واستراتيجيته وتماسكه الهيكلي التنظيمي.
 

تعامل مع الثورات الشعبية والتحولات الديمقراطية كوسيلة وأداة أفضل من الجمود والاستبداد، تتيح المجال لعمل الحزب وفرصة تمهد الطريق لاستئناف الخلافة، وليس غاية نهائية وفلسفة سياسية للحكم، ولكن في نفس الوقت شكلت سياقات الثورة والديمقراطية تحديا وتهديدا لأيديولوجية الحزب واستراتيجيته وتماسكه الهيكلي التنظيمي

تعاقب على قيادة حزب التحرير المركزي منذ تأسيسه ثلاثة من القيادات، فقد تولى الشيخ تقي الدين النبهاني قيادة الحزب منذ تأسيسه حتى وفاته في 20 حزيران/ يونيو 1977، حيث تولى الشيخ عبد القديم زلوم قيادة الحزب، وقد تنحّى الشيخ عبد القديم زلوم عن إمارة الحزب عقب مرضه بتاريخ 17 آذار/ مارس 2003، ثم ما لبث أن توفي في 29 نيسان/ أبريل 2003. وقد تولى المهندس عطا أبو الرشتة مهام إمارة الحزب في 13 نيسان/ أبريل 2003، ولا يزال حتى الآن.

يهدف حزب التحرير إلى إقامة دولة إسلامية ممتدة في البلدان المسلمة، وإنشاء كتلة سياسية واحدة والتي تشكل "الأمة" الإسلامية وفق نظام "الخلافة"، والتي تُحكم من زعيم واحد، وهو الخليفة. فحسب حزب التحرير "لا بد أن يكون العمل لإقامة الخلافة وإعادة الحكم بما أنزل الله عملاً جماعياً، أو في كتلة أو حزب أو جماعة".

ورغم استدعاء حزب التحرير التقليد الخطابي الإسلامي التاريخي حول النظام السياسي تحت مصطلح الخلافة، إلا أن رؤية الحزب للخلافة تتجسد من خلال المفاهيم الحديثة للدولة، التي تضم جيشا دائما ودستورا وهيئة حاكمة. فمن أجل تطبيق الأحكام الشرعية في الدولة الإسلامية عمل الحزب على وضع مشروع دستور للدولة الإسلامية اشتمل على 89 مادة، ويتضمن هذا الدستور أحكاما عامة، وطبيعة النظام الاجتماعي، والنظام الاقتصادي، وسياسية التعليم والسياسة الخارجية، ثم عمل الحزب على تطوير الدستور وتوسيعه ليضم 182 مادة، حيث يرى الحزب أنه صالح في كل زمان ومكان تقام فيه الدولة الإسلامية.

تتمتع فكرة "الدولة الإسلامية" بحضور كثيف في البنية النظرية لحزب التحرير، تهيمن على مجمل الفعاليات والاستراتيجيات العملية في مسار تشكل الحزب وسياساته ومنهجه، وإذا كانت استعادة "الخلافة" هي الشاغل المركزي للحزب، فقد شدد على تعريف نفسه كحزب سياسي راديكالي، فواجب استعادة الخلافة حسب رؤية حزب التحرير، هو نتيجة طبيعية لإلغاء الخلافة الإسلامية وتحول جميع الدول الحالية إلى دار كفر ودار الحرب، وواجب الدولة الإسلامية الدولة المستقبلية لحزب التحرير هو استعادة هذه الدول وتحويلها مرة أخرى إلى دار الإسلام، فجميع أشكال الحكم الحالية هي نتاج أيديولوجيات غربية كافرة تتصدرها الرأسمالية والديمقراطية.

فلا يزال العالم الإسلامي حسب حزب التحرير مستعمَراً رغم ما يبدو عليه من مظاهر الحكم الذاتي، فهو خاضع للقيادة الفكرية الرأسمالية الديمقراطية، ولا مجال للتسوية بين الحضارات الغربية والإسلامية، فالقيم الليبرالية مثل العلمانية وحقوق الإنسان والتعددية مرفوضة باعتبارها غير إسلامية، وهو ما ينطبق على الأنظمة الشيوعية والاشتراكية باعتبارهما من المنتجات الغربية، رغم أن النبهاني استعار بصورة مكثفة من المفاهيم الاشتراكية لصياغة أيديولوجية الحزب في الجوانب الاستراتيجية العملية والهيكلية التنظيمية.
 

لا يزال العالم الإسلامي حسب حزب التحرير مستعمَراً رغم ما يبدو عليه من مظاهر الحكم الذاتي، فهو خاضع للقيادة الفكرية الرأسمالية الديمقراطية، ولا مجال للتسوية بين الحضارات الغربية والإسلامية، فالقيم الليبرالية مثل العلمانية وحقوق الإنسان والتعددية مرفوضة باعتبارها غير إسلامية، وهو ما ينطبق على الأنظمة الشيوعية والاشتراكية باعتبارهما من المنتجات الغربية

منذ تأسيس حزب التحرير شكلت الأيديولوجية النظرية الفكرية أحد أهم عناصر تماسك الحزب، بينما خلقت الاستراتيجية العملية والأطر الهيكلية إشكاليات وخلافات وأدت إلى عدة انشقاقات، وهو ما تكشّف من خلال التعامل مع الثورات الشعبية والتعاطي مع الانفتاح والديمقراطية، فقد اتبع الحزب مسارا مختلفا تماما عن السلفية الجهادية التي تستند إلى القوة القتالية "الجهادية" لاستئناف الخلافة وإقامة الدولة الإسلامية، ومساراً مغايراً لجماعة الإخوان المسلمين في نواحٍ رئيسية.

فبدلاً من التسوية والمرونة والبراغماتية وموازنة التغيير المنشود في القمة مع النشاط الروحي على مستوى القاعدة والخدمات الاجتماعية، بالاعتماد على مجموعة من الوسائل من الكاريزما الشخصية إلى التعبير الثقافي، وهي السمات التي ميّزت منهج الإخوان. فقد تبنى حزب التحرير طريقة انقلابية محددة للتغيير لا يجوز مخالفتها والخروج عن مقتضياتها، وحدد هيكلية صارمة للعمل من خلال حزب طليعي نخبوي، إذ يرى الحزب أن هناك طريقة وحيدة للتغيير يجب الالتزام بها حرفياً باعتبارها حكماً شرعياً ملزماً.

ويعزو الحزب سبب فشل الحركات الإسلامية إلى أنها "لم تكن تعرف طريقة لتنفيذ فكرتها، بل كانت الفكرة تسير بوسائل مرتجلة وملتوية". وقد حدد الحزب ثلاث مراحل لقيام الدولة الإسلامية؛ الأولى: مرحلة التثقيف لإيجاد أشخاص مؤمنين بفكرة الحزب وطريقته لتكوين الكتلة الحزبية، الثانية: مرحلة التفاعل مع الأمة لتحميلها الإسلام، حتى تتخذه قضية لها، كي تعمل على إيجاده في واقع الحياة، الثالثة: مرحلة استلام الحكم، وتطبيق الإسلام تطبيقاً عاماً شاملاً، وحمله رسالة إلى العالم.

انسجاماً مع أيديولوجيته الثورية الانقلابية، وطبيعته السرية، اعتمد حزب التحرير في بنائه الهيكلي التنظيمي على شكل منظمة بيروقراطية صارمة، مستعار من المنظمات الاشتراكية الثورية. ويضم حزب التحرير إلى عضويته الرجال والنساء، لكنه من الناحية العملية فشل في استقطاب النساء لعضويته، فهو تنظيم ذكوري بصورة أساسية. ويتكون الحزب من هيكلية هرمية تتصدره "لجنة القيادة" التي يترأسها رئيس الحزب مركزياً، تليها "لجنة الولاية" التي تتشكل في كل بلد يعمل فيها الحزب. ورغم صلابة الهيكل التنظيمي لحزب التحرير، فإن طبيعة التنظيم الطليعية النخبوية والسرية، ونهجه الراديكالي الانقلابي، حالت دون تجنيد أعداد كبيرة في صفوف الحزب، وتسببت أيديولوجيته بحظره قانونياً والتعرض لضغوطات أمنية وملاحقات مستمرة.

 

تكمن إشكالية الخلافات والانشقاقات داخل حزب التحرير في تصلّبه الأيديولوجي الفكري وجموده الهيكلي التنظيمي، إذ كانت طريقة قيادة الحزب في التعامل مع التحولات السياقية السياسة والاجتماعية أحد أهم العوامل والأسباب التي أدت إلى الخلافات الداخلية، وشكلت قضايا التحولات الديمقراطية والثورات الشعبية فرصة وتحد لحزب التحرير، لكن الحزب تمسك بأيديولوجيته وافتقر إلى المرونة والقدرة على التكيف مع تحول السياقات السياسية والاجتماعية

تكمن إشكالية الخلافات والانشقاقات داخل حزب التحرير في تصلّبه الأيديولوجي الفكري وجموده الهيكلي التنظيمي، إذ كانت طريقة قيادة الحزب في التعامل مع التحولات السياقية السياسة والاجتماعية أحد أهم العوامل والأسباب التي أدت إلى الخلافات الداخلية، وشكلت قضايا التحولات الديمقراطية والثورات الشعبية فرصة وتحد لحزب التحرير، لكن الحزب تمسك بأيديولوجيته وافتقر إلى المرونة والقدرة على التكيف مع تحول السياقات السياسية والاجتماعية. فقد حافظ حزب التحرير على أيديولوجيته كجماعة إسلامية سياسية "راديكالية"، تنبذ المشاركة السياسية والتكيّف مع الديمقراطية، ورافضة للعمل القتالي الجهادي والانخراط في الثورات المسلحة.

تعزز رؤية حزب التحرير للديمقراطية التصورات الاستشراقية والثقافوية الغربية والنظرة الجوهرانية التي ترى أن الإسلام لا يتوافق مع الديمقراطية، وأن الحركات الإسلامية التي تتبنى الديمقراطية تستخدمها تكتيكياً بهدف الوصول إلى السلطة. ويبدو أن حزب التحرير من أنصار النظرية الجوهرانية، ومعاد للنظرة السياقية والتأويلات والتفسيرات التي ترى أن الإسلام متوافق مع أشكال معينة من القيم الديمقراطية وفق مفهوم الشورى. لكن حزب التحرير برفض كافة التأويلات والتفسيرات حول الديمقراطية الإسلامية بصورة جذرية، وباعتبارهما مفهومين متناقضين تماماً، إذ تُعرّف الديمقراطية عند حزب التحرير باعتبارها أيديولوجية تقوم على العلمانية. وإذا كان نظام الخلافة والدولة الإسلامية يغاير ويتناقض مع الأيديولوجيات المنافسة للإسلام كالرأسمالية والاشتراكية، فإن ما ينبثق عن هذه الأيديولوجيات وفي مقدمتها الديمقراطية كنظام سياسي يعتبر نظام كفر، وهو من أخطر التحديات التي تواجه العالم الإسلامي.

 

حزب التحرير اليوم فقدَ جاذبيته وأصبح ظلاً لما كان عليه سابقاً، إذ بات يفتقر إلى مقتضيات التثقيف والتفاعل والكفاح السياسي، وأصبح مبدأ طلب النصرة كطريق لإقامة الخلافة خطابياً وشكلياً، ومتنازعا ومشكوكا في صحته أصلاً

بحكم تصلب حزب التحرير الأيديولوجي، وطبيعته السياسية الراديكالية ونهجه الانقلابي وجمود هيكليته وتكوينه التنظيمي الطليعي السري، بقي الحزب منذ تأسيسه نخبوياً، ولم ينجح بالتواصل والتفاعل مع الجماهير، وهو ما أفسح المجال لظهور حركات إسلامية أكثر مرونة وبراغماتية كالإخوان المسلمين، أو جماعات أشد راديكالية وثورية قتالية كالسلفية الجهادية، وقد تراجع الحزب خلال السنوات التي أعقبت ثورات الربيع العربي، وهو اليوم يعاني من حالة من الجمود بسبب الحظر المفروض عليه والقيود القانونية والملاحقات الأمنية، وبسبب الخلافات والانشقاقات التي تسببت بها التحولات الديمقراطية والثورات الشعبية.

خلاصة القول أن حزب التحرير اليوم فقدَ جاذبيته وأصبح ظلاً لما كان عليه سابقاً، إذ بات يفتقر إلى مقتضيات التثقيف والتفاعل والكفاح السياسي، وأصبح مبدأ طلب النصرة كطريق لإقامة الخلافة خطابياً وشكلياً، ومتنازعا ومشكوكا في صحته أصلاً، فقد شكلت التحولات الديمقراطية والانتفاضات الثورية لحزب التحرير تحديا وتهديدا أكثر من كونهما فرصة، وقد عصفت هذه التحولات بالحزب وخلقت أزمة في القيادة، وتنامت الانشقاقات وتكاثرت الاتهامات لقيادة الحزب بالانحراف عن منهجه والتخلي عن طريقته، ووصف القيادة بالجهل والعجز، والاقتصار على إصدار الكتب والنشرات عبر الفضاء الإلكتروني ووسائل التواصل الاجتماعي.