- ℃ 11 تركيا
- 14 نوفمبر 2024
جورج فريدمان يكتب: كيف تغيرت النظرة لحرب أوكرانيا بالكامل؟
جورج فريدمان يكتب: كيف تغيرت النظرة لحرب أوكرانيا بالكامل؟
- 1 مايو 2022, 8:10:44 م
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
بدأت الحرب في أوكرانيا في ظل افتراض خاطئ يتشاطره الكثيرون، بما في ذلك الولايات المتحدة، بأنه إذا غزت روسيا أوكرانيا، فإن موسكو ستنتصر انتصارا ساحقا، وستفعل ذلك بسرعة. ونشر الروس قواتهم بلا مبالاة، دون احترام كبير للأوكرانيين.
وعندما واجه الروس مقاومة ضد قواتهم التي عملت إلى حد كبير بدون دعم جوي، فقد أقروا بالمشاكل لكنهم استمروا في افتراض أن ذلك مجرد احتكاك في ساحة المعركة وليس شيئًا يخاطر بالنتيجة التي افترضوا أنها محسومة.
ولا تزال الولايات المتحدة تميل إلى مشاركة هذا الرأي لكنها أرسلت إمدادات عسكرية إلى أوكرانيا عبر بولندا، وهي خطوة تهدف إلى إظهار أن واشنطن كانت ملتزمة بالمقاومة أكثر من الاعتقاد بأن روسيا في خطر.
واصلت موسكو الضغط على 3 جبهات: من بيلاروسيا في الشمال، عبر دونباس في الشرق، ومن القرم في الجنوب. لقد كان تقدمًا فوضويًا نظرا لافتقاد تنسيق الجبهات وعدم القدرة على إدارة 3 جبهات منفصلة في وقت واحد.
وبدا الفشل الروسي متمثلا في سرب الدبابات الذي يبلغ طوله 60 كيلومترا وهو يتحرك جنوبا من بيلاروسيا باتجاه كييف.
وكان الشيء الأكثر إثارة للدهشة، والذي من المرجح أن يدرسه المؤرخون العسكريون لسنوات قادمة، هو أن المقاومة الأوكرانية لم تنكسر بل تعززت في كثير من الحالات.
وأدى ذلك إلى إعادة تقييم من قبل كل من الأمريكيين والروس بأن الأوكرانيين قد يقاومون بنجاح لفترة طويلة من الزمن، مما يحرج الروس كثيرًا لدرجة أنه سيكلفهم المصداقية التي هم في أمس الحاجة إليها مع شركاء مثل الصين. ومن وجهة النظر الأمريكية، تحولت أوكرانيا من كونها قضية خاسرة إلى فرصة استراتيجية.
وكان هذا التحول ممكنا بسبب الإخفاقات الروسية. وكانت واشنطن قد اتخذت خطوات بالفعل في توحيد الناتو وكذلك شن حرب اقتصادية غير مسبوقة باعتبارها أقل خطورة من الناحية الاستراتيجية. لكن هذا لا يفسر المشاكل الروسية في ساحة المعركة.
لقد تركزت مشاكل الروس في الدعم اللوجيستي ونقص المشاة المدربين. وحتى عندما تخلت روسيا عن اندفاعها المدرع نحو كييف من بيلاروسيا، ومع تبنيها استراتيجية أكثر حذرًا للتحرك في دونباس شرقا وأوديسا جنوبا، لم يكن الوقت في صالح موسكو.
لذلك جلبت روسيا قائدًا جديدًا استخدم استراتيجية مزدوجة في سوريا عبر المزج بين الحرب التقليدية والهجمات المضادة للسكان. ونجحت نفس التكتيكات المطبقة على المناطق الحضرية ولكن بشكل أبطأ ومع خسائر للمشاة أكبر مما يمكن لروسيا تحمله بسهولة. وأصبح من الواضح أن القوات الأوكرانية ذات إرادة عالية ومدربة تدريباً معقولا.
بمعنى آخر، يمكن أن يتكبدوا خسائر ولكن لا تنهار قوتهم. ولم يكن الأمر كذلك مع روسيا. ومن المحتمل جدًا أن تقاتل أوكرانيا الروس إلى نهاية طريق لا يستطيع الروس تحمله عسكريًا أو سياسيًا.
في هذه المرحلة، تغيرت استراتيجية الولايات المتحدة. خلال عطلة نهاية الأسبوع، ذهب وزيرا الخارجية والدفاع إلى كييف متجاهلين الاعتراض الروسي، وعرضوا على الأوكرانيين ضخ كميات هائلة من الأسلحة، من الطائرات المسيرة إلى المدفعية والرادار وكل ما يلزم لتسليح جيش حديث.
وسيستغرق وصول هذه الأسلحة عبر بولندا بعض الوقت، لذلك يبدو أن واشنطن مقتنعة أن القتال سيستمر خلال الأسابيع والأشهر التي سيستغرقها التسليم. وعندما ننظر إلى المجموعة الكاملة من الأسلحة، يمكننا أن نلمح أن الولايات المتحدة تقوم الآن بتسليح قوة قادرة على شن الهجوم.
لطالما انخرطت الولايات المتحدة وروسيا في الحرب، ولكن بمعنى ما، أصبحت المعركة الآن مبارزة مفتوحة بينهما. يجب على الروس توفير القوات والمعدات، فيما تقدم الولايات المتحدة المعدات وليس القوات.
وتراهن واشنطن على أن أوكرانيا لديها القدرة على إرسال قوات أكثر وأفضل تدريباً ومسلحة بأسلحة متطورة، بينما ستكافح روسيا لتعويض خسائرها. ومن الأسهل بكثير على الولايات المتحدة إنتاج وشحن الأسلحة بينما يتكبّد الروس الخسائر.
ويضع ذلك روسيا في موقف صعب. وبالنظر إلى تدفقات الأسلحة المعلنة والأسلحة الأخرى التي من المحتمل أن يتم توريدها، يجب أن تحاول إنهاء الحرب في الشهر المقبل أو نحو ذلك.
فبعد أن فشلت في كسر إرادة الأوكرانيين، يتجه مسار الحرب ضد الروس. ومن الواضح أن الزيارة التي قام بها اثنان من كبار المسؤولين في الكابينيت والقائمة المفتوحة من شحنات الأسلحة تهدف إلى إرسال رسالة إلى موسكو بأنها ستتكبد خسائر على يد الأوكرانيين فحسب، بل قد تضطر روسيا للخروج من ساحة المعركة تمامًا.
ومن الواضح أن هجومًا استباقيًا روسيًا أصبح الآن محتملا، لكن الاستراتيجية الواضحة بالنسبة لأوكرانيا تتمثل في الصمود وإعادة التسلح. ربما يأمل الأمريكيون أيضًا في أن يجبر هذا الروس على الجلوس إلى طاولة المفاوضات. وسيكون ذلك أقل خطورة. ومن المؤكد أن الروس، الذين يدركون بأن هذا سيحدث، سيتعين عليهم إعادة ضبط حرب لم يتم ترتيبها ومعايرتها بشكل جيد.
* د. جورج فريدمان كاتب وعالم سياسة أمريكي
المصدر | جيوبوليتيكال فيوتشرز