- ℃ 11 تركيا
- 5 نوفمبر 2024
تطورات جيوسياسية.. إلى أين تتجه العلاقات بين أذربيجان ودول الخليج؟
تطورات جيوسياسية.. إلى أين تتجه العلاقات بين أذربيجان ودول الخليج؟
- 17 مارس 2022, 6:01:06 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تزايدت أهمية أذربيجان الجيوسياسية منذ نهاية حرب ناجورنو كاراباخ 2020 التي استعادت من خلالها السيطرة على الأراضي المتنازع عليها مع أرمينيا.
وبدأت باكو منذ ذلك الحين في تنفيذ سياسات تحول اقتصادي تحاكي نموذج الدول الخليجية القريبة.
وتعد الإمارات والسعودية أكبر شركاء تجاريين لأذربيجان في المنطقة، ولدى كل منهما مصلحة في تعزيز الروابط الاقتصادية مع باكو، كما تشترك هذه الدول في التصورات حول التهديد المتعلق بإيران والتطرف.
الجغرافيا السياسية من بحر قزوين إلى الخليج
تتشارك أذربيجان في العديد من المصالح السياسية مع دول الخليج، وخاصة السعودية والإمارات، فقد اتبعت باكو أجندة عدوانية ضد ما تراه تشددًا دينيًا أو قوميا، حتى إن أذربيجان وقفت أمام حليفتها تركيا لرفض اقتراح قدمه "حزب الحركة القومية" التركي في مايو/أيار 2021 لإنشاء مدرسة في شوشا في منطقة كاراباخ.
ومن المرجح أن يكون السبب هو خطابه الراديكالي، والتدقيق الذي يواجهه الفرع الشبابي المعروف بـ"الذئاب الرمادية" في أوروبا بسبب الهجمات ضد الأرمن وغيرها.
كما تشترك أذربيجان ودول الخليج في رؤية إيران كتهديد مشترك.
وقد تزايدت التوترات بين أذربيجان وإيران منذ سبتمبر/أيلول 2021، مع تصاعد تحذيرات القادة الإيرانيين من العلاقة الوثيقة لأذربيجان مع إسرائيل وتركيا.
وبالرغم أن باكو حاولت أن تبني سياسة محايدة بين إيران وإسرائيل، إلا أن دعم إسرائيل لأذربيجان في نزاع ناجورنو كاراباخ غير الأنماط الإقليمية.
ونظرًا لأن البيئة الأمنية في الخليج تتغير بسرعة، مع الهجمات الأخيرة على الإمارات من قبل الحوثيين في اليمن، فيمكن أن تكون أذربيجان شريكًا مهمًا للخليج على الحدود مع إيران.
علاوة على ذلك، فإن دول الخليج بدأت تلعب دور الوسيط في جنوب القوقاز.
وقد أشاد الرئيس الأرميني السابق "أرمين ساركيسيان" بمساهمة الإمارات في "السلام والاستقرار الإقليميين" بين أذربيجان وأرمينيا، كما شهد عام 2021 أول زيارة لمسؤول أرميني إلى السعودية.
اقتصاديات التقارب
في السنوات الأخيرة، عملت أذربيجان على تنويع اقتصادها لتقليل اعتمادها على النفط والغاز الطبيعي من خلال الاستثمار في قطاعات أخرى في مقدمتها السياحة والطاقة المتجددة.
وتعتبر دول الخليج نموذجًا مفيدًا في هذا الصدد.
علاوة على ذلك، تحاول أذربيجان حاليًا جذب المستثمرين الأجانب إلى منطقة كاراباخ التي دمرها الصراع على مدى 3 عقود.
وباعتبارها دولة "ترانزيت"، تولي أذربيجان أهمية كبيرة لإنشاء وصيانة طرق تجارية جديدة.
ومع تسوية نزاع ناجورنو كاراباخ، فإن مكان باكو عند تقاطع مبادرة الحزام والطريق الصينية والممر الدولي للنقل بين الشمال والجنوب، قد يقدم لها فرصة للعب دور أكبر وزيادة الاتصال مع دول الخليج وغيرها.
علاوة على ذلك، تهدف اتفاقية موقعة مؤخرًا بين أذربيجان وجورجيا وإيران إلى ربط الخليج بالبحر الأسود، مما يخلق فرصًا اقتصادية لدول الخليج إذا نجحت جهود التقارب مع إيران.
وتعد الدول الخليجية من بين أكبر شركاء الاستثمار بالنسبة لأذربيجان.
ومع ذلك، فإن هذه العلاقة غير متناظرة حيث إن الاستثمارات الخليجية أكبر في سوق أذربيجان. وحاليًا، هناك 280 شركة خليجية تعمل في أذربيجان.
من بين دول مجلس التعاون الخليجي، تعد الإمارات أكبر شريك تجاري لأذربيجان، حيث استحوذت على 76% من حجم تجارة أذربيجان مع الخليج في عام 2020.
وارتفع معدل التجارة الثنائية بنسبة 41% في النصف الأول من عام 2021، وفقًا لوزير الاقتصاد الأذربيجاني "ميكايل جباروف".
وقال وزير الاقتصاد الإماراتي "عبد الله بن طوق المري" إن الحجم الكلي للتجارة مع أذربيجان تجاوز 1.2 مليار دولار في عام 2020.
ووصف "المري" أذربيجان بـ"الدولة الصديقة"، وأشار إلى أنها وجهة سياحية شهيرة للمواطنين الإماراتيين وكذلك الحال بالنسبة لفرص التعليم والتجارة و الاستثمار.
وتعد السعودية ثاني أكبر شريك خليجي لأذربيجان، وقد ارتفع معدل التجارة مع أذربيجان بنسبة 47% في الأشهر العشرة الأولى من عام 2021.
واعتبارُا من عام 2019، بلغ إجمالي الاستثمار السعودي العام والخاص في أذربيجان حوالي 370 مليون دولار.
ويمكن للسعودية والإمارات أن تلعبا أدوارًا كبيرة في التحول الاقتصادي لأذربيجان والاستثمارات في منطقة كاراباخ، مثلما حدث في محطة طاقة الرياح "خيزي أبشيرون"، حيث استثمرت شركة "أكوا" السعودية 300 مليون دولار في المصنع، لتكون أكبر استثمار أجنبي في هذا القطاع في أذربيجان.
وفي عام 2021، وقعت الشركة الإماراتية "مصدر" صفقة طاقة شمسية بمبلغ 200 مليون دولار في أول مشروع مستقل قائم على الاستثمار الأجنبي في قطاع الطاقة الشمسية في أذربيجان.
وتخطط باكو لزيادة سعة الطاقة من مصادر متجددة بنسبة 30% بحلول عام 2030.
تأثير تركيا في العلاقات الأذربيجانية الخليجية
حافظت أذربيجان منذ فترة طويلة على توازن في علاقاتها مع تركيا ودول الخليج.
وكانت السعودية واحدة من أول الدول التي اعترفت باستقلال أذربيجان في ديسمبر/كانون الأول 1991، وقدمت المملكة مساعدات إنسانية لأذربيجان خلال وبعد حرب ناغورنو كاراباخ 1988-1994، وتجنبت الرياض إقامة علاقات مع أرمينيا حتى يتم إعادة الأراضي المتنازع عليها إلى أذربيجان، ودعمت السعودية السلامة الإقليمية لأذربيجان خلال نزاع ناغورنو كاراباخ في 2020.
وبالمثل، دعمت دولة الإمارات سلامة أذربيجان الإقليمية، إلى جانب الكويت وقطر، ومنعت مواطنيها من زيارة المناطق المتنازع عليها في كاراباخ في عام 2018.
ومع ذلك، فإن التوترات بين تركيا والإمارات والسعودية حدّت من تواصل أذربيجان مع الخليج.
وتضغط العلاقات الأذربيجانية التركية الوثيقة على علاقات باكو مع الإمارات والسعودية.
ومع الانفتاح التركي الأخير على الإمارات والسعودية، والذي أبرزته زيارة الرئيس "رجب طيب أردوغان" إلى أبوظبي في فبراير/شباط، قد تعود أذربيجان إلى مسارها في تنمية علاقاتها بالخليج.
ووفقًا لرئيس أذربيجان "إلهام علييف"، فإن العلاقات بين دول الخليج وأذربيجان ليست على المستوى المرغوب، ما يعني أن "علييف" يريد تعزيز هذه العلاقات.
وتحتاج باكو إلى شركاء إقليميين ودوليين وخليجيين لمواجهة التهديدات المستقبلية في الشرق الأوسط وشمال القوقاز وآسيا الوسطى.
وفي حين أن العلاقات مع دول الخليج ليست على المستوى المرغوب من الجانبين، فإنها واعدة وتتقدم بسرعة.
ويمكن أن تقدم الشراكة بين أذربيجان ودول الخليج فرصًا اقتصادية هائلة تمتد إلى البلدان المجاورة.
المصدر | أوجول تونا/ معهد دول الخليج في واشنطن