- ℃ 11 تركيا
- 25 ديسمبر 2024
تسفي برئيل يكتب: ترامب يهدّد مَن يعرقل الصفقة.. وماذا لو كانت إسرائيل؟
في مقال بصحيفة "هآرتس"
تسفي برئيل يكتب: ترامب يهدّد مَن يعرقل الصفقة.. وماذا لو كانت إسرائيل؟
- 7 ديسمبر 2024, 11:53:35 ص
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
"إذا لم يُطلَق سراح المخطوفين قبل 20 كانون الثاني/يناير، الموعد الذي سأتولى فيه، بفخر، منصبي كرئيس للولايات المتحدة، سيكون هناك جحيم سيدفع ثمنه الشرق الأوسط وكل الذين ارتكبوا فظائع ضد الإنسانية".
هذا ما توعّد به ترامب يوم الإثنين، وأضاف: "سيتلقى المسؤولون ضربة هي الأقوى في تاريخ الولايات المتحدة الطويل".
مَن يهدد ترامب تحديداً، وما هي الأدوات التي لديه؟ وما هو نوع العقاب الذي سيفرضه على المسؤولين؟ وماذا لو جرى إطلاق سراح المختطفين، هل سيتنازل عن العقاب الموعود؟
يبدو أن العنوان المباشر الذي وُجّه إليه هذا التهديد هو مَن بقي من زعامة "حماس" التي لا تزال في قطر. لكن هؤلاء المسؤولين الكبار، وعلى رأسهم خليل الحية، نائب يحيى السنوار، وموسى أبو مرزوق، هما اللذان يُجريان المفاوضات مع مصر وقطر وإسرائيل، وليس هناك ما يؤكد أنهما يعرفان عدد المخطوفين الذين ما زالوا في قيد الحياة، وهل هم في يد تنظيمات تسيطر عليها "حماس".
هذه المسألة حساسة لأنه وفق العديد من التقارير، فإن قسماً من المخطوفين، أو من جثامينهم، موجود في يد سكان من غزة قُتلوا في الحرب، ومن المحتمل أن يكون من الصعب العثور عليهم.
لكن بافتراض أن "حماس" قادرة على إطلاق سراح كل المخطوفين، تبقى مسألة أساسية لجمت تقدُّم المفاوضات، حتى الآن، ألا وهي مطالبة "حماس" بالوقف الكامل للحرب وسحب قوات الجيش الإسرائيلي من القطاع، والسماح بدخول المساعدات الإنسانية بحجم كبير، والبدء بإعادة إعمار غزة.
وبحسب التقارير في إسرائيل، وفي وسائل الإعلام العربية، وافقت "حماس" على إبداء مرونة في مواقفها إزاء عدد من هذه المطالب. فهي لم تعد تشترط إطلاق المخطوفين بالانسحاب الكامل، ودفعة واحدة؛ لقد جرى الحديث عن هذا التنازل قبل أسابيع، ووافقت "حماس" أيضاً على تشكيل لجنة مهنية تدير المسائل المدنية في القطاع، وخصوصاً توزيع المساعدات الإنسانية.
وفي الواقع، تحدثت "هآرتس" في مطلع تشرين الثاني/نوفمبر عن التوصل إلى اتفاق مبدئي على تشكيل اللجنة، وأن رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس ذهب خصيصاً إلى القاهرة من أجل إعطاء موافقته، ومن المفترض أن يُصدر مرسوماً رئاسياً بشأن تشكيل اللجنة. لكن برزت خلافات في اللحظة الأخيرة على تقاسُم المهمات في اللجنة، وعلى السيطرة عليها، عرقلت الخطوة. وعاد عباس إلى رام الله، لكن مصر واصلت الدفع قدماً بالفكرة من خلال نقاشات مكثفة ومحادثات أجراها الرئيس المصري مع الرئيس بايدن وموفديه، ومع ترامب.
هذا الأسبوع، جرى الحديث عن مقترح مصري جديد تم التوصل إليه بعد إبداء مرونة إضافية من "حماس". في الأساس، بشأن المرحلة الأولى من الصفقة والفترة الزمنية التي تستطيع خلالها إسرائيل البقاء في القطاع، قبل الانسحاب الكامل.
ويتضمن المقترح الجديد تطويراً لفكرة الإدارة المدنية والسيطرة على معبر رفح، والتي تعتمد إلى حد بعيد على النموذج الذي كان قائماً لإدارة المعبر قبل سنة 2005. لكن المقترح تضمّن أيضاً المطالبة بوقف الحرب وانسحاب إسرائيل من القطاع في النهاية. وهناك شرط جديد طرحته "حماس"، هو أن تتدخل الولايات المتحدة وتضمن تطبيق إسرائيل للتفاهمات التي جرت الموافقة عليها، والشبيهة بالضمانات التي أعطتها واشنطن للبنان، وشكلت الأساس لموافقة لبنان (حزب الله) على اتفاق وقف إطلاق النار.
إذا شكلت مسألة الضمانات الأميركية جزءاً من الصفقة، فإنها ستطرح مشكلة مشابهة لتلك التي طرحتها إيران في المفاوضات التي جرت قبل عامين بشأن الاتفاق النووي المحدّث.
يومها، طالبت طهران بضمانات في المدى البعيد بشأن عدم خرق الاتفاق مرة أُخرى من طرف الرئيس الحالي، أو الذي سيأتي من بعده. وكان الرئيس بايدن مستعداً لتوقيع هذه الضمانات، لكنه أوضح لإيران أنه، قانونياً، لا يمكنه أن يُلزم الإدارات الأميركية التي ستأتي بعده، وخصوصاً ترامب، الرئيس الذي انسحب من الاتفاق في سنة 2018 .
وما ينطبق على إيران، ينطبق على غزة، في إمكان بايدن التعهد بتنفيذ الاتفاق مع "حماس" حتى 20 كانون الثاني/يناير، لكن هل ترامب مستعد الآن لتقديم ضمانات لاتفاق مع "حماس"، بأن تنفّذ إسرائيل الجزء المطلوب منها؟
بعكس الاتفاق النووي، أو اتفاق وقف إطلاق النار مع لبنان، ما يجري الحديث عنه في غزة هو اتفاق متبادل، ولو بشكل غير مباشر، بين إسرائيل و"حماس". وتساهم في إعداده دول تقوم بدور الوساطة، مثل قطر ومصر، وتركيا بصورة غير مباشرة، لكن هذه الدول ليست في موقع "دول ضامنة"، أو "دول مشاركة"، مثل مجموعة الدول الخمس زائد واحد التي وقّعت الاتفاق النووي، أو مثل الشراكة الأميركية –الفرنسية مع الأمم المتحدة التي تعمل كشراكة حقيقية في تطبيق الاتفاق مع لبنان.
ترامب الذي يهدد مَن سيعرقل صفقة المخطوفين، قبل 20 كانون الثاني/يناير، يجب عليه الإجابة عن أسئلة أساسية: هل هو مستعد شخصياً ليكون شريكاً في الاتفاق، ويضمن تطبيق إسرائيل له؟ وكيف سيردّ الرئيس المنتخب إذا اتضح له أن العقبة في طريق تنفيذ الاتفاق موجودة في "القدس"، وليس في غزة؟ وهل سيقوم حينها "بضرب المسؤولين عن ذلك بقوة لم يعرفها التاريخ الأميركي"؟
ثمة عنوان آخر لضغط ترامب، وهو قطر التي انسحبت من المفاوضات، ثم عادت إليها.
وفسّرت إسرائيل ذلك بأنها إشارة إيجابية تدل على التقدم في المفاوضات، ونتيجة مباشرة لتهديدات ترامب... لكن العلاقة بين عائلة ترامب وقطر لا تقوم على التهديدات. ففي سنوات ولاية ترامب السابقة أغدق الرئيس الثناء على الدولة الخليجية التي حصلت، خلال ولاية بايدن، على مكانة دولة حليفة استراتيجية للولايات المتحدة غير عضو في الناتو.
في أيلول/سبتمبر الماضي، وبعد الاجتماع بين ترامب و أمير قطرالشيخ تميم بن حمد آل ثاني، قال ترامب: "لقد أثبت الأمير أنه زعيم كبير وقوي في دولته. وهو شخص يريد السلام في الشرق الأوسط، وفي العالم كله. لقد ربطتني به علاقات ممتازة خلال ولايتي الماضية، وستكون أفضل في ولايتي هذه".
ومن غير الضروري التذكير بالعلاقات الممتازة التي تربط الملياردير الأميركي ستيف فيكتوف، الموفد الخاص للرئيس ترامب إلى الشرق الأوسط، بقطر.
مَن يتوقع أن يفرض ترامب عقوبات على قطر، وأن يفكك أكبر قاعدة عسكرية أميركية في الشرق الأوسط موجودة هناك، أو يحوّل أمير قطر إلى شخص غير مرغوب فيه في الولايات المتحدة، سيكتشف أن ترامب، تحديداً، يريد تجنيد قطر من أجل تمويل إعادة إعمار غزة، ومن أجل الدفع قدماً باتفاق تطبيع بينها وبين إسرائيل.
الاتفاق بين إسرائيل ولبنان، وأيضاً الاتفاق الذي يمكن أن يوقّع بين إسرائيل و"حماس"، لا يحققان للرئيس بايدن الإنجاز السياسي الذي يتمناه، ولا يجعلان الطاولة نظيفة لدى مجيء ترامب. الرئيس الذي تطمح أيديولوجيته إلى إبعاد الولايات المتحدة عن النزاعات الدولية والإقليمية، يرث اتفاقين يفرضان عليه مسؤولية الحرص على تطبيقهما.
في لبنان، سيبدأ الاختبار العملي مع انسحاب الجيش الإسرائيلي من لبنان في الموعد الذي سيكون ترامب موجوداً في البيت الأبيض.
وإذا جرى هذا الأسبوع توقيع اتفاق مع "حماس"، وفق المقترح المطروح الآن، من الأفضل ألّا تحبس أنفاسك، لأن تطبيقه سيستمر خلال فترة ولاية ترامب. وهذه المسؤولية هي التي ستحدد حجم "الحرية" التي سيمنحها ترامب للحكومة الإسرائيلية، مستقبلاً، وفي الأساس، لمخططي "المستوطنات الناشئة " في غزة.