- ℃ 11 تركيا
- 16 نوفمبر 2024
ترقب مصري.. كيف يؤثر الصراع في إثيوبيا على سد النهضة؟
ترقب مصري.. كيف يؤثر الصراع في إثيوبيا على سد النهضة؟
- 23 نوفمبر 2021, 7:41:55 م
- 740
- تم نسخ عنوان المقال إلى الحافظة
تقف مصر وكذلك المجتمع الدولي بأسره في حالة ترقب بعد تصاعد الصراع في إثيوبيا مع مواصلة "جبهة تحرير شعب تيجراي" السيطرة على مدن استراتيجية قريبة من العاصمة أديس أبابا.
وتخشى كل من الحكومة الإثيوبية أن تصل "جبهة تحرير شعب تيجراي" إلى أديس أبابا خاصة بعد أن نجحت في تشكيل تحالف يضم 9 مجموعات مسلحة من الأورومو.
وتثير التطورات الأخيرة في إثيوبيا مخاوف كبيرة لدى الحكومة المصرية، خاصة أن القاهرة على خلاف مع أديس أبابا بسبب رفض الأخيرة التوصل إلى اتفاق ملزم بشأن آليات ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.
مصر تريد الاستقرار
وقال اللواء "محمد علي بلال"، نائب رئيس أركان القوات المسلحة المصرية السابق، لـ "المونيتور": "لا شك أن أي صراعات أو عدم استقرار في إفريقيا يؤثر على مصر لأننا ننتمي إلى هذه القارة.. وبالفعل تؤثر التطورات في إثيوبيا علينا بشكل مباشر فيما يتعلق بمسألة سد النهضة.. وإذا استمر الصراع لفترة طويلة سيكون من الصعب إيجاد طرف متماسك يتفاوض مع مصر؟ وسيزداد الأمر تعقيدا إذا وصلت جبهة تحرير شعب تيجراي إلى السلطة؟".
وأضاف: "لسنا متأكدين مما إذا كانت جبهة تحرير شعب تيجراي تتفق معنا على آليات تشغيل السد لذلك تراقب مصر الصراع في إثيوبيا عن كثب.. وتريد القاهرة الاستقرار في أديس أبابا حتى تتمكن من التفاوض مع حكومة مستقرة".
وتابع قائلًا: "أعتقد أن مصر تتشاور حاليًا مع الولايات المتحدة من أجل ممارسة ضغوط على أطراف النزاع لإنهاء الأزمة الحالية".
وترك الصراع في إثيوبيا ما يقرب من 5 ملايين شخص في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدات، وما لا يقل عن 350 ألف شخص على شفا المجاعة. وعانت تيجراي من مجاعة بين عامي 1983 و 1985 أسفرت عن مقتل أكثر من مليون شخص وشردت أكثر من مليوني شخص داخليًا، وفقًا لتقارير المنظمات الأمريكية المعنية بالمساعدات الغذائية.
وتعد منطقة تيجراي موطنًا لـ 7 ملايين شخص من بين 122 مليون نسمة في إثيوبيا، وهي ثالث أكبر مجموعة عرقية في البلاد بعد الأورومو وأمهرة. وتنقسم إثيوبيا إلى 10 ولايات إقليمية بموجب نظام فيدرالي يمنح كل مجموعة عرقية الحق في إدارة منطقتها وتحديد مصيرها. ويحاول رئيس الوزراء "آبي أحمد" التراجع عن ذلك، وقد وصف ما فعلته تيجراي - حين أجرت انتخابات إقليمية في سبتمبر/أيلول 2020 - بأنه تجاوز للخط الأحمر.
موقف الجبهة من السد
لا علاقة للصراع بين تيجراي والحكومة الإثيوبية بسد النهضة حيث تدعم تيجراي السد لأنه مشروع إثيوبي وليس مشروع "آبي أحمد". لكن الصراع مستمر بين الطرفين بسبب رغبة "جبهة تحرير شعب تيجراي" في رفع الحصار المفروض على أهالي تيجراي بعد أن عرقلت الحكومة إيصال المساعدات الإنسانية لسكان المنطقة.
ومن ناحية أخرى، ترفض "جبهة تحرير شعب تيجراي" تسليم أي جزء من الأراضي لإريتريا، وتطالب بانسحاب الجنود والمليشيات الإريترية من المنطقة لا سيما وأن الجبهة تتهم "أحمد" بالتقارب مع إريتريا على حساب مصالح وشعب تيجراي.
وبعد أشهر قليلة من توليه السلطة، وقع "أحمد" اتفاق سلام مع إريتريا في 2018 وحصل على جائزة نوبل للسلام في 2019، ولكن ذلك أثار غضب سكان منطقة تيجراي، وبدأت "جبهة تحرير تيجراي" في التجهيز لتجدد الصراع مع الجيش الإثيوبي.
وفي 4 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، نفذت "جبهة تحرير شعب تيجراي" هجوماً على القيادة الشمالية للجيش الإثيوبي في مدينة ميكيلي عاصمة تيجراي، ما دفع "أحمد" إلى إرسال قوات من الجيش الإثيوبي إلى تيجراي. ونجحت تلك القوات بعد 3 أسابيع من المعارك في إحكام قبضتها على المنطقة، مما أجبر قادة "جبهة تحرير شعب تيجراي" على الفرار إلى الجبال القريبة.
وأعلن "أحمد" على الفور وقف الأعمال العدائية في 28 نوفمبر/ تشرين الثاني 2020، مما دفع قوات "جبهة تحرير شعب تيجراي" إلى العودة تدريجيًا إلى المنطقة حتى تمكنوا من السيطرة الكاملة عليها في يونيو/حزيران، وهكذا تجدد الصراع مرة أخرى.
ما معنى ذلك بالنسبة للسد؟
وقال "حسين هريدي"، السفير المصري ومساعد وزير الخارجية الأسبق، لـ "المونيتور": "تريد مصر الهدوء والاستقرار في إثيوبيا. نريد من الحكومة الحالية أو المستقبلية أن تتفاوض معنا بحسن نية من أجل الوصول إلى حل أو اتفاق قانوني ملزم يلبي مصالح أطراف الأزمة". وأضاف: "يؤثر الوضع الأمني والسياسي في إثيوبيا سلبًا على إمكانية التوصل إلى اتفاق قانوني ملزم بشأن سد النهضة، لذلك تأمل القاهرة في مزيد من الاستقرار في إثيوبيا لتكون قادرة على إدارة قضية سد النهضة بطريقة بناءة تخدم مصالح جميع الأطراف".
ولمواجهة تقدم "جبهة تحرير شعب تيجراي" والقوات المتحالفة معها نحو العاصمة، اتخذت الحكومة الإثيوبية العديد من القرارات أبرزها فرض حالة الطوارئ على الدولة بأكملها لمدة 6 أشهر.
كما دعا "أحمد" الإثيوبيين إلى تسجيل أسلحتهم والاستعداد للدفاع عن أنفسهم والأحياء التي يعيشون فيها والتبرع بأموالهم للجيش الإثيوبي. ودعا "أحمد" الجنود المتقاعدين للانضمام إلى صفوف الجيش الإثيوبي مرة أخرى لمواجهة قوات تيجراي.
وكشف "جيتاتشو رضا"، المتحدث باسم "جبهة تحرير شعب تيجراي"، عن نوايا الجبهة بصراحة قائلا إن "قوات الجبهة تخطط للإطاحة بالحكومة الحالية ومحاكمتها وتشكيل حكومة مؤقتة والدعوة إلى حوار وطني".
وفي حديثه عن مدى قدرة إثيوبيا على تنفيذ الملء الثالث لسد النهضة، قال أستاذ الجيولوجيا والمياه "عباس شراقي" لـ"المونيتور" إن هناك بعض الإجراءات التي يجب على أديس أبابا اتخاذها قبل تنفيذ الملء الثالث، بما في ذلك تجفيف المياه التي تمر عبر الممر الأوسط لتتمكن من رفعه بالخرسانة.
وقال "شراقي": "يخزن كل متر من خرسانة الممر الأوسط ما يعادل نصف مليار متر مكعب من المياه. وعلى سبيل المثال، إذا نجحت إثيوبيا في رفع الممر الأوسط بمقدار 20 مترًا فيمكنها تخزين 10 مليارات متر مكعب. ومع ذلك لا تزال المياه تمر فوق الممر الأوسط وفقًا لصور الأقمار الصناعية".
وأعلنت إثيوبيا أنه من المتوقع أن يبدأ سد النهضة في إنتاج 700 ميجاواط من الكهرباء في عام 2022، مما يرفع قدرة توليد الكهرباء في البلاد بنسبة 14%.
ونفى "شراقي" أن تكون إثيوبيا قد نجحت في تخزين 18.5 مليار متر مكعب خلال التعبئة الثانية كما زعمت، قائلاً: "ارتفاع خرسانة الممر الأوسط يكفي عمليًا لتخزين 8 إلى 9 مليار متر مكعب فقط".
وإجمالا، يبدو أنه لا نهاية قريبة للصراع الحالي في إثيوبيا بالرغم من دعوات مجلس الأمن إلى وقف إطلاق النار. وفي غضون ذلك، ستظل مصر تتابع الأوضاع عن كثب لتقدير تداعيات هذه التطورات على ملف سد النهضة.
المصدر | باهر القاضي/ المونيتور